تقف مؤسسات حقوقية عاملة في الضفة الغربية عاجزة أمام قضايا انتهاك حقوق الإنسان التي يتعرض لها أنصار أو مؤيدو حركة حماس هناك، فإما أن تواجه تلك القضايا بالصمت وإما بالإشارة باستحياء دون أن تستطيع رد الحقوق لأهلها، في حين تجاهر بعضها بالمطالبة بحقوق متضررين على خلفية سياسية فتتعرض للملاحقات والتهديد.
حرمان من الوظائف
النائب عن حركة "حماس" بالمجلس التشريعي فتحي القرعاوي، أكد أن كل مَنْ يثبت انتماؤه لـ"حماس" بالضفة الغربية فإنه ممنوع من العمل في سلك الوظائف الحكومية بشكل عام، قائلًا: "هناك حرمان بشكل واسع وكبير في ظل صعوبة إحصاء الأعداد بسبب الأوضاع الراهنة بجانب فصل كثير من الموظفين من تلك الوظائف بسبب الانتماء السياسي".
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد -وفقًا لقرعاوي- بل شمل حرمان المنتمين لـ"حماس" من الرواتب، قائلًا: "وخير دليل على ذلك الأسرى المحررون المقطوعة رواتبهم الذين أصبح اعتصامهم خبرًا عالميًا، بجانب حرماننا نحن نواب "التشريعي" من رواتبنا منذ عام تقريبًا بشكل متواصل".
ويأتي الاعتقال السياسي كسبب لحرمان الكثيرين من المواطنين من الدراسة والعمل، يقول قرعاوي: "لا شك أن الاعتقال السياسي ما زال خنجرًا مغروسًا في خاصرة الشعب فهو يؤدي لغياب رب البيت أو أحد أفراد الأسرة ويحرمه من إكمال دراسته أو عمله، فأحد أبنائي -مثلًا- لم يستطِع أن يدرس في الجامعة منذ 15 عامًا ولم يستطِع التخرج بسبب الاعتقالات المتكررة سواء لدى الاحتلال الإسرائيلي أو السلطة الفلسطينية في فترة الامتحانات النهائية".
غير ذات جدوى
وأكد قرعاوي أن اللجوء للمؤسسات الحقوقية في حالات كهذه غير ذات جدوى، قائلًا: "للأسف المؤسسات الحقوقية تكتفي بالمراقبة والتسجيل فهم يأتون لمنزل المتضرر ويأخذون تقريرًا مفصلًا عن الحالة لكنهم لا يتوجهون للجهات المعنية كـ"السلطة" والأجهزة الأمنية بهذه الحالات".
وأضاف: "ففي أفضل الحالات هم يساعدون المتضرر في إيجاد محامٍ، في حين يخشون القيام بخطوات أخرى لأنهم يتعرضون للتهديد من الجهات الأمنية بل تعرض بعضهم للاعتداء كما حدث مع المحامي مهند كراجة الذي اعتدى عليه مجهولون في حين اتهم الأجهزة الأمنية بأنها وراء هذا الاعتداء".
وقال قرعاوي: "الوضع الحقوقي بالضفة صعب جدًا، وهذا ما نلمسه في قصور المؤسسات الحقوقية في قضية ماثلة للعيان الآن، وهي اعتصام وجهاء الأسرى الذين أمضوا زهرات شبابهم في سجون الاحتلال وعاقبتهم السلطة بقطع رواتبهم بسبب انتمائهم السياسي، والمعتصمين الآن في رام الله، حيث تعجز تلك المؤسسات عن إنصافهم".
دون المستوى المطلوب
بدوره بين منسق "محامون من أجل العدالة" مهند كراجة أن المؤسسات الحقوقية بالضفة الغربية لا تقوم بدورها تجاه الذين يعانون إجراءات تعسفية من جراء الانتماء السياسي، قائلًا: "بإمكان تلك المؤسسات أنْ تفعل أكثر من ذلك وفقًا لإمكاناتها الحالية وأن يكون لها تأثير أكبر كمثيلاتها في الوطن العربي والعالم".
وأضاف: "نلحظ أن المؤسسات الحقوقية في لبنان -مثلًا- هي التي تقود الحراك الشعبي، ففي كل القضايا الحقوقية تستطيع تلك المؤسسات أنْ تقوم بدور أساسي في تحريك السلطات الحاكمة لحلها بشكل يفوق قدرة الأحزاب السياسية على ذلك بسبب الضغط الذي يمكن أن تشكله من خلال التواصل مع السفارات والمؤسسات الدولية".
وتابع كراجة: "في موضوع انتهاكات حقوق الإنسان، فإن تلك المؤسسات الحقوقية هي القادرة على إيجاد نتائج حقيقية وملموسة لحل أي مشكلة"، مشيرًا إلى أنهم في التجمع ارتأوا أن موضوع الانتهاكات السياسية بحاجة لمزيد من العمل فبدؤوا في شهر يوليو من العام الحالي بمناصرة الذين يعانون انتهاكات حقوق الإنسان إعلاميًا وحقوقيًا لسد الفراغ في هذا الإطار وإيصال تلك القضايا للرأي العام المحلي".
وأكد كراجة أن ذلك عرض العاملين في التجمع لجملة من المضايقات من قبل أجهزة أمن السلطة، مشيرًا إلى أنه تعرض لمحاكمة بسبب مناصرته لتلك القضايا عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حين تلقى المحامون الذين يرافعون في قضايا سياسية تهديدات.
وقال: "المؤسسات الحقوقية الأخرى تخشى الملاحقة من قبل الجهات الرسمية والأمنية لذلك تحجم عن مناصرة مَنْ يعانون بسبب الانتماء السياسي".
وأضاف كراجة: "المفترض أن يكون هناك حماية للعاملين في المجال المدني والحقوقي ليتمكنوا من طرح قضايا انتهاكات حقوق الإنسان، لكنهم في الضفة يتعرضون للاعتقال السياسي مما يولد الخوف لديهم من التعامل مع تلك القضايا".
وبين أن انتهاكات حقوق الإنسان بالضفة تشمل النشطاء السياسيين والحقوقيين المناصرين لهم على حد سواء، وتتمثل في: الاعتقالات السياسية والفصل من الوظيفة والإحالة لـ"التقاعد المبكر" والملاحقة بالاستدعاءات المتكررة "البعض بشكل أسبوعي"، وقطع الرواتب "كما حدث مع الأسرى المحررين"، وكلها ممارسات خارج إطار القانون لكونها تتم دون قرار قضائي.