هاجم وزير سابق بالحكومة التي كان يرأسها رامي الحمد الله السلطة الفلسطينية، متهمًا شخصيات كبيرة فيها بالفساد والمحسوبية أثناء عملهم داخل أروقة الحكومة بالضفة الغربية المحتلة.
وكتب الوزير شوقي العيسة على حسابه في موقع "فيسبوك" أربعة منشورات تتعلق بقضايا حدثت معه أثناء فترة توليه وزارتي الشؤون الاجتماعية والزراعة يشير فيها إلى قضايا فساد تقف خلفها شخصيات كبيرة في السلطة الفلسطينية.
وتعد هذه المرة الثالثة التي يوضح فيها العيسة بعض ما يجري داخل أروقة الحكومة بالضفة عقب تأكيده قبل أسابيع أن وزراء حكومة الحمد الله زادت رواتبهم نحو الضعف في ظل أزمة خانقة تعيشها السلطة، وحديثه عن ملف "بدل السفر في مهمة"، الذي قال إنه يثقل كاهل الميزانية وفيه كثير من التحايل.
ولم يذكر العيسة إن كان سيستمر في كتاباته أم لا، إذ كان سابقا أكد أنه سيكشف أسباب استقالته من الحكومة.
وكان قال في وقت سابق إن هناك جيشًا من الفاسدين الكبار المعروفون على مستوى الوطن في أماكنهم ومواقعهم الحساسة.
وأضاف "من يسأل لماذا الحديث عن الفساد الآن، نسأله بأعلى صوت لماذا الفساد مستمر حتى الآن، لماذا لا يزال الفاسدون الكبار المعروفون على مستوى الوطن في أماكنهم ومواقعهم الحساسة".
وتابع "من يريد أن يواجه أكبر مؤامرة ضد قضيتنا هل يريد أن يقنعنا أنه سيواجهها بهؤلاء، بجيش من الفاسدين؟".
واستطرد "المشبوه ليس من يحارب الفساد في كل وقت، بل من يحاول اتهامه ويحاول الدفاع عن الفاسدين بالقول إن محاربتهم ليس الآن، وكأنهم على الجبهة يدافعون عن الوطن وليس يسرقون ويخربون الوطن".
فيما يلي ما جاء في منشورات الوزير العيسة:
من يوميات وزير مش وزير في دولة مش دولة في سلطة بلا سلطة.
(1)
عندما كنت جديدا على وزارة الزراعة دخل إلى مكتبي أحد الموظفين الكبار في الوزارة ومعه ورقة بالإنجليزية وقال إنها دعوة له لمؤتمر في شرق آسيا من أهم المؤتمرات ويجب أن يشارك فيه على الأقل هو، ولكن المشكلة أنه غير مغطى التكاليف ولأهميته ضروري موافقتي على الصرف للمشاركة. قرأت الورقة وبدأ عليه التوتر أثناء قراءتي، يبدو أنه كان متعودًا على الحصول على الموافقات دون تدقيق، فإذا به قد طبع ورقة عن إحدى صفحات الانترنت تتحدث عن مؤتمر سيعقد في الهند أعتقد، وليست دعوة ولا علاقة لنا بها. فمزقت الورقة وقلت له أطلع بره وما تحاول تعيدها. طبعًا حاول وحاول بعدها وبأشكال متعددة لأنه تبين أن الأخ مدعوم من فوق فوق فوق.
(٢)
وفي يوم آخر قبل استقالتي بوقت حضر إلى مكتبي شخصان عرفوا على أنفسهما أنهما من مكتب الرئيس، وكان معهما كتاب طلبوا من الوكيل طباعته على أوراق الوزارة الرسمية وتكون جاهزة لتوقيعي، وهي موجهة مني لوزير الزراعة في إحدى الدول العربية، وحضرا ومعهما الوكيل والرسالة لي. وبدأوا يشرحون الموضوع لي، بأن منظمة التحرير تملك أراض شاسعة في تلك الدولة وغير مستغلة، وأن أخ لواحد منهم يعيش هناك واتفق مع وزير وحكومة تلك الدولة بأن رسالة مني لذلك الوزير كافية لتسليم الأرض له ولأخيه وتسجيلها باسمهما، لاستغلالها للمنظمة، وقال إنهم تحدثوا مع الرئيس في الموضوع ووافق، وعليّ توقيع الكتاب، فضحكت وقلت بسيطة لنتصل ونرى فقالوا مع الأسف الرئيس قبل خمس دقائق دخل على اجتماع في بيت لحم مع رئيس أجنبي يزور فلسطين، وقال عندما تحدثنا مع الرئيس كان الأخ فلان موجودًا، فقلت طيب نتصل به فقال مع الأسف هو أيضًا دخل مع الرئيس على نفس الاجتماع، فقلت طيب ننتظر انتهاء الاجتماع، فقالوا لا يوجد وقت، الجسر سيغلق بعد ساعة والطائرة من عمان بعد ساعات قليلة. فمزقت الورقة وقلت لهم أردت الاتصال لسبب في نفسي ولكن حتى لو قال لي الرئيس لن أوقعها. أنتم تتحدثون عن أملاك منظمة التحرير ومن أنا وما صفتي لأوقع على هكذا كتاب. ثم كيف تريدون تسجيلها بأسمائكم وهي ملك للمنظمة يعني للشعب.
