فلسطين أون لاين

جدلية الحرية والانتخابات

الانتخابات التشريعية الفلسطينية قيد التأجيل. أسباب التأجيل تكمن في غياب الحريات في الضفة الغربية لا سيما لأعضاء حماس. القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقولون هي اعتداء أجهزة أمن السلطة على اعتصام الأسرى المحررين في رام الله. الاعتصام كان يطالب بإعادة صرف رواتب الأسرى بعد أن قطعتها حكومة رام الله.

من حق الأسرى المحررين أن يتظاهروا، وأن يعتصموا، للمطالبة بحقوقهم المعيشية، والقانون الفلسطيني يسمح لهم بذلك. فلماذا تخالف الأجهزة الأمنية القانون وتعتدي على اعتصام سلمي يطالب بحق الأسير في الراتب؟! . كيف لسلطة تدعي أنها تتحدى الاحتلال، وتتمسك بصرف رواتب الأسرى والشهداء، بينما في الواقع هي من تبادر لقطع رواتب الأسرى المحررين، وتطلق أجهزة القمع للاعتداء عليهم، وفض اعتصامهم بالقوة؟!.

لا أحد يصدق أن عباس وأجهزته الأمنية مؤتمنون على الحريات العامة في الضفة الغربية، ولا أحد يصدق أن السلطة تعدل بين أسير من فتح وأسير من حماس. السلطة التي قمعت المقاومة، هي السلطة التي تقمع اعتصام الأسرى، هي السلطة التي قمعت المجلس التشريعي وقطعت رواتب ممثلي الشعب المنتخبين؟! هذه هي السلطة بصفاتها الطبيعية، وهذه السلطة للأسف تطمع أن تشرف على إدارة انتخابات جديدة؟!

فتح التي انتقدت حماس في تأجيلها ردها المكتوب على الانتخابات، ما زالت تتمسك بلغتها المنفرة، وتتحدث عن "انقلاب" حماس، وخطف جزء من الوطن، ومثلهم في ذلك مثل الجمل الذي لا يرى عوج رقبته، فهم أول من انقلب على الانتخابات، وهم من دمروا المجلس التشريعي، وهم من وقفوا يتفرجون على عقوبات الرئيس لغزة؟!

نعم، هذه لغة من الماضي، ولكن على من كان جزءا من الماضي أن يحترم نفسه، ولا يعود للغة تفرّق، ويزعم أنه وطني، وأن غيره خارج عن صف الوطني؟! ما كان في الماضي ذهب وانتهى، والعودة إليه تحت أي سبب يعني أنه لا مستقبل يمكن رسم معالمه بيد الجميع، بل حياة يرسمها كل حزب على نحو ما يريد.

قطع رواتب الأسرى المحررين غلط وخطأ، وقمع اعتصامهم غلط وخطأ، والعودة للغة الانقلاب غلط وخطأ، والتقدم نحو انتخابات في أجواء من الحرية الحقيقية هو الصواب، ولا يجوز للسلطة أن تكافئ حماس على تنازلاتها بقبول النسبية الكاملة، وقبول إشراف حكومة اشتية على الانتخابات، وقبولها بالتوالي المتدرج للانتخابات التشريعية ثم الرئاسية، وقبولها بإلقاء الوطني العام بعد صدور المرسوم، وغيرها من التنازلات بقمع أسرى حماس لأنهم يطالبون بحقهم في الراتب؟!

الأسرى هم أولى فئات الشعب بتلقي الراتب، لأنهم أفنوا أعمارهم في السجون دفاعا عن الوطن، ولأن قادة الفصائل هم الذين أرسلوهم إلى السجون، وهم يمثلون أشرف ما في المقاومة بعد الشهداء رحمهم الله. الحريات الحقيقية قبل الانتخابات. ورواتب الأسرى وحرياتهم علامة على بعض الصدق في النيات.

المصدر / فلسطين أون لاين