فلسطين أون لاين

​مستحقات موظفي السلطة بغزة.. نسبة الصرف "مخسوفة"!

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

بعد أن وقف الموظف خالد إبراهيم (اسم مستعار) أمام صفوف موظفي السلطة بغزة، قبالة أحد الصرافات الآلية لأحد البنوك، قام بسحب راتبه والمستحقّات التي صرفتها السلطة عن ثلاثة أشهر ماضية (إبريل، مايو، يونيو)، فعاد لطفلتيه اللتين تنتظرانه على الدراجة النارية "مكسور الخاطر".

وسرعان ما محت ملامح الحزن البادية على وجنتيه تلك الابتسامة التي فردت وجوه طفلتيه لحظة تقدمه نحوهن، قبل أن يقول: "مش حقدر أجيبلكم اللي طلبتوه، أكلوا المستحقات".

الساعة السابعة والنصف مساء، بمدينة غزة، تفاجأ إبراهيم الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن نسبة الصرف "مخسوفة" وهي تكملة لما تبقى من الـ70% من الراتب، وليس بنسبة كاملة كما أشيع وتحدثت قيادة بالسلطة عن ذلك، أو مساواتهم بزملائهم في الضفة الغربية المحتلة.

يقول وبدا شارد الذهن: "إنني مستاء، لم نتوقع أن يكون الخصم لهذه الدرجة، كنت أتوقع أن أحصل على أكثر من ألفي شيقل، لكنني تقاضيت فقط ألف شيقل".

جاء إبراهيم واضعًا في مخططاته دفع نصف المستحقات التي توقع أن يحصل عليها، للرسوم الدراسية الجامعية للفصل الأول لابنته، لكن جاءت الأمور على غير توقعاته.

يسترق النظر تجاه طفلتيه منتزعا ابتسامة ممزوجة بالحسرة: "سأراضيهن بلعبة، رغم أنني وعدتهن بأكثر من ذلك، أما ابنتي الجامعية لا أعرف ماذا سأخبرها فهي بحاجة إلى 250 دينارا أردنيا كرسوم دراسية، وما حصلت عليه أقل من ذلك، ولدي متطلبات أساسية أخرى".

"ما حدا مدوّر علينا.. لمين نروح؟".. هذه المرة الكلام من طبيب بيطري يعمل لدى السلطة، ولا يزال على رأس عمله، لكنه كما سابقه تفاجأ بنسبة صرف المستحقات.

الطبيب الذي غزا الشعر الأبيض رأسه بدا مستاءً من نسبة الصرف، هذا ما عكسته نبرة صوته حين قال: "ما صرفته السلطة لنا لا يتناسب مع مستحقات الأشهر الثلاثة، فقد صرفت لي عن كل شهر 400 شيقل، رغم أن مستحقاتي عن كل شهر تبلغ 1000 شيقل".

لم يبنِ الطبيب آماله على أي شيء، فجاء إلى البنك متوقعًا الأسوأ بعكس غيره من الموظفين، وزاد بقوله: "في غزة يجب أن تتوقع الأسوأ، رغم أنني على رأس عملي منذ ثلاثة أعوام إلا أنني حصلت على جزء فقط من مستحقاتي".

وكان محمد أحمد (اسم مستعار) يعد النقود الورقية، قبل أن يتحدث لصحيفة "فلسطين": "كنت أتوقع صرف 3 آلاف شيقل، لكن ما حصلت عليه كما ترى 1400 شيقل عن ثلاثة أشهر".

ويضيف بتنهيدة ممزوجة بالغضب: "تفاجأت بأن نسبة الصرف ليست كاملة، كان لدي أمل بأن تتحسن أمور حياتي"، ثم تبسم متهكما على نسبة الصرف فاردا ذراعيه: "كنا نحصل على 60%، الآن هو صرف مستحقات لما تبقى من الـ70%".

وصرفت السلطة أول من أمس، جزءاً من مستحقات موظفيها بعدما تسلمت الأحد الماضي دفعة جديدة من عائدات "المقاصة" المجمدة لدى الاحتلال الإسرائيلي، وتقدر بنحو 1.5 مليار شيقل عقب تراجع السلطة عن رفضها استلام الضرائب.

ومنذ شباط/ فبراير الماضي، ترفض قيادة السلطة تسلم عائدات المقاصة بعد قرار حكومة الاحتلال باقتطاع 42 مليون شيقل شهريا، تقول إنها توازي مدفوعات الحكومة الفلسطينية لعوائل الشهداء والجرحى والأسرى، تضاف إلى اقتطاعات شهرية إسرائيلية تصل إلى 200 مليون شيقل.

يشار إلى أن السلطة تصرف جزءا من رواتب موظفيها في القطاع، منذ نحو 3 أعوام ضمن إجراءات عقابية ضد غزة، بررتها بأنها بهدف دفع حركة حماس نحو "تسليم غزة"، ومرة أخرى بأن نقصا في الأموال لديها.

وتشكل عائدات مقاصة الضرائب للسلطة نحو 60% من إجمالي إيرادها العام.