فلسطين أون لاين

​الأجواء الماطرة ألهمتها والرمال سبيلها.. قصة شابة غزِّية أتقنت فن النحت

...
الرملاوي أنهت دراستها الجامعية لتخصص التعليم الأساسي
غزة/ صفاء عاشور:

في يوم ماطر وشديد البرودة، خرجت رانا الرملاوي (24 عامًا) من مدينة غزة للجلوس في قطعة أرض رملية ملحقة ببيتها، أغرتها رائحة الأجواء الباردة الماطرة للخروج وتفقد المكان والجلوس فيه، ومنذ هذه اللحظة اختلف كل شيء في حياتها.

"منظر الرمال المبتلة بمياه الأمطار جذبني للعب بها، كيف لا وأنا التي يستهويها كل شيء يُلمس باليد، جلست أعبث بالرمال، ولاحظت حينها أني أرسم خطوطًا وعلامات، استمرت يدي في عمل بعض الخطوط التي شكلت في النهاية شكل الإنسان، ومن هنا كانت البداية"، قالت الرملاوي لـ"فلسطين".

وأضافت: "واصلت النحت والرسم وتحديد تفاصيل المجسم منذ ساعات الفجر حتى الصباح، ليفاجأ أهلي بالمجسم المنحوت الذي جسدته أول مرة، كم كنت سعيدة بعلامات الدهشة التي ارتسمت على وجوههم وانقلبت بسرعة إلى تشجيع ودعوات للاستمرار في عمل هذه المجسمات".

وبينت الرملاوي أن التي أنهت دراستها الجامعية لتخصص التعليم الأساسي أنها منذ الصغر كانت تحب الرسم هواية، وكانت تجد نفسها في الإنشاد والتأليف في بعض الأحيان، ولكن لم يخطر ببالها يومًا أن تصنع أي مجسمات من طين أو رمل.

وواصلت: "بداية الموهبة كانت بالصدفة؛ كنت أشعر دائمًا أن بداخلي طاقات إبداعية للتشكيل بيدي بأي طريقة كانت، وفكرت بصنع أشكال من الصلصال لكنه كان مكلفًا لنحت مجسمات وتماثيل ضخمة، ثم فكرت في التشكيل بمادة الجبس واشتريتها، وقمت ببعض التجارب بها".

وأكملت: "لكن التكلفة المالية كانت تقف عائقًا أمام موهبتي بسبب ارتفاع تكاليف وأسعار الصلصال أو الجبس، ولكن تشجيع عائلتي لي -وخاصة أمي- كان دافعًا قويًّا لي لأستمر في تحويل هوايتي وشغفي إلى أمر ملموس".

وذكرت أنها عندما بدأت التشكيل بالرمل المبلول كانت تستوحي رسوماتها وأفكارها للتصاميم التي تقوم بها من إصابة أخيها الكبير، الذي أصيب في قدمه إصابة خطيرة كادت تقطع ساقه خلال مشاركته في مسيرات العودة وكسر الحصار الممتدة منذ 30 آذار (مارس) 2018م.

ونبهت الرملاوي إلى أنها ترجمت حزنها المكبوت بداخلها إلى تجسيد شخصية أخيها وهو يحتضن طفلته، وكانت النتيجة أقرب إلى الحقيقة، ومنها انطلقت رانا إلى نحت أشكال تتعلق بقضايا مجتمعية فلسطينية معاصرة.

وأوضحت أنها عندما تنجز عملًا من النحت تشعر بتفريغ جزء كبير من الحزن والكبت الموجودين داخلها، وتشعر أيضًا أنها حققت السعادة لنفسها ولمن يرى أعمالها، مشيرة إلى أن مكانها المفضل للنحت هو ساحة منزلها.

ولفتت إلى أن ساحة المنزل واسعة وتعطيها المجال للإبداع والشعور بالدافعية للنحت، وأن إقبال الناس على رؤية أعمالها يزيدها فخرًا وتشجيعًا، خاصة أن كل منحوتة تحمل رسالة تستهدف فكرة معينة، مشيرة إلى أن معظم منحوتاتها تحمل رسائل تخص القضية الفلسطينية أو قضايا معاصرة لمجتمعنا الحالي.

ولفتت إلى أن أدواتها الأساسية التي تستعملها في التشكيل هي يداها، و"الكريك"، وبعض الأدوات الثانوية التي تلبي الغرض، كالأعواد الخشبية، و"المسترين" (أداة يستخدمها عمال البناء)، إضافة إلى الرمل والماء، المادتين الأساسيتين في التشكيل.

وأشارت الرملاوي إلى أن الرمل سريع التفتت ولا يبقى أكثر من يوم أو يومين، لسرعة تأثره بالعوامل الخارجية كالأمطار والرياح، متمنية وجود حاضنة لدعم موهبتها حتى تتمكن من أن تصل إلى العالمية وتحقق حلمها بأن ترفع اسم فلسطين بين الدول المشاركة العربية والغربية.

وطالبت وزارة الثقافة بتوفير جميع الاحتياجات الخاصة بالفنانين، وأولها مكان يجمعهم في موقع واحد، يتلقى فيه هؤلاء التعليم والتدريب، ما ينعكس على تطوير مواهبهم.