فلسطين أون لاين

الانتخابات.. مفاجأة "حماس"

...
وسام عفيفة

فاجأت حركة حماس وفد لجنة الانتخابات الفلسطينية برئاسة حنا ناصر، بموقف إيجابي من الانتخابات، منسجم مع الرؤية الجماعية التي تضم غالبية الفصائل، فيما حرصت أن يكون اللقاء الرئيس والرسمي مع وفد اللجنة بحضور ومشاركة الفصائل كافة بعيدا عن الثنائية.

الموقف الرسمي الذي صدر عن حماس بالتزامن مع الاجتماع جاء على لسان رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، الذي لخصه بالإعلان عن جهوزية حماس للانتخابات دون التطرق إلى الشروط والعقبات، تاركا الضمانات والتفاصيل للفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الدولية التي عبرت عن رغبتها بالإشراف على الانتخابات.

قبل أيام من وصول وفد لجنة الانتخابات المركزية لغزة أبلغت حماس وسطاء محليين ودوليين استعدادها المضي قدما في ملف الانتخابات إذا أبدى عباس وحركة "فتح" جدية حقيقية وقدم ضمانات لنزاهة وحرية الانتخاب، وأن تجري "التشريعية" مباشرة على أن لا يتم تجاهل "الرئاسية"، وأكدت الحركة للوسطاء أنها لن تكون عقبة ولن تضع العراقيل، لكنها تساءلت عن دور المجتمع الدولي الذي ينبغي أن يتحمل مسؤولياته، إذا ثبت أن الاحتلال هو المشكلة الأساسية والمعطل للانتخابات.

تجربة حماس في مسيرات العودة بالشراكة مع مختلف الفصائل زادت من قناعة الحركة بقوة الفعل الشعبي وضرورة تفعيل دور الجماهير في الأزمات الداخلية كما نجحت في مواجهة الاحتلال، وأنه آن الأوان أن يستلم الشعب زمام المبادرة بعد سنوات من الإقصاء واحتكار القرار الفلسطيني بيد مجموعة متنفذة، ترى في نفسها وصية على الشعب، وتستمد شرعيتها من اللاعبين الكبار في المنظومة الدولية، إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، الذي يربط شرعيتهم بدور وظيفي يخدم الاحتلال أمنياً واقتصاديا.

وكانت دعوة محمود عباس لإجراء انتخابات تشريعية قد دخلت مرحلة المساومات وتقديم العروض، ونشط الوسطاء بهدف نقل الدعوة من الإطار النظري إلى العملي، وتوصيل رسالة لمختلف الأطراف الداخلية الخارجية أن دعوة أبو مازن جدية هذه المرة، وبالتالي على الأطراف الأخرى تحديد موقفها، ودعم الانتخابات باعتبارها الحل الأجدى للخروج من الأزمة الراهنة.

الموقف من الانتخابات لا يقتصر على الأطراف الداخلية، فبينما تتجنب السلطة دفع الاحتلال نحو تحديد توجهه من الانتخابات إلا أنها تجتهد في تسويقها لأطراف أوروبية وعربية، بهدف ملء الفراغ السياسي، والهروب من أزماتها وتجديد شرعيتها، ونقل الكرة في ملعب حماس والاحتلال.

وقد عقدت قيادات من السلطة لقاءات مع أطراف عديدة خصوصا أوروبية لتؤكد جدية دعوة عباس للانتخابات، بينما تناور السلطة في الشق المتعلق بالانتخابات الرئاسية، وهي تجتهد في تمرير رسائل أنّ عقدها لن يطول بعد الانتخابات التشريعية مباشرة، بهدف إزالة الاعتراض الأساسي على مقترح الانتخابات، وبالتالي تفكيك الكتلة الوطنية من الفصائل المتوافقة مع "حماس" في غزة، في رؤيتها لمسار المصالحة والانتخابات.

وترى حركة "فتح" في الدعوة للانتخابات فرصة لإعادة تفعيل قنوات اتصال مع "حماس"، بعدما كانت قررت سابقا مقاطعتها، كما يمكنها ذلك من كسر العزلة التي وضعت نفسها فيها، وقد توجت بمبادرة الثمانية لإتمام المصالحة.

ويسعى الرئيس عباس إلى نقل ملف المصالحة إلى مربع جديد، بعيدا على الاتفاقات السابقة، ودفع مختلف الأطراف إلى إعادة تقييم مواقفها من السلطة خصوصا القاهرة والاحتلال.

كما تخشى السلطة نجاح أي خطوات أو مشاريع مستقبلية يمكن أن تؤدي إلى تفكيك الحصار عن غزة بعيدا عنها، وهي تحاول استثمار ورقة الضغط المالي والإداري التي استخدمتها السلطة خلال العامين الماضيين ضد غزة في ظل استمرار أزمات القطاع المتواصلة.

في المحصلة لا تزال الانتخابات في مرحلتها الأولى والطريق أمامها طويل، لهذا تسعى السلطة إلى تقييم خطواتها عبر مراحل العملية الانتخابية المختلفة ابتداء من الدعوة وصولا إلى ما يفرزه الصندوق، وفي كل محطة سوف تزن نتائجها، ولدى السلطة وفتح من الذرائع ما يمكنها الانسحاب في أي مرحلة وتحميل الآخرين المسئولية وعلى رأسهم الاحتلال.

"حماس" نجحت حتى الآن في إغلاق الطريق أمام السلطة لثنيها عن اللجوء لخيار شرعنة الانفصال، وإجراء انتخابات منفصلة في الضفة الغربية، دون غزة والقدس.