كطائر العنقاء الذي يخرج من رماده عنقاءٌ جديد، خرجت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة و فك الحصار بـ"حديقة العودة" على أرضٍ كانت تجمعاً للركام ومخلفات البيوت التي دمرها الاحتلال، ساعياً في خلق صورٍ للحياة دون توقف.
ما إن تطأ قدمك أرض المخيم ليستقبلك مُرتاديه بالمياه والقهوة والتمر كأنك حللت ضيفاً على مقرّهم، يتصدّر الخيمة القادة والوجهاء والمخاتير ومن جوانبها جموعٌ من المواطنين؛ متأهبين لافتتاح معلمٍ جديد من معالم الحياة.
مسافةٌ قصيرة كانت الفاصلة ما بين مخيم العودة وحديقته، سار فيها المواطنون بخطواتٍ متسارعة متجهين نحو أبوابه التي شُرّعت أمامهم، كانت أعلام فلسطين ومسيرات العودة تعتلي أسوارها، بين كل علمٍ من أعلام فلسطين كان هناك علمٌ بشعار مسيرات العودة في دلالةٍ على أن التمسك بحق العودة والمحاربة لأجله هي سبيل الحرية الواضح.
ما من حديقةٍ في أي مكان من العالم إلا وتملأها الأشجار، لكن أشجار حديقة العودة لم تكن كغيرها، فكل شتلةٍ وزهرة وشجرة هي رمزٌ وأثر لشهداء مسيرات العودة، كلما نمت تلك الأشجار سيُولد طفلٌ يسير على خطى هؤلاء الشهداء متابعاً فيها مسيرتهم، ومحققاً غايتهم.
ضحكات الأطفال عمّت أرجاء المكان، كيف لا وهم يمارسون حقهم في اللعبهذا الحق الذي يُعد الأقرب لقلوبهم، أما كبار السن من النساء فكانت ملامح الفرحة تغمر قلوبهم حتى أن عجوزاً لم تتمالكها الفرحة لتركب إحدى مراجيح الحديقة عائدةً بها إلى شيءٍ من ذكرياتها، كمن يبحث في لجة اليأس عن شيءٍ من الفرح.
بألوانٍ بهية وترابية رُسمت لوحات أخّاذة على جدران حديقة العودة، كانت أولاها زهرةٌ نيتت من أرضٍ لا تستحق إلا لحياة، وما بين الصبر و الحياة الوردية ينتفض أبناء هذا الشعب المحاصر رغم إصابتهم لإكمال مسيرات العودة؛ من أجل قضية العودة و الأسرى و القدس، أما أوسط تلك اللوحات فكانت مشهداً حي يختصر مسلسل "التغريبة الفلسطينية" وهجرة الفلسطينيين عام 1948، ليتبعها لوحةٌ خُطّ عليها عبارتي "عيدنا يوم عودتنا" و"العودة حقٌ كالشمس" التي كانت فوق خيم العودة.
كل تلك اللوحات الجدارية تجعلك تراها سلسلةً واحدة، لوحة الهجرة منها محصورة ما بين لوحات مسيرات العودة ولوحات مفتاح حق العودة والمحاربة لأجله فما بين الغاية والوسيلة تتضح خارطة الطريق، مؤكدةً أن لا سبيل للعودة سوى المقاومة.
وفي كلمة له قال خالد البطش رئيس الهيئة الوطنية العليا لمسرات العودة وفك الحصار، إن ساحة العودة والمواجهةالتي يتوجه إليها المواطنين من كل حدب وصوب، تفتح"حديقة العودة" معلماً من معالم الحياة في منطقة ملكة شرق القطاع، مؤكداً الاستمرار في مسيرات العودة.
وأشار إلى أن الهدف من إنشاء الحديقة هو تعزيز المشاركة الشعبية في مسيرات العودة وإعمار المنطقة، لافتاً إلى أن الهيئة ستعقد اجتماعاتها الأسبوعية في مقرها المخصص داخل الحديقة.