طيلة عشرة أعوام منذ تخصيصها ظلت أرض مستشفى محافظة رفح والتي تمتد على مساحة 52 دونمًا فارغة، لم ينبت فيها حلم ربع مليون مواطن يسكنون بالمحافظة، بإنشاء مستشفى مركزي يوفر لهم خدمات صحية تنهي معاناتهم بالتنقلات العلاجية إلى المراكز العلاجية بمستشفيات المحافظات الأخرى.
مع مرور الوقت يزداد التعداد السكاني للمحافظة، ويبقى مستشفى أبو يوسف النجار الوحيد بالمدينة والذي يضم 65 سريرا طبيا، دون قدرة على تلبية احتياجات سكان المحافظة الذين يحتاجون إلى نحو 400 سرير، كما يخلو المستشفى من أقسام العناية المركزة والأشعة والقلب وصور الأشعة المقطعية (CT).
قسم الاستقبال في مستشفى أبو يوسف النجار(مستوصف) يستقبل يوميا ما بين 350 - 400 مريض، لا تزيد مساحة قسم الطوارئ في مستشفى النجار عن 200 متر، يحتوي على 13 سريرا لتقديم خدمات الطوارئ لما يزيد عن ربع مليون نسمة وهو الأصغر على مستوى الوطن.
مرت تلك السنوات ولم تحتف رفح بحلمها، ولا زال مشهد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014م تحديدا في الفترة ما بين 1-4 آب/ أغسطس يشكل هاجسا على سكان المدينة، حينما استشهد 255 مواطنًا بينهم 85 طفلا و44 امرأة، جرى وضع جثامينهم في ثلاجات المثلجات والأيسكريم للحفاظ عليها، كما أن بعضهم ظل ينزف حتى الاستشهاد ولم تتمكن الطواقم الطبية من نقله لمستشفيات المحافظات الأخرى.
وعود لم تتحقق
عضو لجنة الحراك الشعبي "رفح بحاجة لمستشفى" هداية شمعون تشير إلى مرور سنة كاملة منذ إقرار انطلاق لجنة الحراك الشعبي لبناء مستشفى رفح خلال جلسة مساءلة عقدت مع وزارة الصحة من قبل ائتلاف "أمان" للنزاهة والشفافية، ولم يحدث أي شيء.
وقالت شمعون لصحيفة "فلسطين": "قرننا العودة إلى التفاعل من خلال حملة مساندة بين 22-26 أكتوبر/ تشرين أول الجاري على وسم (رفح بحاجة لمستشفى) على مواقع التواصل الاجتماعي والذي أحدث تفاعلا كبيرا، كما تخلله تنظيم 10 لقاءات مع مؤسسات أهلية ومخاتير ووجهاء وفصائل وقوى وطنية وكتل طلابية لتوصيل المعاناة.
تلفت شمعون إلى أن لجنة الحراك تلقت اتصالات من جهات من رومانيا وكندا متخصصة ببناء المستشفيات، لكن عدم وجود مخططات هندسية للمشفى ورقم حساب بنكي منع استثمار الاتصال.
وأشارت إلى أن الحراك نظم أول من أمس يوما طبيا على الأرض المخصصة للمشفى، شارك فيه كادر طبي، هدف لإيصال رسالة رمزية أن أهالي رفح يتلقون العلاج على أرض ترابية، في ظل عدم تحقق الوعود السابقة وفي ظل الإهمال الكبير لرفح.
جهود مبذولة
من جانبه، بين مدير عام المشاريع والهندسة والصيانة في وزارة الصحة بقطاع غزة بسام الحمادين أن الوزارة بذلت جهودا كبيرة من أجل الحصول على تمويل لبناء مستشفى رفح المركزي وبدأت العمل على ذلك منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأول 2008- 2009.
ولفت النظر إلى أن مؤسسة مغربية أبدت استعدادها لبناء المشفى ووضعت الوزارة حجر الأساس وتخصيص قطع أرض بالتعاون مع سلطة الأراضي، لكن المشروع لم يتحقق.
وقال الحمادين لصحيفة "فلسطين" إنه وبعد حرب 2014 جرى تسويق مشروع المستشفى بعد انتشار صور وضع جثامين الشهداء في ثلاجات التبريد، مما عكس مأساة نقص شديد بالأسرة والعناية المركزية والخدمات الصحية.
ولفت إلى أن قطاع غزة يعيش حصارا شديدا خاصة أن الجهات المانحة لا تمول مشاريع كبيرة، مبينا أن الوزارة أطلقت نداءً لبناء المشفى بمبلغ 24 مليون دولار، وجرى تسويقه لعدة مؤسسات محلية وعربية وخارجية دون استجابة حتى اللحظة.
ولفت إلى أنه وبعد إعلان رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار عن دعم مشروع إنشاء المشفى بقيمة مليون دولار، عقدت الوزارة اجتماعا مع بعض الشخصيات وسلمت مخططات كاملة حول مركز غسيل الكلى لتلك الشخصيات الاعتبارية.
بحسب الحمادين، سيمتد المركز على مساحة 600 متر مربع مكون من طابق يتسع إلى 20 أو 40 جهاز غسيل إن جرى زيادة المبلغ إلى مليون و700 ألف دولار، وسيتم نقل 16 جهاز غسيل كلى من مستشفى أبو يوسف النجار للمركز الجديد.
وحول عدم وجود مخططات هندسية وحساب بنكي، قال إن: "العائق ليس الحساب البنكي الذي يمكن فتحه اليوم، لكن هناك جمعية مخصصة بدعم مستشفى رفح هي المكلفة بالإعلان عن رقم الحساب، وأنه لم يعهد على الوزارة فتح حسابات بنكية خاصة"، مشيرا إلى أن المنح التي تستقبلها الوزارة من جهات دولية يتم تنفيذها من خلال مكاتب إشرافية.
ووفقا للحمادين، فإن هناك مخططات عامة للمباني التي يتضمنها المشروع من حيث أماكن توزيعها على قطعة الأرض المخصصة، لأقسام الطوارئ والعمليات الجراحية والنساء والولادة، فيما توجد مخططات هندسية وانشائية ومعمارية وكهربائية جاهزة لمركز غسيل الكلى.