"ماما في سلحفاة في السرير، ما بدي أنام فيه" موقف تعرضت له والدة طفلة على مدار عدة أيام دون أن تعرف له حلًا، فكلما حان موعد النوم بدأت الطفلة بالصراخ خوفًا من سلحفاة تنتظرها في مكان النوم.
بعد مدة تذكرت الأم أن ابنتها شاهدت سلحفاة في زيارة لقريبة لهم، وأنها شعرت بالخوف الشديد منها، فحملت خوفها هذا معها إلى الفراش والأحلام والكوابيس، بالضبط مثل طفل شاهد فيلم رعب، وحلم بشخصياته.
الأخصائية النفسية في اتحاد لجان العمل الصحي سلوى أبو عودة توضح في حديث مع صحيفة "فلسطين" المزيد عن كوابيس الأطفال، وأسبابها، وكيفية التعامل معها.
وتقول أبو عودة: "الأحلام المزعجة تأتي للطفل عندما يكون في حالة مزاجية وشعورية غير مريحة طوال اليوم؛ فالطفل يشعر أن هناك شيئًا يجثم على صدره، ويشعر بالاختناق، فالكابوس تكون مكوناته مخيفة وسلبية ومزعجة".
وتلفت إلى أن من الأسباب التي تجعل الطفل يحلم بالكوابيس أساليب التنشئة والتربية التي قد تعتمد على القسوة والعنف، كموقف عقابي يتعرض له الطفل خلال يومه من قبل الأب أو الأم أو المدرس، والمشاكل العائلية، والضغوط النفسية كمراحل الامتحانات، وغيرها.
ومن الأسباب أيضًا –كما تقول الأخصائية النفسية- مشاهدة الطفل لمشاهد الأفلام والرعب، وقد تكون أفلام كرتون مشوهة، فيحلم بالشخصيات الواردة فيها، ويتخيل الطفل أنها هجمت عليه.
وتبين أن الأحلام تبدأ منذ وعي الأطفال، فمن الممكن أن تبدأ من سن الثانية وأكثر لكنها تكون عبارة عن خيالات، أما الطفل في عمر خمس سنوات، تكون لديه قدرة التوضيح أكثر والتعبير عن الكوابيس التي يحلم بها.
وتوضح أبو عودة أن من الآثار السلبية الناتجة عن الأحلام سرحان الطفل وعدم التركيز، وضعف التفاعل الاجتماعي في الأسرة والوسط الاجتماعي، كما ينعكس عليه في سلوكياته، ويلجأ للعدوانية، وربما يعاني من مشكلة التبول اللاإرادي.
وهنا يأتي دور الأسرة في كيفية تعاملها مع الطفل وكوابيسه، فيجب عليهم –وفق قولها- الاستماع للطفل بكل الأحوال، وتصديق كل ما يقوله حتى في الجوانب الخيالية، وممارسة الألعاب معه المساعدة على التفريغ النفسي، والسماح للطفل بالرسم ليفرغ هذه الكوابيس.
وتشدد على أنه من الضروري متابعة الأبناء، من حيث نوعية البرامج التي يتابعونها، كالأفلام الكرتونية والبرامج العادية، وهل يسهر الطفل مع أهله ليشاهد أفلام الرعب، أم أفلام فيها مشاهد قتل ودماء، فهذه المشاهد لا يجب أن يتعرض لديها الطفل بأي حال، لأنها تنعكس على أحلامه، وتنعكس على تصرفاته.
وتلفت الأخصائية النفسية إلى أن إطفاء الأضواء في البيت وقت النوم، غير مناسب للأطفال، فيجب أن تكون هناك إضافة ولو خافتة كالنواسة، حتى إذا استيقظ الطفل لا يشعر بالخوف من العتمة، ويستطيع التحرك للحمام أو المطبخ.
وتنبه إلى أهمية رواية القصص للأطفال قبل النوم، لأنها تدفعه للتخيل الإيجابي، ويشاهد بعدها أحلامًا هادئة دافئة، سواء قرأ الأهل للطفل أو قرأ هو هذه القصص، شريطة أن يكون فيها جانب إيجابي وخيال جميل، وهذا سيدفع الطفل للراحة والطمأنينة.
وتكمل أبو عودة: "يمكن أخذ الطفل في رحلة، للترفيه عنه والتخفيف من خوفه وقلقه، وبالتالي يبتعد شيئًا فشيئًا عن الأمور المزعجة، وكذلك تعليمه الجانب الديني وقراءة الأذكار، وترك الطفل يعبر عن خوفه وقلقه دائمًا حتى لا يبقى هذا في الكبت داخله ويظهر في نومه على هيئة كوابيس".