أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعوة للمصالحة الفلسطينية، وهي مهمة ومرحب بها، والأَوْلى التي يطلقها السيسي بهذا الشكل، وإن كانت رُبطت بنفس الوقت بدعوة لاستئناف عملية التسوية بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية، فتَلقى الأولى ترحيبًا فلسطينيًا واسعًا، ويتجاهل الفلسطيني الدعوة الثانية لاعتبارات كثيرة.
الدعوة الصادرة عن السيسي بخصوص الوحدة الوطنية تحتاج لقرارين مهمين أولهما أن تتم ترجمة الدعوة إلى وقائع بالإعلان عن فتح معبر رفح أمام المواطنين الذين يعيشون معاناة حقيقية نتيجة استمرار إغلاقه، ودعوة الإطار القيادي للانعقاد في القاهرة، وبذلك تكون ترجمة حقيقية لهذه الدعوة.
ينتظر المواطنون على أحر من الجمر أن تزول الغمامة التي تحوم على معبر رفح، وحولته من بوابة للسفر والأمل إلى بوابة للموت والقتل والحصار، ولم تعد المبررات التي تقدم مقبولة حول صعوبة فتحه، لأسباب تتعلق بوجود جهة شرعية أو الظروف الأمنية في سيناء أو إدارته من قبل حكومة التوافق.
معبر رفح يمثل البوابة السوداء أمام المسافرين وتتحطم أمامها آمال 35.000 مواطن يرغبون بالسفر إلى الخارج طلبًا للعلاج أو الدراسة أو الالتحاق بعملهم أو أسرهم وعائلاتهم التي شتتها إغلاق المعبر لمدة 133 يومًا من أصل 138 يومًا منذ بداية عام 2016، وتم إغلاقه 344 يومًا عام 2015.
إن كانت مبررات السلطات المصرية مرتبطة بصعوبة الأوضاع الأمنية في سيناء، فعليها أن تدعم المشروع التركي بإقامة ميناء بحري على حدود غزة يسهّل التنقل للمواطنين الفلسطينيين ويمكن أن يفتح معبر رفح لاحقًا في حال استتبَّ الأمن بسيناء، وخاصة أن الاحتلال أبدى موافقة على إمكانية دراسة الطلب التركي.
إلى جانب فتح معبر رفح في هذه المرحلة يمكن للقاهرة أن تبادر للموافقة على عقد الاجتماع الخاص بالإطار القيادي الفلسطيني للتباحث حول تنفيذ اتفاقيات المصالحة السابقة في القاهرة والدوحة، والذي من شأنه أن يساهم في ترتيب الصف الفلسطيني وإعادة الوحدة الوطنية وهو ما يساهم في دور مصري حقيقي كالمعتاد تجاه القضية الفلسطينية.