للعام الثاني بعد المائة على وعد بلفور المشؤوم ولازالت الجريمة البريطانية بحق فلسطين الشعب والوطن مستمرة بآثارها التدميرية التي تحاول سرقة الأرض وتزوير التاريخ وتغيير الجغرافيا لصالح العصابات الصهيونية, فلقد استند ديفيد بن غورين في إعلانه قيام (إسرائيل) بتاريخ 14-5-1948م إلى وعد بلفور, وهذا الوعد يمثل قمة العربدة والاستخفاف والعدوان ضد شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية, فكيف لمن لا يملك أن يمنح وطنًا لمن لا يستحق, فلقد غرست بريطانيا خنجرًا في قلب الأمة يسمى (إسرائيل), وساندت بريطانيا العصابات الصهيونية في تسهيل قوافل الهجرة إلى فلسطين وزيادة قوة تسليح وتحصين المستوطنات الصهيونية في مواجهة الفلسطينيين أهل الأرض الحقيقيين, الذي دافعوا عن أراضيهم ضد هذا الغزو الصهيوني الذي تم برعاية وحماية الاحتلال البريطاني لفلسطين.
ما يزيد عن مائة عام وشعبنا الفلسطيني يكافح ضد وعد بلفور ويقاوم الإفرازات القبيحة لهذا الوعد الإجرامي على الأرض الفلسطينية, ولقد قام المتخصصون والخبراء في تبيان بطلان هذا الوعد ومخالفته لكافة النصوص القانونية الدولية وميثاق الأمم المتحدة, وتبين للعالم أجمع أن وعد بلفور يشكل أكبر جريمة سرقة مركبة, بمعني أن يسرق البريطاني أرض فلسطين ويعطيها للسارق الثاني ممثلاً بالعصابات الصهيونية التي تمارس التزوير للحقائق وتزييف المعالم لإيجاد مصوغ يدعم احتلالها الباطل ويرسخ وجودها الطارئ على أرض فلسطين, وباءت كل هذه المحاولات بالفشل أمام نصاعة الحق الفلسطيني المتجذر في الأرض والتاريخ, فاستعانة تلك العصابات بقوة الإرهاب لتأكيد وجودها وتثبيت كيانها, وسط دعم قطب العالم الأوحد "الولايات المتحدة الأمريكية" لها, حيث ساهمت في تعزيز قوة(إسرائيل) في مواجهة الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية, ولعل آخر القرارات الأمريكية التي أصدرها الرئيس ترامب وخاصة حول الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل), تكشف مدى هذا الدعم اللامحدود من أجل استمرارية وجود هذا الكيان المصطنع.
بعد ما يزيد عن قرن من الزمان على إصدار وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور وعده المشؤوم بدعم إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين, نرى هذا الوعد يتكرر بألسنة ناطقة بالعربية تزعم أن للعصابات الصهيونية حقًا في إقامة وطن ودولة لهم في فلسطين, هل تناسخ بلفور بشخص وزير خارجية البحرين؟! أو تقمص بشخص وزير خارجية عُمان؟, تراهما في كل مؤتمر أو مقابلة تلفزيونية, ينطقان بحروف وعد بلفور حرفا حرفا, ويحاولان تبرير الجرائم الصهيونية تحت الشعار الكاذب بالدفاع عن النفس, وإلى جانبهما طوابير من المنتفعين من أنصاف الكُتاب والإعلاميين الذي يدعمون التطبيع مع الكيان الصهيوني، هل يبرر للص أن يدافع عن أشياء سرقها؟!, لا يمكن أن نرى من يبرر له ذلك إلا في عالم البلهاء والمنافقين.
وحتى لا نرى الصورة من الخارج فقط, نعتبر أن شخص بلفور وعده يقف لنا في صورة كل فلسطيني يعترف بالكيان الصهيوني, أو يقر بأكذوبة حق الصهاينة في إقامة دولة لهم على أرض فلسطين, أو يرى فيهم جيرانًا للفلسطينيين, كل من يؤمن أو يقول أو يعلن بهذه السياسة الخاطئة التي جلبت الدمار لشعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية هو من نسل بلفور ويدين بولائه للحركة الصهيونية ويسعى إلى تدعيم وإسناد الرواية الصهيونية الكاذبة التي تحاول تثبيت كيانها على أرض فلسطين.
بعد مائة ويزيد على وعد بلفور ليس هناك سبيل ناجع لمقاومته غير التمسك بجذور القضية الوطنية , القائمة على رفض احتلال أرض فلسطين, وعدم القبول بأي مبادرات سياسية تنتقص من الحق الفلسطيني أو تسرق شبراً من أرض فلسطين, تحت أي مبررات كاذبة أو حسابات خاطئة, ففلسطين لا تقبل القسمة أو التجزئة وهي وطن لشعبها العربي الفلسطيني من أم الرشراش حتى رأس الناقورة, حق يتناقله الأجيال على موعد مع الحرية والخلاص من الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني.