تخط الفنانة رانيا مراد بريشتها السوداء حلقات متراصة فوق بعضها البعض، لتصل في النهاية إلى "سلسلة حديدية" طويلة تلتف حول منتصف ساعة رملية تجسد الخناق الذي يعيشه قطاع غزة بفعل الحصار الإسرائيلي الذي فاقمته إجراءات السلطة العقابية.
كانت "الساعة الرملية" تتوسط تلك السلسلة الحديدية، ففي نصفها الأعلى تمركزت الضفة الغربية، التي بدأت تُسقط الرمال على نصفها السفلي الذي يضم قطاع غزة، كمقبرة "قيد الإنشاء" غير قابلة للحياة.
"الساعة الرملية تحمل دلالة قوية مفادها أن السلطة تضرب بيدها الثقيلة على قطاع غزة وتحرمه من كل حقوقه، في حين أنها تمنح كامل الحقوق والحريات مثل الكهرباء والرواتب للضفة الغربية"، كما تحكي "مراد" لصحيفة "فلسطين".
ساعة رملية
على جانبي "الساعة الرملية" كانت تتناثر الأوراق التي خُط باللون الأحمر على كل واحدة منها "همٌّ" من هموم القطاع التي افتعلتها السلطة، نتيجة إجراءاتها العقابية التي طالت جميع مناحي الحياة في غزة.
ويدلل اللون الأحمر، والكلام للفنانة مراد، على حجم الغضب الذي ينتاب الشارع الفلسطيني، سيّما في قطاع غزة، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
هكذا أرادت "مراد" أن تُوصل رسالتها الخاصة عن الواقع الذي يعيشه قطاع غزة عبر موهبة الفن، بعيداً عن الرسائل السياسية التي اعتاد عليها الشعب الفلسطيني.
إلى جانب "مراد"، ينهمك الفنان أحمد كلوب بكتابة القضايا التي يعاني منها قطاع غزة بفعل إجراءات السلطة على الأوراق المتناثرة في الجدارية.
"الأسرى المحررون، الشهداء والجرحى، تفريغات 2005، تقاعد مالي، قطع وخصم الرواتب، نعم لتحييد الموظفين عن المناكفات السياسية"، هذا ما استطاع "كلوب" أن يخطه على تلك الأوراق المتناثرة، لكن على الأرض هناك العديد من القضايا التي تحتاج لتسليط الضوء عليها، وفق ما يقول لصحيفة "فلسطين".
وأضاف: "هذه الجدارية تُعبر عن أن غزة مقبرة، وتدلل على عدم المساواة بين موظفي غزة والضفة".
كانت هذه التفاصيل في جدارية فنية نظمتها الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، مقابل مقر المجلس التشريعي وسط مدينة غزة، ضمن الحملة التي أطلقتها تحت عنوان "المناصرة لرفع العقوبات الجماعية عن قطاع غزة"، بمشاركة مجموعة من الفنانين.
إنهاء الانقسام
بدوره أكد الناشط في "حشد" وسيم عبد العاطي ضرورة إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة الفلسطينية بين أطياف الشعب الفلسطيني.
وقال عبد العاطي خلال مؤتمر صحفي عقدته الهيئة بعد الانتهاء من رسم الجدارية: "إن التصدي للمخططات الإسرائيلية والأمريكية يتطلب توحيد الجهود الفلسطينية، وتجاوز حالة الانقسام الداخلي".
وحذر من مخاطر استمرار فرض السلطة الإجراءات التمييزية التي تتنافى مع المادة (15) من القانون الفلسطيني، عاداً استمرارها "غير قانوني، وتجاوزا كل التوقعات، وهو ما يدلل على وجود منهج مخطط له من أجل إفقار قطاع غزة وساكنيه".
ودعا عبد العاطي لتهيئة المناخات لاستعادة الوحدة الوطنية بما يشمل وقف المناكفات السياسية وتحييد المواطنين والموظفين والخدمات عن الصراع السياسي، والتحلل من اتفاقية أوسلو وملحقاتها.
وطالب باستخدام جميع الأدوات لمواجهة مخططات تصفية الحقوق الوطنية، بما في ذلك تعزيز صمود المواطنين في القدس والقطاع وتفعيل مسارات مساءلة ومقاطعة الاحتلال، وإعادة ترتيب البيت الداخلي.
وناشد عبد العاطي حركتي حماس وفتح للتعاطي الإيجابي مع كل الجهود المبذولة من أجل استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء صفحة الانقسام الداخلي واعتماد أنظمة العدالة الانتقالية كنهج لإتمام المصالحة وفق أسس سليمة.
وحث منظمة التحرير على الانتصار لحقوق الإنسان الفلسطيني والتصدي للعقوبات والبدء الفعلي في إجراءات حقيقية لاستعادة الوحدة الوطنية على قاعدة الشراكة الوطنية وحماية مقدرات الشعب الفلسطيني، وتمكين الشعب الفلسطيني من اختيار ممثليه بكل حرية وبشكل ديمقراطي.