(٣)
في الأشهر الأولى حين كنت أعمل في أكثر من وزارة وأتأخر في المكتب كثيرًا. كنت بعد الوصول إلى البيت اقرأ الرسائل على التلفون وفيسبوك وأحاول الرد قدر المستطاع. في إحدى الليالي وجدت رسالة من شاب من غزة موجود مع طفلته المريضة في إحدى المستشفيات منذ فترة ولم يتلق مساعده ووضعه المالي في الحضيض، وترك رقم تلفونه. فاتصلت به وكانت الساعة قد جاوزت منتصف الليل. ما لم يخطر في بالي أنه لم يصدق انني الوزير، وهات أقنعه أنني الوزير قبل الدخول في الحديث عن المشكلة، طبعًا معه حق مَن مِن العرب يتوقع أن يتلقى هكذا اتصال فلدينا الوزير يعتبر نفسه....... كبيره ولا يتحدث مع الشعب. المهم طلبت منه أن يحضر إلى مكتبي صباح اليوم التالي في وزارة الشؤون لمساعدته، وانتهى الاتصال وهو بين مصدق وغير مصدق ولكنه حضر.
هذه لأصحاب النوايا الحسنة الذين يعلقون لماذا لم تقم بكذا وكذا ولماذا لم تحولهم للجهات المختصة، وكأنهم لم يقرأوا كتاب استقالتي أو كأنهم يعيشون على كوكب آخر.
(٤)
يومها كان الجو مكهرب بين الموظفين والكل مستاء، فقد أعلنت لجنة جائزة مشاريع التمر في الإمارات عن فوز مشروع فلسطيني بالجائزة الأولى وأمريكا بعظمتها بالجائزة الثانية، ولكن المشروع الفلسطيني فاز باسم شخص (بتاع السفرات ع مؤتمرات الانترنت).
طلبت ملف المشروع وكل تفاصيله، فوجدت أن المشروع نفذته الوزارة في أريحا وعمل على تنفيذه أكثر من 25 موظفًا إضافة للمزارعين، وأن هذا الموظف الكبير المدعوم لا علاقة له بالمشروع، وأنه أصلًا لم يكن في فلسطين في فترة تنفيذ المشروع بل كان يعيش في الإمارات. وأن الوزير السابق أعطاه كتاب أنه هو من وراء المشروع وقدمه للإمارات. ثم أحضرت كل وثائق الجائزة وشروطها ووجدت أنها بدأت منذ خمس أو ست سنين منذ ذلك التاريخ، وأنها لم يسبق وأعطيت لشخص بل دائما تمنح لوزارات أو جمعيات أو مؤسسات عامة.
يعني واضح أن هناك خللا ما في الموضوع، وقيمة الجائزة تعادل ثلاثمئة ألف شيكل. هو قال إنه عمل دراسة عن المشروع ولذلك فاز به، وقدم لي ورقتين أو ثلاث لا تستحق ضياع الوقت لقراءتها وفيها معلومات غير صحيحة أصلًا.
والمشروع حسب تقييم من عملوا فيه ليس على تلك الدرجة من النجاح والإماراتيون لم يزوروه ولم يفحصوا أي شيء عنه واكتفوا بما قدم الأخ المناضل.
قررت مخاطبة الإماراتيين بأن المشروع ملك للوزارة والحكومة الفلسطينية وأن مبلغ الجائزة يذهب للوزارة.
هذا خلق مشكلة له ولأصحابه في الامارات، فقام داعموه اللي فوق بالكذب على الرئيس وقالوا له أن الدكتور فلان رفع رؤوسنا وفاز بجائزة دولية ومن المفيد فخامتك توجيه رسالة شكر للإماراتيين. وهذا ما حصل أرسلوا رسالة باسم الرئيس يشكرهم على منح الجائزة لفلان. وأخذ المبلغ.
حولت كل الملف لهيئة مكافحة الفساد وسلمته بيدي للأخ أبو شاكر.
مرة أخرى كذبوا على الرئيس بأن هذا الوزير (أنا) يعرقل عمل المبدعين وحوّل دكتور الجائزة الدولية لمكافحة الفساد. الرئيس لم يسألني ولم يستفسر لماذا فعلت ما فعلت، وأصدر الرئيس قرارًا (مع أنه قانونيًا ليس له هكذا صلاحية) بإغلاق الملف واعتباره كأن لم يكن. ووجه نسخة من قراره إلى رئيس هيئة مكافحة الفساد ونسخة لوزير الزراعة.
وبتقولولي ليش استقلت.