استبعد محللان سياسيان هروب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من فشله وتصدير أزمته التي تسبب بها تقرير "مراقب الدولة" بعدما كشف عن فشل كبير لنتنياهو ووزراء المجلس الوزاري المصغّر "كابنيت" في إدارة العدوان على غزة صيف 2014، بعدوان جديد.
وذكر المحللان أن نتنياهو لا يستطيع أن يطلق شرارة عدوان جديد حتى لا يسفر ذلك عن تقرير جديد يكشف جوانب إضافية في الفشل في التعامل مع المقاومة الفلسطينية بغزة.
وكانت لجنة مراقبة الدولة التّابعة "للكنيست" كلّفت "مراقب الدولة" القاضي المتقاعد يوسف شبيرا، فور انتهاء العدوان على غزة بالتركيز على "كيفية عمل (الكابنيت)، ومراحل اتخاذ القرار"، إلى جانب مدى جهوزية الجبهة الداخلية في دولة الاحتلال، وقدرة المنظومة الأمنية على مواجهة تهديد الأنفاق الأرضية التي شيدتها حركة حماس في غزة.
وقد استمع "مراقب الدّولة" خلال الأشهر الأخيرة لشهادات كل من نتنياهو، وأعضاء الـ"كابنيت"، وكذلك لمسؤولين في قيادة أجهزة الأمن، كما فحص جميع مضامين جلسات الـ"كابنيت" منذ تشكيل حكومة الاحتلال مطلع عام 2013.
وقال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الإسرائيلية، نظير مجلي، إن المخاوف بخصوص عدوان جديد ضد قطاع غزة "مشروعة"، لكنه رأى أن تقييم الظروف الحالية لا يشجع حكومة الاحتلال على توجيه نيرانها نحو القطاع الساحلي.
وذكر مجلي في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن شن أي عدوان يجب أن يرتبط بحوادث ذات اهمية عالية، مثل استهداف قائد مؤثر على الساحة الفلسطينية او قيام المقاومة بتنفيذ نشاط ما يؤدي الى خسائر حقيقية لدى جيش الاحتلال.
وأشار مجلي الى أن نتنياهو يعيش حاليًا في مرحلة لا تتيح له التحرك العسكري نتيجة انكشافه على المجتمع الاسرائيلي بعدما تكشف فشله في إدارة العدوان الأخير على غزة.
وأوضح أن "ما نعيشه حاليًا هو أخطر المراحل التي يمكن أن تمر على أي واقع سياسي، وهي حالة اللاسلم واللاحرب"، مضيفًا أن هذه المرحلة تختلط في التقديرات السياسية مع الوقائع على الأرض، وقد تأتي بنتائج لم يكن أحد يتوقعها".
وبخصوص تصاعد وتيرة تدريبات الاحتلال الإسرائيلي، أشار إلى أن المعطيات الحالية أوجبت على جميع الاطراف ان تكون جاهزيتها عالية لأي تغير في طبيعة الوضع السائد، معتبرا أنه اذا كان جيش الاحتلال ينفذ مناوراته وتدريباته بشكل مكثف حاليًا، فإنه يمكن توقع أن المقاومة الفلسطينية تفعل الشيء ذاته انتظارًا للحظة الانفجار القادمة.
وعبر عن اعتقاده أن أي طرف من الاطراف لا يرغب في أن يكون ضحية المفاجأة التي سيخرج بها الخصم، وأضاف "يمكن القول إن نتنياهو إذا ما شعر بأنه لم يبق أمامه سوى الخروج في عدوان على غزة فإنه لن يتردد في فعل ذلك، وان كنت اتوقع انه لن يكون كذلك في الفترة القريبة".
وأكد أن تحميل نتنياهو مسؤولية القصور والفشل في إدارة العدوان على غزة هو أمر طبيعي نظرًا لتركيبة النظام السياسي في دولة الاحتلال، والذي يعطي رئيس الحكومة دورًا مركزيًا في اتخاذ أي قرار مؤثر سواء كان عسكريًا أو سياسيًا.
من ناحيته، استبعد المحلل السياسي محمود مرداوي، أن يقوم نتنياهو بالهروب للأمام من فضائح فشله ووزرائه خلال العدوان على غزة بشن عدوان جديد، مؤكدًا أن الامر يحتاج لما هو أكثر من محاولة هرب مكشوفة.
ولكن مرداوي، استدرك في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن ما يعيشه قطاع غزة حاليًا من أزمات وصعوبات معيشية خانقة ترتبط بالكهرباء والمياه والمعابر، يمكن أن يدفع الأمور نحو انفجار قادم، وأضاف "هو تحذير منطقي نظرًا لحالة اليأس التي تتملك الغزيين".
وذكر مرداوي أنه في حال قرر نتنياهو عمل شيء ما ضد قطاع غزة، فإنه لن يعجز عن سوق المبررات لتأكيد وجاهة قراره، مؤكدًا في الوقت ذاته أن للمقاومة ما يمكن أن تقوله بشكل قوي في هذا الإطار.
وعبر عن اعتقاده أن تداعيات تقرير "مراقب الدولة" لن تنتهي حاليًا، منوها الى أن التقرير أظهر فشلاً أمنيًا وعسكريًا وسياسيًا لدى جيش الاحتلال، في مقابل ان المقاومة الفلسطينية ادارت نفسها وادواتها بشكل أفضل واستطاعت ان تظهر نقاط قوتها وأن تخفي نقاط ضعفها.
وذكر أن الاحتلال ظلّ يهرب من الإقرار وإنكار أن المقاومة أوقعته في أزمة خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة، معتبرا أن المستويين السياسي والعسكري في دولة الاحتلال لم يجدا أمامهما سوى تبادل الاتهامات بشأن أسباب الفشل ومن المسؤول عنه.
وأشار إلى أن الاحتلال يدرك تمامًا أن قطاع غزة يمثل "قنبلة موقوتة" يمكن أن تنفجر في أي لحظة، موضحًا أن الاحتلال قد يقدم على بدء عدوان على غزة إذا شعر أنه استخلص العبر اللازمة ولم يبق أمامه لردع قدرات المقاومة إلا الدخول في الحرب فسيفعل.