قائمة الموقع

محللون: المبادرة (إسرائيلية-الخليجية) انتحارً سياسي

2019-10-07T06:30:00+03:00
صورة أرشيفية

كشف الإعلام العبري، أن دولا خليجيّة شكلت طواقم مشتركة مع دولة الاحتلال لبحث تطبيع العلاقات، إثر مبادرة عرضها وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس، على هامش الجمعية العامّة للأمم المتحدة قبل أيام.

وأشارت القناة 12 العبرية، إلى أن المبادرة تستند إلى استغلال "المصالح المشتركة بين (إسرائيل) ودول خليجيّة لمواجهة إيران" من أجل تطبيع العلاقات في مجالي الحرب على "الإرهاب" والاقتصاد، وتقتصر المبادرة على هذين البندين، بحسب القناة، على ضوء الاعتقاد بأنه في المرحلة الحاليّة، من غير الممكن التوقيع على اتفاقيّات تسوية كاملة بسبب استمرار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني.

ووفقًا للقناة، فإن المبادرة تستند إلى الأسس الآتية: تطوير علاقات وديّة وتعاون بين البلدان، "على أساس ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي"، واتخاذ خطوات "ضروريّة وفعّالة لضمان عدم انطلاق أو تخطيط أو تمويل عمليات قتالية أو عدائية أو تخريبيّة أو عنيفة أو تحريضيّة" من دول الخليج ضدّ (إسرائيل).

كما تشمل المبادرة "الامتناع عن الانضمام أو الدفع أو مساعدة أي تحالف أو منظمة ذي خلفيّات عسكريّة أو أمنية، مع طرف آخر غير موقّع على الاتفاق"، دون الإعلان عن مصير التحالفات القائمة مثل مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربيّة. وينصّ التقرير، أيضًا، على حلّ "كل الاختلافات في الآراء عبر التشاور".

وبحسب القناة، أجرى الوزير الإسرائيلي سلسلة لقاءات على هامش اجتماعات الجمعيّة العامّة مع وزراء خارجيّة دول خليجيّة، بينما لم تكشف القناة عن الوزراء الذين التقاهم كاتس، غير أنه التقى خلال العام الماضي بوزير الخارجيّة البحريني وزار الإمارات.

تراجع مضطرد

وفي ذات السياق، رأى محللان سياسيان أن تعاطي الدول الخليجية مع المبادرة الإسرائيلية لرفع مستوى التطبيع، سيلحق الضرر بالدول الخليجية ذاتها قبل أن يلحقه بأي طرف آخر، مشيرين إلى أن مواصلة التطبيع هو انتحار للأنظمة.

وشدد المحلل السياسي د. عبد الستار قاسم على أن الدور الخليجي في القضية الفلسطينية تراجع بشكل مضطرد وكبير خلال السنوات الماضية، لافتا إلى أن هذا التراجع رافقه مد لحبال التواصل مع الاحتلال على أكثر من صعيد.

وأوضح خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن الفترة الأخيرة شهدت عشرات الحوادث التي تدل على ازدهار التطبيع مع الاحتلال، سواء كان عبر زيارات رسمية كما فعل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لسلطنة عُمان، أو عبر استقبال الفرق الرياضية التي تشترك بشكل مستمر في الفعاليات الرياضية في الخليج وآخرها في قطر.

وأكد قاسم أن منحنى التطبيع المتصاعد سيقضم كثيرا من أرصدة الخليج الشعبية لدى الشارع الفلسطيني والعربي، معتبرا أن هذا السقوط في مستنقع الاحتلال هو وصفة فاشلة يتوهم الخليجيون من خلالها بالحصول على الحماية من إيران.

ودعا إلى عدم الاستغراب إذ ما لاحت في الأفق القريب إرهاصات افتتاح سفارة اسرائيلية في قلب دول الخليج، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيكون تتويجا حقيقيا لتماهي بعض الأنظمة الخليجية مع الاحتلال بشكل كامل.

وذكر قاسم أن الاحتلال يدرك جيدا أن تقوية علاقاته مع الخليج يعني بالضرورة إضعاف ارتباط الخليج بالقضية الفلسطينية، لافتا إلى أن الدول الخليجية باتت تلاحق أي نشاط أو نشطاء يخدمون القضية الفلسطينية كما حدث قبل شهور في السعودية.

وشدد على أن ما يجري حاليا هو نتيجة لحالة العمى التي أصابت الأنظمة العربية بوهم استمداد القوة من العلاقة مع الاحتلال، مؤكدا أنه في نهاية الأمر سيعض العرب أصابع الندم على إشاحتهم بوجههم عن فلسطين والتفافهم حول دولة الاحتلال، مضيفا أن التاريخ علمنا أن "المتغطي بالاحتلال عريان وإن طال الزمن".

انتحار سياسي

بدوره، أكد المحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض، أن ذهاب دول الخليج باتجاه بناء علاقات مع الاحتلال هو وصفة ناجحة للانتحار السياسي، مشيرا إلى أن هذا الانتحار سينعكس بالسلب على تلك الأزمة قبل أن يؤثر على القضية الفلسطينية.

وذكر عوض في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن تصاعد الجهد الاسرائيلي في هذ المرحلة ربما سيكون مرتبطا بمحاولات نتنياهو التأثير على المجتمع الاسرائيلي عبر تسويق التطبيع مع العرب على أنه منجز كبير له، بغية استدرار تعاطف الجمهور معه في أتون الملاحقة القضائية التي يتعرض لها.

وبين أن وضع الشعب الفلسطيني كصاحب أهم قضية سياسية بين الشعوب العربية يعطي له الحق في نسج مخاوفه من عاقبة التقارب الخليجي الاسرائيلي، مؤكدا أن الأوضاع الحالية في المنطقة تشير إلى فترة تحولات سياسية كبيرة قد يكون من أبرز تجلياتها التطبيع الكامل مع الاحتلال.

وأوضح عوض أن تعاطي الدول العربية مع مبادرة الاحتلال سيوجب على الشعب الفلسطيني إنهاء دبلوماسيته المعهودة في التعامل مع العرب والحديث بشكل واضح لا مواربة فيه عن عداوته للمعسكر المناهض للحقوق الفلسطينية، وإن كان من بينه عرب كانوا يحملون هم الفلسطينيين فيما سبق.

وحول فرضية أن يكون هذا الأمر مرتبطا بإيران أكثر منه بالقضية الفلسطينية، رأى عوض أن السلوك الاسرائيلي يحاول دائما خلط الأوراق، ففي الوقت الذي قد يزين للعرب أن المبادرة ستحميهم من إيران، ستكون دولة الاحتلال قد رسختها وسخرتها لالتهام الحقوق الفلسطينية وإبعاد الخليج عن دائرة العمل لصالح الفلسطينيين.

وأكد أن قبول دول الخليج بهذه المبادرة سيكرس قصر النظر السياسي الذي يعانون منه، لافتا إلى أن تكلفة بناء علاقة للخليجيين مع إيران ستكون حتما أقل تكلفة من أي علاقة ولو بسيطة مع الاحتلال، وهي نتيجة مستنبطة بالقطع من دروس تاريخية كثيرة، لمن أراد أن يتعظ بها.

اخبار ذات صلة