أكدت شخصيتان مقدسيتان أن استهداف سلطات الاحتلال الإسرائيلي المتواصل للشخصيات المقدسية يأتي في سياق ثنيها عن مواصلة الحديث عن قضية القدس كمدينة محتلة، وكذلك بهدف تحطيم الرمزية الدينية السياسية للشخصيات المقدسية لقدرتها على بناء الوعي الفلسطيني في نفوس الجيل الجديد.
ويرى الخبير في شؤون القدس الأكاديمي جمال عمرو أن استهداف الشخصيات المقدسية يأتي في سياق الاهتمام منقطع النظير الذي يوليه الاحتلال للمدينة المقدسة واستهدافها بشتى الوسائل والأساليب بغرض تركيعها.
وقال: "الحملة الإسرائيلية تستهدف بجانب الشخصيات المباني الأثرية بالقدس وعلى رأسها تدنيس المسجد الأقصى لكسر هيبته في نفوس المقدسيين بدوس بساطه بالبساطير وركل القرآن بأحذيتهم، ومسهم بالمرابطات في محاولة منهم لترويض العقل الفلسطيني لقبول هذا المنظر".
وأضاف عمرو: "ويمتد ذلك للتنكيل بشخصيات مقدسية رمزية كما يفعل الاحتلال مع الشيخ رائد صلاح ويتهمه بتسع تهم بهدف تحطيم الرمزية الدينية والسياسية للشخصيات المقدسية بشكل بائس وإجرامي كما يفعل بالمرابطات ويتعرض لهن بالاعتقال والإبعاد".
وتابع: "هم يستهدفون كل مَنْ يحمل لواء القدس ويشكل رافعة من روافعها ويحاول مس المكانة الاجتماعية والقيادية له سواء أكان شخصية سياسية أو دينية كما يحدث باستهداف محافظ القدس عدنان غيث ووزيرها فادي الهدمي لأن لهم صوتًا مسموعًا، ولو أنه أقل من المتوقع منهم لأجل القدس فهم يريدون فلسطينيًا منبطحًا كشخصيات السلطة الرسمية".
حالة عداء
وأضاف عمرو: "هذه رسالة لرجالات السلطة وفتح بأن الاحتلال يستهدف فقط مَن لديه بقية من وطنية منهم بالاعتقال والاعتداء أما المنبطحون منهم فهم مرضيٌّ عنهم لديه".
وأشار إلى أن عداء الاحتلال للمواطنين المقدسيين يجعلهم في حالة عداء معه فهم لا ينتظرون منه حلوى ولا وردًا، ومساعيه لتركيعهم لن تفلح إلا إذا نجح في "أسرلة" التعليم الفلسطيني بالقدس.
استهداف السيادة
بدوره، عزا الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حسن خاطر الاستهداف الإسرائيلي للشخصيات المقدسية لرغبة الاحتلال في ألا يتم الحديث عن القدس كعاصمة أو مدينة فلسطينية تحمل رمزية دينية وتاريخية وسياسية، مما يجعل كل مَنْ يُخرجها في هذا الإطار سواء أكانت شخصية دينية أو سياسية أو علمية أو فكرية محل استهداف وملاحقة.
وبين أن استهداف أي شخص يأتي بقدر تأثيره في المرحلة التي هو فيها وبغض النظر عن مرجعيته الفكرية أو السياسية "فنرى الاحتلال يستهدف بين حين وآخر أشخاص مختلفين بالتهم ذاتها، وهي السعي لجعل القدس في صورتها الحضارية بعيداً عن الاحتلال كما يحدث حاليًّا مع وزير القدس والمرابطات بالمسجد الأقصى".
وأضاف خاطر: "فنلحظ اعتقالات متكررة واستهداف بالإبعاد والغرامات للوجهاء والمرابطين والمرابطات لـتأثيرهم وحضورهم في القدس، وهذا يعني أن تلك الملاحقات لن تفلح في إسكاتهم وجعلهم يستسلمون للاحتلال".
ولفت إلى أن استهداف تلك الشخصيات يأتي أيضاً في إطار استهداف كل أشكال السيادة الفلسطينية والعربية في المدينة منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال حتى بات أي نشاط بسيط كـ" تكريم أوائل الطلبة" أو " توزيع مساعدات غذائية" يحتاج لموافقة "أمنية"، كما يواصل إغلاق المؤسسات ذات الطابع السيادي كـ"الغرفة التجارية" و"بيت الشرق" و"مجلس الإسكان".
وبينخاطر أن الاستهداف لا يقتصر على الشخصيات البارزة بل يتعداه لكل المؤثرين كـ"حراس المسجد الأقصى" الذين يتم إبعادهم في استمرار لحربه على المدينة المقدسة وانتماء أهلها العربي والفلسطيني، اعتقاداً منه بأنه إذا نجح بمحو فكرة القدس من عقول تلك الشخصيات فإنه سيمحوها لدى المقدسيين جميعاً.
وعبر عن اعتقاده بأن الاحتلال لن ينجح في مسعاه لتحييد تلك الشخصيات لأن المقدسيين يدركون أن معركتهم مصيرية مع الاحتلال، فرسائل القمع الإسرائيلية لن ترهب سوى الجبناء أو الذين تحكمهم المصالح الشخصية، أما الذين ينتهجون النضال لأجل القدس فلن تزيدهم إلا إصراراً على المقاومة ولن تولد إلا مزيدًا من التحدي، ولن تحقق هدف الاحتلال بالتهجير عبر سياسات الترهيب التي لم تنجح منذ سبعين عامًا.