للسنة الثانية بعد المائة، يعاني الفلسطينيون عواقب وعد وزير الخارجية البريطاني عام 1917م آرثر بلفور، الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، ليكون وثيقة لا تستحق الحبر الذي كتبت به، وفق ما يصف الخبير في القانون الدولي د. أنيس القاسم.
ورأى القاسم في حديث إلى صحيفة فلسطين أن العبرة التي تستخلص من هذه الذكرى أن قيادة الحركة الصهيونية استطاعت الاستفادة من وثيقة لا قيمة لها، وجعلها شهادة ميلاد دولة الاحتلال.
ودعا القاسم قيادة السلطة ومنظمة التحرير إلى استثمار الوثائق التاريخية لمصلحة القضية الفلسطينية، والتحلل من كل الاتفاقات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي، أبرزها اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993م.
ووصف الخبير الدولي اتفاق أوسلو بـ"النكبة الكبرى التي حلت بالفلسطينيين بعد نكبة سنة 1948م، وأنه يشكل الفصل الثاني من نكبة التهجير الكبرى".
وقال القاسم: "أوسلو جزّأ الشعب الفلسطيني إلى جزءين في الداخل والخارج، وقسم ما تبقى من فلسطين إلى تصنيفات (أ) و(ب) و(ج)، وأدى إلى تحكم الاحتلال بالمناطق (ج) التي تشكل ما نسبته 61% من الأراضي الفلسطيني، وتخصيصها لمشاريع استيطانية".
وأضاف: "اتفاق أوسلو حول الثورة الفلسطينية بكل أمجادها وتاريخها النضالي إلى خادم للاحتلال الإسرائيلي، ومستوطنيه، ولتكون القيادة الفلسطينية مقاولًا للاحتلال الإسرائيلي".
ووصف القاسم توقيع منظمة التحرير اتفاق أوسلو واستمرارها مع السلطة في تنفيذه، لاسيما مع عدم التزام الاحتلال به، بالانتحار الذاتي، مضيفاً: "منظمة التحرير قبلت تجزئة الشعب الفلسطيني وفكفكة الميثاق الوطني الفلسطيني".
وحمل الخبير في القانون الدولي رئيس السلطة محمود عباس وفريق اتفاق أوسلو المسؤولية عن المعاناة التي يعيش فيها الشعب الفلسطيني، ولا يزال.
وأوضح أن الخروج من اتفاقيات أوسلو والاتفاقيات المرتبطة بها سهل، بإعلان قيادة منظمة التحرير بطلان هذه الاتفاقيات وتحللها من التزاماتها، مؤكداً أنها تمتلك المسوغات القانونية لتنفيذ ذلك والتحلل منها.
وقال: "اتفاقيات جنيف عام 1949م تنص على بطلان أي اتفاقية تمس بالحقوق الأساسية للمجتمع الواقع تحت الاحتلال، وأوسلو باطلة لمعارضتها اتفاقية جنيف".
وفق تأكيد القاسم، إن بإمكان السلطة التحلل من هذه الاتفاقيات، بالاستناد أيضًا إلى أن على أطراف أي اتفاقية الالتزام بها، وإذا لم يلتزم أي طرف بما ورد فيها يصبح الطرف الثاني في حل منها، وأشار إلى حديث أمين سر منظمة التحرير صائب عريقات أن (إسرائيل) لم تلتزم بـ"160 بنداً من بنود اتفاق أوسلو".
ورأى الخبير الدولي أن قيادة منظمة التحرير لديها قرار نظري بالتحلل من الاتفاق من طريق المجلس المركزي؛ لكن هذا الاتفاق أصبح يمثل لها "عملية بزنس (عمل) مربحة في مختلف مجالاتها".
وكان المجلس المركزي قرر في 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2018م إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة تجاه اتفاقاتها مع الاحتلال، وفي مقدمتها "تعليق" الاعتراف بـ(إسرائيل)؛ لكن ذلك بقي حبيس الأدراج.
وأشار القاسم إلى أن "السمة الأساسية للسلطة الفلسطينية هي الفساد، وأن اتفاق أوسلو لا يمكن تنفيذه على الأرض إلا بالفساد"، موجهاً دعوته إلى كل القيادات الوطنية الغيورة إلى السعي للتحلل من الاتفاق.
وختم حديثه بالقول: "اتفاق أوسلو ينخر في عظم القضية الفلسطينية، ويجب التحلل منه بكل الطرق، وعلى السلطة حل نفسها".