فلسطين أون لاين

أنت في الـ 30؟ أهلًا بكِ في حقبة النضج

...

غزة - خاص / فلسطين أون لاين

لم تنهض "ياسمين" من فراشها بسرعةٍ كما كل يوم، بقيت في مكانها تتأمل سقف الغرفة وهي تقول لنفسها: "يا إلهي!، اليوم ذكرى ميلادي، اليوم أصبح سني ثلاثين".

طفقت تلك الفتاة تفكر بينها وبين نفسها عن خطة ما بعد اجتياز عتبة آخر هذا النهار، "الثلاثين" ليس برقمٍ بسيطٍ كما تراه، فهو يعني أنها لن تعود إلى ارتداء موديلات الصبايا مجددًا، وأن عليها أن تملأ خزانتها بكريمات ومراهم شد البشرة وصبغة الشعر.

لقد أصبحت ابنة ثلاثين، ولهذا عليها أن تسجل في أحد النوادي الرياضية كي لا يزداد وزنها، وأن تتابع لدى طبيب أسنان "شاطر" لأنها سمعت بأنها "ستصفر وتتآكل" بمجرد انتهاء "العشرينات"، لم تفق الفتاة إلا على صوت أمها التي جاءتها تناديها: "ياسمين، ليش لهلأ نايمة؟!"، فتجيبها بنبرة حزن: "يا ماما، أنا اليوم طبقت تلاتين سنة"، تضحكُ أمها وتقول: "هادا أحلى سن ممكن تعيشه البنت بحياتها".

للوهلة الأولى ظنت "ياسمين" بأن أمها تحاول تلطيف الأمر في نظرها، وعادت إلى ذلك "الاكتئاب" الغريب الذي لم تتوقع أن تصاب به لهذا السبب، لاسيما أنها معروفة بخفة ظلها وتفاؤلها وإقبالها على الحياة، مرّ يومٌ واثنان وثلاثة، فإذا المصادفة وحدها تجعلها تتعثر ببرنامجٍ يتحدث عن نظرية أمها نفسها: "الثلاثين عامُ النضج والسعادة".

كل النساء تخشى تقدم العمر، وكلهن يرين انتهاء عقدهن الثاني انتهاءً تدريجيًّا لمؤشر الشباب، حتى إن بعضهن قد يتركن الوقت يتسرب من بين أصابعهن سريعًا جدًّا ليجدن أنفسهن وقد تجاوزن الثلاثين دون أن يحققن لأنفسهنّ أي هدفٍ كبير، ماذا تعني سن الثلاثين للمرأة؟، هذا ما سيجيب عنه التقرير التالي:

الأمر بسيط

تقول فداء (23 عامًا) تعليقًا على هذا السؤال: "يا إلهي!، لا أدري، لم أتخيل قط أنني سأكبر إلى هذه الدرجة"، مبينةً أنها كغالبية النساء تخشى تقدم العمر: "لا أتخيل أن نظام ملابسي سيتغير مثلًا، ما أظنه أنني سأبدأ بالاهتمام بشكلي أكثر، ومن يدري قد أكون متزوجةً حينذاك، ولدي أولاد، وهذا وحده كفيلٌ بأن يجعلني أخاف أن أنسى نفسي في غمرة المشاغل".

أما "شذى" فتقول لـ"فلسطين": "أعتقد أن الأمر أبسط مما نظن، لقد رأيت أمي وهي تجتاز هذه المرحلة، صحيحٌ أن شكلها تغيّر لكنها سنة الكون، هي جميلةٌ في نظري، مهما تقدم بها العمر وتكاثرت تحت عينيها التجاعيد، الأمر لا علاقة له بالثلاثين أو الأربعين، المهم هو أن تبقى الروح شابة"، لافتةً إلى أن لها أختًا في سن (32 عامًا) ربما شعرت بداية الأمر بأن العمر صار يلاحقها، "لكنها تجاوزت هذه المرحلة بالتغلب على أفكارها السلبية، والانطلاق إلى الحياة بتفاؤل وإيجابية، فأكملت دراستها العليا، وصارت أستاذة، وهذا أعطاها المزيد من الثقة بنفسها وقدراتها وغطّى على فكرة أنها أصبحت ابنة ثلاثين".

مرحلة العقلانية

وتشير الاختصاصية النفسية ليلى أبو عيشة إلى أن سن الثلاثين حسب دراساتٍ عديدة تسمى "سن السعادة"، فتصبح المرأة فيها أكثر نضجًا وأكثر إقبالًا على الحياة، ففيها تصبح الخيارات أكثر رزانة، والتصرفات أقل طيشًا، قائلةً: "حتى إذا منيت المرأة بزواجٍ في تلك السن فإن قراراها سيكون قائمًا على العقلانية أكثر من العاطفة من منطلق البحث عن الاستقرار، وهذا غالبًا ما يفضله معظم الرجال من صفات في زوجاتهم".

