أشاد مختصان أمنيان بالحملات التوعوية التي تطلقها وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة لتوعية المواطنين بأساليب الاحتلال الإسرائيلي لاستدراجهم لوحل العمالة، عادَّيْن أنها توازي الجهد الاستخباري الحثيث لأجهزة أمن الاحتلال لضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية.
المختص في الأمن القومي إبراهيم حبيب رأى أن حملات وزارة الداخلية للتوعية ضد التخابر مطلوبة ويجب عليها الاستمرار فيها لا سيما أن عليها قبل إيقاع العقوبة توعية المواطنين بمخاطر العمالة والطرق التي يستخدمها الاحتلال للإيقاع بهم.
وقال حبيب لصحيفة "فلسطين": "هذه حملات إيجابية ولها مفعول يوازي الجهد الاستخباري الإسرائيلي، فالتوعية هي الجانب الأساسي لحماية الجبهة الداخلية والمقاومة على وجه التحديد".
وبيّن أن أهمية استمرار تلك الحملات "تعود لكون أساليب الاحتلال في الإيقاع بالمواطنين متطورة ومتنوعة ما يستدعي مواكبتها".
وأضاف حبيب: "الحملة الحالية هدفها التوعية بخصوص الاتصالات الهاتفية المنسوبة لجمعيات خيرية والصفحات الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي وهي أساليب حديثة".
وأردف بالقول: "ينبغي ألا تقتصر الداخلية على التوعية الإعلامية بل تتوجه للمدارس والجامعات وأماكن التجمع والمساجد للتحذير من مخاطر الانزلاق نحو العمالة".
وأشار حبيب إلى أن وجود حاجات كثيرة ملحة للمواطنين في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة قد تؤدي لانزلاقهم في العمالة بحسن نية ودون دراية منهم في سبيل الحصول على أغراضهم بالسفر أو المال أو العلاج.
استغلال المواطنين
وأكد حبيب أن الاحتلال يستخدم حاجات المواطنين تلك لابتزازهم، "ما يجعلنا بحاجة للتوعية والتحذير من أساليبه تلك التي قد يقع فيها المواطن بطريقة غير مباشرة ودون إدراكٍ منه لمخاطرها".
وبين أن الإسقاط عبر وسائل التواصل الاجتماعي يُعد من أكثر الوسائل خطورة، إذْ إن أغلب أبناء القطاع يتواصلون عبرها وتعتبر منفذًا مهمًا يدخلون منه لهم.
وأضاف حبيب: "حتى ما يكتبه المواطنون عبر تلك الوسائل على صفحاتهم الشخصية يتم تحليله عبر برامج خوارزمية لمعرفة توجهاتهم العامة أو لاصطياد مَنْ يعاني أزمة أو خللًا في حياته من خلال وحدة "السايبر" التي تضم أكثر من 5 آلاف مهندس ومبرمج تهدف لرصد كل ما ينشر فلسطينيًا عبر تلك الوسائل".
وتابع: "أما أسلوب التنكر تحت غطاء جمعيات خيرية سواء عبر الهاتف أو الإنترنت فينبغي للمواطن أنْ يتأكد عند التعامل مع أي جمعية من فاعليتها على الأرض واسمها ومكانها والعاملين فيها والتوجه لمقرها، وحتى لو ساوره الشك في أي جمعية حقيقية فعليه إبلاغ الجهات الأمنية بذلك لتتمكن من ضبط أي عنصر مدسوس في تلك الجمعيات".
فضح أساليب الاحتلال
بدوره قال الخبير الأمني محمد أبو هربيد: إن حملات وزارة الداخلية توعوية وتثقيفية لفضح أساليب الاحتلال الجديدة في استدراج المواطنين وتحويلهم لمتخابرين من خلال متابعة الموقوفين على القضايا ذات العلاقة وإجراء دراسات وتنظيم ورش العمل.
وقال أبو هربيد لصحيفة "فلسطين": "كثير من المواطنين يقعون ضحية عملية احتيال أو خداع أو إغراء من الاحتلال عبر الإنترنت فيكون المواطن قاصدًا تحقيق غايته بالسفر أو خلافه دون أن يدرك أنه ينجر لوحل العمالة، لذلك تزود حملات الداخلية المواطن بدفعة من المعلومات الأمنية التي تمكنه من مواجهة المخاطر وتجعله واعيًا لما يدور حوله".
وبين أبو هربيد أن الاحتلال يتحرك وفق احتياجاته الأمنية حيث يشعر دائمًا بالنقص والقلق على مستقبله وكيانه ويستخدم كل الأساليب والطرق لجمع المعلومات للاستفادة منها في قرارات أمنية وسياسية وعسكرية.
وقال: "الاحتلال يستغل الحصار وحاجة المواطنين للمال لتحقيق أهدافه، حيث يصنع الأزمات وفقًا لإستراتيجية (اصنع المشكلة وأوجد الحل)، حيث أحكم الحصار ومنع أسباب الحياة عن المواطنين في حين فتح صفحة "المنسق" للتواصل لحل تلك المشاكل ليضطر المواطن الراغب بقضاء حاجته بالسفر أو العلاج للتواصل عبرها وهي في الحقيقة غطاء لعمل استخباري عنوانه توفير الحاجات".
وأعرب أبو هربيد عن اعتقاده بأن شعبنا بشكل عام واعٍ بأساليب الاحتلال إلا أن البعض بحاجة للتوعية وتقوية الوازع الوطني والديني لديهم، وأضاف: "ينبغي ألا ينفتح الإنسان على الغرباء تحت أي مسمى كان سواء "جمعيات خيرية أو بحث اجتماعي أو علاقات حب".
وأضاف: "مسؤولية الوزارة رفع مستوى الوعي وأنْ تكشف أساليب الاحتلال وتحذرهم بشكل مستدامٍ مع التوعية بأي أسلوب جديد للاحتلال وتحويل المعلومات الأمنية لتثقيفية، فقبل أنْ تفكر في ملاحقة المواطن الذي ارتكب جرمًا يجب أن تكون قد حذرته وقوَّت لديه الوازع الديني والوطني".
وأردف أبو هربيد بالقول: "بعض العملاء بعدما أعطتهم الوزارة الأمان في حملات التوبة تشجعوا وسلموا أنفسهم بعد أن كان الاحتلال يخوفهم من أنهم إذا ما سلموا أنفسهم فإنه سيتم إعدامهم".
وبين الخبير الأمني أن الاحتلال يعتمد أسلوب "الهندسة الاجتماعية" وهو فن اختراق العقول وجمع المعلومات من خلال التستر خلف مؤسسات اجتماعية أو بحثية، وأسلوب "الاغتيال المعنوي" من خلال نشر الشائعات وتشويه وتضليل الجماهير كما تفعل صفحة "المنسق" عبر "الفيسبوك" من خلال تشويه المقاومة ومحاولة إقناع الجمهور الفلسطيني بأنها سبب الأزمات التي يعانيها من حصار وجوع.