حالة من الشلل السياسي تمر بها دولة الاحتلال الإسرائيلي، مع اقتراب انتهاء مخاض جولة تشكيل حكومتها للمرة الثانية، بعد فشل زعيم حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو بتشكيلها، فيما تذهب المؤشرات إلى عدم قدرة "بيني غانتس" رئيس حزب "أزرق أبيض" على تشكيل الحكومة.
ومن الصعب تشكيل "أزرق أبيض" حكومة، لأنه بحاجة لتأييد "القائمة العربية المشتركة" وحزب "إسرائيل بيتنا" بقيادة أفيغدور ليبرمان مجتمعين، فلن يحصل على الأغلبية إذا ما حصل على تأييد طرف واحد من الطرفين.
وهذا صعب لوجود تباين بالمواقف بين أعضاء القائمة المشتركة، فحزب "بلد" أحد أعضائها يرفض دعم غانتس، فيما يحاول الأخير التفاوض مع باقي الأطراف بالقائمة، الذين يرفضون دعمه بدون حزب "بلد"، وليبرمان يرفض دخول حكومة بوجود العرب، حتى لا يخالف تعهداته الانتخابية ويخسر موقعه باليمين.
ويملك "أزرق أبيض" عمليا 33 مقعدًا تضاف إليها 11 مقعدًا من حزب العمل وحزب "ميرتس"، وإذا ما منحته القائمة العربية دعمًا من خارج الحكومة بمقاعدها الثلاثة عشر، فيصبح لديه 57 مقعدا، ويحتاج إلى ليبرمان الذي يملك 8 مقاعد، لتشكيل الحكومة.
لكن لا يبدو هذا التشكيل سهلًا، فلا يمكن الجمع بين ليبرمان والقائمة العربية، فالأول وضع شرطًا أن أي دعم يجب أن يمر عبر الحكومة مع الليكود، فيما تستمر أزمة المحاصصة بتقاسم الحكومة بين "أزرق أبيض" و"الليكود"، فنتنياهو يريد تولي الفترة الأولى وهو بحاجة شديدة لها، وفق المختص بالشأن الإسرائيلي عبد اللطيف الحصري.
أفق مسدود
ويرى الحصري في حديث لصحيفة "فلسطين" أن الأفق السياسي الإسرائيلي مسدود، ما يرجح أن تذهب الأمور إلى انتخابات سياسية ثالثة.
ويقول إن "أزرق أبيض" لا يزال يملك بعض الهامش من المناورة من أجل تشكيل حكومة وحدة، لكن لا يمكنه تشكيل حكومة حتى لو حصل على دعم من القائمة العربية المشتركة، ما دامت كتلة اليمين تتمترس في مواقفها ككتلة واحدة من 55 عضوا.
ويعتقد الحصري أن أي تجاوز لنتنياهو واستثنائه، يقصر الطريق عمليا بينه وبين السجن، إذا ما تقدمت لائحة اتهام ضده، خاصة وأن كل المؤشرات تشير إلى أن لائحة الاتهام قادمة، لكن "أزرق أبيض" قد يوافق على التنازل عن الفترة الأولى لنتنياهو شرط أن يتنحى الأخير -مع الحفاظ على منصبه كرئيس حكومة دون صلاحيات- في حال تقدمت لوائح الاتهام ضده، ويمارس "غانتس" الصلاحيات.
ويرى أن الشارع الإسرائيلي بات مخدرا، فأزمة كتلة اليمين متعلقة بشخص نتنياهو، وأزمة اليسار سببها "القائمة العربية"، فلا اليمين قادر على تجاوز نتنياهو والذهاب لشراكة مع "أزرق أبيض"، ولا اليسار والمركز قادر على التعامل مع القائمة العربية، وهذا ما يجعل المعسكرات الإسرائيلية "متشظية".
ونبه إلى أنه حتى لو جرت انتخابات ثالثة فقد يرتفع حزب الجنرالات قليلا وينخفض الليكود وهذا لا يحل الانسداد الحاصل.
جولة ثالثة
إلا أن المختص في الشأن الإسرائيلي فرحان علقم يذهب إلى أبعد من توقعات الحصري، مبينا أن الأوساط الإعلامية الإسرائيلية تتحدث كثيرا عن الاستعداد ليس فقط لجولة انتخابات ثالثة بل رابعة.
وقال علقم لـ"فلسطين": إن الجولة الثانية في مخاض نهايتها، وسيتم الدعوة لجولة ثالثة التي قد تنتهي بالفشل، وبنفس النتائج المتوقعة حاليا.
ويتوقع أن تفشل جولة تشكيل الحكومة الحالية، بعد فشل نتنياهو في تشكيلها، وربما فشل غانتس، لأن كتلة اليمين ما زالت متماسكة خلف نتنياهو، وأقطاب اليمين يرفضون الحديث مع غانتس إلا من خلال نتنياهو.
فالتحالف بين "الليكود" و"أزرق أبيض" صعب، لأن الأول يريد نتنياهو في الرئاسة أولا، وغانتس لا يستطيع تجاوز قادة حزبه الجنرالات، الذين يرفضون إعطاء نتنياهو الولاية الأولى، وفق علقم.
ويصف ما تمر به دولة الاحتلال بـ"الشلل السياسي" في ظل حكومة غير قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية، بأي اتجاه سياسي أو اجتماعي وصنع القوانين، معتقدا أن مشاركة الجمهور الإسرائيلي بالانتخابات للمرة الثالثة سيكون من أجل معاقبة أشخاص وإبراز قيادة جديدة أو المساهمة للخروج من الأزمة أو قد يظهر عزوف واضح عن المشاركة.