وتبدأ المرأة الثلاثينية على عكس وضعها في العشرين تتقفّى أسرار السعادة شكلًا ومضمونًا، وتحاول تطبيق كل ما من شأنه أن يجعلها تستمتع في سنها هذه، حتى إنها تبدأ البحث عن كل ما يعمل على زيادة رصيدها المعرفي وخبراتها بالقراءة والاطلاع.

وتزيد أبو عيشة: "المرأة بمجرد أن تدخل في سن الثلاثين تصبح أكثر حكمة، وهذا ينم عنه غالبًا تصرفها في المشاكل والأزمات، ويصبح أمر الاهتمام بالصحة هاجسًا لديها، فتسأل عن الطعام الصحي ومقويات الدم والأطعمة المغذية للبشرة والشعر"، مبينة أن ابنة هذه السن غالبًا ستبدأ في كل موقف تمر به باسترجاع مواقف شبيهة عاشتها خلال حقبة العشرين، فتستفيد منها وتتجه إلى الخيارات الصحيحة ولا تكرر أخطاءها القديمة.

وتكمل: "ستكون ابنة الثلاثين الأقرب إلى أفراد أسرتها، فمن يصغرونها بالعمر سيشعرون بها أقرب إلى أمهم، ومن يكبرونها سيشعرون بها أقرب إلى أختهم"، لافتةً إلى أن من يكتب لها إنجاب أول أطفالها في هذه السن ستكون أمًّا مثالية في التعامل معه أكثر بكثير من أمهات العشرين، إذ ستعطيه إضافة إلى الرعاية الصحية والجسدية مخزونًا من الثقافة والتعليم، تبدأ بسقايته إياه منذ أن يبدأ عملية التواصل.

ونصحت أبو عيشة كل الخائفات من بدء عقدٍ جديدٍ من العمر بعد انتهاء عقد العشرينات أن يفكرن بإيجابية في حياتهن القادمة، وألا يبكين على حياتهن التي مضت: "فليفكرن في ماذا ينتظرهن، وماذا يردن أن يحققن لأنفسهن من أهداف"، مشيرةً إلى أن الاهتمام بالشكل والجمال والبشرة يجب ألا يكون هستيريًّا؛ "فالتقدم في السن سنة الحياة، وفي سن الثلاثين لن يكون بالشكل الصارخ الذي قد تتخيله المرأة، وهذا لا يمنع اللحاق بركب (الموضة) أو شراء مواد التجميل، ما يمنح المرأة الراحة النفسية اللازمة لتجاوز فكرة الخوف هذه".

وشددت على أهمية ممارسة الرياضة يوميًّا، والاهتمام بتوسيع المعارف بالقراءة والتطوع والمشاركة في الدورات التدريبية، "ذلك حتى يبقى العقل على حيويته، فلا تركن صاحبته إلى انتهاء مرحلة الدراسة".

من ابنة الأربعين

وقد يكون ممتعًا في سياق هذا التقرير عرض رسالةٍ نشرتها إحدى مجلات الأسرة من أربعينيةٍ إلى ابنة الثلاثين الجديدة تبدأ فيها القول بـ: "لقد سبقتك إلى هذه السن الجميلة، حين يكون كل شيء أوضح، حين تصبحين على معرفة عميقة بنفسك: ما تحبين فعلًا، وما يزعجك حقًّا، أنهيت دراستك وصار لديك خبرة وسيرة ذاتية عملية جيدة، ربما تكونين تزوجت أو لم تتزوجي، المهم أنك الآن في أحلى أيام عمرك، يا للأسف!، اكتشفتُ ذلك الآن، وكنت أقضي عقدي الثالث في القلق والخوف والاضطراب والفزع من التجاعيد حين أكبر.

حسنًا، هذا هو الخبر الحقيقي: التجاعيد ليست بشعة، وهي قادمة لا محالة، مهما صرفت من نقود على الكريمات للهرب منها؛ فأحبيها لكي تظهري جميلة بها.

أصبحت تعرفين عيوبك الآن ونقاط ضعفك، ويمكنك أن تعملي عليها بهدوء، ابدئي بالرياضة، ولا تدخلي الأربعين إلا وأنت نحيفة لكي لا تصيبك السمنة في الخمسين، احمي نفسك بالعناية بها، كي لا تحتاجي من يعتني بك لاحقًا.

لا تصلي إلى الأربعين مثقلة بالديون والأقساط، ولا تكبلي نفسك بها، لأنها إن بقيت فستظل معك إلى الأبد ولن تنتهي منها.

اهدئي وحافظي على عملك، مهما كان صعبًا، حاولي تحقيق النجومية، واستمتعي بأن تكوني أفضل من يقوم به، وأن يعتمد كلٌّ عليك، لأن هذا يعني أنك في الأربعين ستكونين في مكانة قيادية يعود إليك كلٌّ للاستشارة والنصح.

تعلمي الاسترخاء من الآن، تخلصي من التوتر بانتظام، وإلا كبرت مهددة في سن مبكرة بأمراض الضغط والسكري والقلب والقولون والشيخوخة السريعة، عزيزتي الثلاثينية، استمتعي بالحياة؛ فسن الشباب قصيرة جدًّا، مثل أزهار الربيع التي على جمالها سرعان ما تذبل".