فلسطين أون لاين

متى تُبلِّغ مديرك بمشكلتك؟

...
غزة/ أسماء صرصور:

إذا كنت موظفا في شركة أو مؤسسة ما، وتشغلك حياتك الخاصة، لعل سؤالا مُلحا يراود ذهنك هو: متى تخبر مسؤولك في العمل عن هذه الانشغالات والمشاكل المتعلقة بأمورك الشخصية؟

ومن ذلك موقف يرويه الموظف محمد الذي يعمل في إحدى الشركات، بقوله: إنه كرر خروجه من دوامه مرات عدة في الأسبوع الواحد خلال ثلاثة أشهر متتالية، وفي كل مرة يخرج فيها لم يكن يخبر أحدًا بسبب خروجه، إلى أن سأله مديره المباشر عن سبب تكرار الخروج خشيةً من تعرض مصلحة العمل للخلل لغيابه، فأخبره بوجود والدته في المشفى واحتياجها لزياراته المتكررة بين الفينة والأخرى.

يجيب عن السؤال السابق المختص في التطوير المؤسسي م. محمود البلعاوي قائلا لصحيفة "فلسطين": إن العلاقة الطبيعية التي تربط أي موظف بمسؤوله المباشر هي علاقة العمل، وعلاقة العقد والمهام والوقت الوظيفي، وغالبًا المؤسسة لا تعنيها المشاكل الشخصية للموظف، فهو يعمل لديها ليأخذ راتبًا آخر الشهر.

بداية يوضح البلعاوي أن العلاقة الطبيعية التي تربط أي موظف بمسؤوله المباشر هي علاقة العمل الرسمية التي يوضحها عقد العمل وما يحتويه من مجموعة المهام، دون الوقوف على المشاكل الاجتماعية للموظف، فهو يعمل لديها ضمن منظومة مؤسسية يؤدي مهامه ويتقاضى أجره.

ويتابع: "أرباب العمل في كل المؤسسات يعرفون جيدًا أن أي إنسان لا بد أن تمر به بعض الظروف الاجتماعية التي قد تؤثر على عمله، فتؤخذ بالحسبان، لذا نجد أن الأنظمة والقوانين الرسمية في المؤسسة لا تخلو من سياسات وإجراءات تراعي هذه الظروف الاستثنائية بما لا يضر بمصلحة العمل".

وبالعودة إلى السؤال الأساس في مقدمة الموضوع، يرى المختص في التطوير المؤسسي أنه يجب التبليغ عند شعور الموظف أن هذا الأمر سيؤثر على أدائه وإنتاجيته في العمل، ويفضل أن يكون التبليغ تبليغًا رسميًا، فإن ذلك يضمن مراعاة المؤسسة له خلال مدة هذا الظرف.

وينبه إلى أنه قد يكون تأثير المشكلة الاجتماعية ضعفا في التركيز، أو تكرار الغياب أو التأخير عن وقت الدوام، وقد يكون عصبية زائدة أو مزاجا غير صافٍ، وقد يكون قلقا متواصلا أو شرودا للذهن؛ إن إبلاغ صاحب العمل بوجود المشكلة "دون إغراق في التفاصيل" يساعد المؤسسة في اتخاذ إجراءات لصالح الموظف والمؤسسة على حد سواء.

ويلفت إلى أنه في قوانين العمل وجدت الكثير من الأنظمة الإدارية والمالية التي تقف إلى جانب الموظف كونه إنسانا وتحميه من أي تغول "محتمل" من المؤسسة في مثل هذه الحالات، مثل نظام الإجازات الدورية والطارئة، ونظام القروض والمساعدات والمنح، ونظام الأذونات الخاصة، هذه وغيرها قوانين موجودة لمراعاة الأحوال الاجتماعية الخاصة للموظف.

ويشير إلى أن إخبار رب العمل يسهم في ترتيب أمور العمل دون الإضرار بمصلحة العمل أو الموظف ذاته، فيكون قادرًا على إعادة توزيع مهام العمل بالطريقة المثلى.

في جميع المؤسسات –يتحدث المختص في التطوير المؤسسي- هناك لقاءات "غير رسمية" تنظمها قيادة المؤسسة ويتم الحديث فيها بانفتاح في غير شئون العمل، هذه اللقاءات تظهر بعضا من جوانب شخصية الموظفين التي في الغالب لا تظهر في بيئة العمل الرسمي، بكل تأكيد هذه الجوانب جزء من تقييم الموظف، إن الموظف ليس آلة أو ماكنة تعمل وفق نظام برمجي صارم، إنما هو اجتماع بين شق مهني تخصصي وُظف بناء عليه، وشق آخر يمثل شخصيته وسلوكه الاجتماعي، من هنا تحرص المؤسسة على التعرف على هذين الشقين لتحديد الوظائف المثلى للأفراد في التطوير والهيكلة المؤسسية.

أخيرًا ما هي الوصفة الحقيقية التي يمكن اتباعها ليفصل الموظف بين عمله وحياته الشخصية؟ يشير إلى أن العامل الأول يتعلق بشخصية الموظف نفسه، فإن كان من النوع الاجتماعي أكثر من النوع المنتج، فهو يركز على العلاقات على حساب الإنجاز.

ويتابع: "يلزم التعامل مع هذا الموظف بشيء من الحزم وتشديد المتابعة، وبتوزيع قائمة المهام اليومية أو الأسبوعية حسب طبيعة العمل، ويطلب منه تقديم تقرير عن أدائه دوريًا، ويُقاس مدى جودة مخرجات عمله.

أما العامل الثاني فيعود –وفق قول البلعاوي- إلى الثقافة الإدارية السائدة في المؤسسة، فإن كانت المتابعة عملية دورية قائمة على التقييم المهني، فهي لن تعطي مجالاً للموظف بالانشغال بالاجتماعيات والعلاقات على حساب مهام العمل، بل بمجرد دخوله للمؤسسة، وإن كان تقييم الأداء يتم دورياً ووفق مؤشرات الخطة المعتمدة فإن الموظف سيشعر بالمسئولية والالتزام والحرص على الإنجاز، وإلا سيتعرض للعقوبات.