مضت عشرون يومًا بلياليهن على اعتصام الضباط العسكريين المتقاعدين قسرًا أمام مقر الحكومة في رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، من أجل المطالبة بإعادتهم إلى رأس عملهم، ولكن دون مجيب.
المتحدث باسم الضباط المتقاعدين قسرًا الرائد في جهاز الاستخبارات العسكرية خالد أبو جورة يقول: "لليوم العشرين ونحن معتصمون نفترش الأرض ونلتحف السماء على الرصيف مقابل رئاسة الوزراء، ولم يستجِب أحدٌ لمطالبنا البسيطة جدًّا مثل أي مواطن شريف".
ويرجع اعتصام نحو 15 ضابطًا إلى الرابع من سبتمبر/ أيلول الجاري أمام مقر رئاسة الوزراء مطالبين برفع الظلم عنه، بعد عام ونصف من المماطلة والتسويف بحل قضيتهم.
وكانت حكومة الحمد الله قد أحالت العام الماضي آلاف الموظفين من القطاع العام، ومئات العساكر إلى التقاعد المبكر قسرًا، بموجب قرار بقانون رقم (17) لعام 2017، صدق عليه رئيس السلطة محمود عباس.
ويوضح أبو جورة (54 عامًا) في حديث مع صحيفة "فلسطين" مطلبهم البسيط قائلًا: "مطلبنا هو إعادة كرامتنا بعودتنا إلى أماكننا التي طردنا منها، حسب وصف قادة الأجهزة الأمنية، الذين لم يرعوا أي قواعد أو أنظمة أو لوائح تحكم في هذا الشأن".
ويضيف: "قرار بقانون التقاعد الذي صدر كان منتهي الصلاحية، حيث إن قرار التقاعد كان في 25 إبريل 2018، وانتهاء العمل بالقانون كان في 24 إبريل 2018، عدا عن مخالفته القانون الأساسي الفلسطيني".
ويتساءل مستنكرًا: "على أي قرار بقانون تقاعدنا ومعظمنا تاريخ تقاعده بعد انتهاء مدته؟ ناهيك بأن التقاعد القسري المجحف للضابط وهو بعنفوان عطائه في عمله لم ينص عليه أيضًا أي قرار بقانون".
ويصف أبو جورة أوضاع الضباط المتقاعدين بـ"السيئة جدًّا"، حيث أصيب أحد زملائه وهو النقيب "فهمي محاليس" بجلطة نظرًا لعدم استجابة الحكومة لمطالبهم، عدا عن أن الجلسة فوق الرصيف متعبة جدًّا، وفق قوله.
ويروي أبو جورة معاناة عائلاتهم: "عشرون يومًا ونحن على الرصيف لم نرَ عائلاتنا، فحالاتهم يرثى لها وباتت تكاليف الحياة متعبة، فهم يريدون مصروفًا ولدينا أبناء في الجامعات بتنا بنظرهم عالة عليهم".
ويكمل: "عندما تقاعدنا سألونا عن سبب تقاعدنا فلم نُجِبْهم لأننا لم نعرف، فقلَّ احترامنا أمامهم، وهدرت كرامتنا، الرصيف أرحم لنا من نظرات أبنائنا".
قمع الاعتصام
وخطط المعتصمون لنصب خيمة تحميهم من حرارة الشمس نهارًا وبرودة الليل مساءً، إلا أن عناصر الأمن الموجودين أمام مقر رئاسة الوزراء رفضوا، ثم أحضروا فرشات ليجلسوا عليها فرفضها الأمن أيضًا.
ويشير أبو جورة إلى أنه ومنذ بداية الاعتصام كان هناك أمر عملياتي لعناصر الأمن الموجودين أمام مقر رئاسة الوزراء بالقمع، مضيفًا: "إلا أننا فوتنا الفرصة عليهم".
والأسوأ من ذلك أن رئيس الحكوم محمد اشتية يمر من أمام المعتصمين كل يوم الساعة العاشرة، يرافقه معظم القادة دون مراعاة أي اهتمام لأوضاعهم.
ويوجه أبو جورة رسالة لرئيس الحكومة قائلًا: "يجب أن يقف عند مسؤولياته بشأننا، لكوننا طردنا وليس تقاعدنا كما يدعون، وكان طردنا بناءً على قرار بقانون منتهي الصلاحية".
ويتابع: "نريد من اشتية إصدار كتاب كما أصدر الحمد لله بعودة أكثر من 20 ضابطًا دون الرجوع للأجهزة الأمنية، ونحن نعلم أنه يرفض ذلك خوفًا من زعل رؤساء الأجهزة الأمنية عليه".
وكان رئيس حكومة رام الله السابق رامي الحمد لله أرجع (23) ضابطًا، في حين أرجع اللواء إسماعيل جبر نائب الرئيس لقوى الأمن (80) ضابطًا.
ويستطرد أبو جورة: "اشتية هو رئيس الحكومة وهذه دولته وهو الآمر والناهي في هذه الدولة، ليحترم عقولنا ولا يقول اذهبوا لمديري أجهزتكم كما سبق، فالحل والربط بيده".
ويظهر من كلام الرائد أبو جورة نفاق قادة الأجهزة الأمنية الذين يتظاهرون أنهم يريدون مساعدتهم، لكن في جلساتهم واجتماعاتهم لا يتطرقون إلى القضية مطلقًا.