فلسطين أون لاين

وأقوى من محاولات التفريق

بعد النكبة.. المسلمون والمسيحيون تحت سيف الهجرة

...
صورة أرشيفية
غزة - فاطمة أبو حية

من المعلوم أن النموذج الفلسطيني في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين يتميز بالسلام التام بين الطرفين دون مشاكل تقوم على أساس ديني، وإلى جانب التعايش، فقد مرّ الطرفان معا بمختلف المحطات التاريخية، وكان من ذلك نكبة عام 1948، فهاجر ثلث المسيحيين كما هاجرت أعداد كبيرة من المسلمين، فاستقبلتهم المخيمات دون تفريق بينهم، وتشاركوا في خوض الصعاب التي تلت هذه المرحلة..

نفس المعاناة

أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الدكتور حنا عيسى يقول: "لطالما كان الشعب الفلسطيني الأنموذج الأمثل للتعايش بين المسلمين والمسيحيين، وظهرت هذه الخاصية بعد وثيقة العهدة العمرية".

ويضيف لـ"فلسطين": "بقي الفلسطينيون على هذا الحال من الترابط حتى حلّت النكبة، فتعرّض المسلمون والمسيحيون لنفس المعاناة والتنكيل من الاحتلال، ناهيك عن محاولات التفريق التي لم تجد نفعا على الإطلاق".

ويتابع: "قبل النكبة، كان الفلسطينيون من مسلمين ومسيحيين يعملون معا ويتشاركون السكن في نفس القرى، ويفرحون معا، ويمارسون تفاصيل الحياة بشكل مشترك كجني الزيتون على سبيل المثال، وكان هذا يحدث في ظل حالة من الوئام والوفاق التام في كل المدن والقرى، وثبت عبر التاريخ أن لا تفرقة في فلسطين بين مسلم ومسيحي".

ويوضح عيسى أن النكبة عندما حلّت بالشعب الفلسطيني لم ترحم مسلما ولا مسيحيا، بل طالت الشعب بكل أطرافه، وامتدت انعكاساتها السلبية لتشمل الجميع، مبيّنا أن الهجرة لم تحدث أي شرخ في العلاقة بل زادتها تماسكا.

ويؤكد: "هاجر الفلسطينيون معا، وسكنوا المخيمات ذاتها، وتعرّضوا لنفس أشكال القهر، دون تمييز على أساس الديانة، فالتعايش على قلب رجل واحد".

ويشير حنا إلى أن الاحتلال جرّب بعد عام 1967عدّة طرق للتفريق بين المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين، لكن العلاقة بينهما لم تتأثر بأي من المحاولات، موضحا: "هذا يدل على التعايش القوي، وعلى أن الكل يتحمل المسؤوليات الوطنية جنبا إلى جنب".

تجاوزناها معًا

وانطلاقًا من "العهدة العمرية" أيضا، يبدأ الناطق باسم بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس المحتلة الأب عيسى مصلح حديثه لـ"فلسطين"، يقول: "نحن أصحاب العهدة العمرية، ولا يمكن أن ننقسم تحت ضغط أي محاولات للتفريق بيننا على أساس الدين، ولذا تجاوزنا النكبة معًا مسلمين ومسيحيين، وبعدها ارتقى العيش المشترك بيننا أكثر".

ويضيف: "تعرّض المسلمون والمسيحيون للتهجير عام 1948، وواجهوا معا كل التبعات التي ترتبت على النكبة"، متابعا: "بعد 1976 بدأت الهجرة المسيحية بشكل خاص للخارج، حتى انخفضت نسبة المسيحيين داخل فلسطين إلى أقل من 1%، والأغلب هاجر إلى الدول الأوربية، وتهجير المسيحيين جزء من مخططات الاحتلال لتطبيق التهويد".

ويواصل: "يجب أن يعود المسيحيون في الخارج إلى أراضيهم وبيوتهم في فلسطين، لكي يقف الفلسطينيون مسلمين ومسيحيين جنبا إلى جنب حتى تحرير آخر شبر وإعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".

ويوضح مصلح أن محاولات الاحتلال للتفريق بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين جاءت بطرق متعددة، مثل تمييز أحد الطرفين ببعض المزايا، مؤكدا: "هذه المحاولات كلها أفضت لنتيجة واحدة، وهي توطيد العلاقة أكثر".