فلسطين أون لاين

​(إسرائيل) وزمن التيه

...
باسل ترجمان

‏في انتظار موعد الانتخابات المبكرة و(إسرائيل) تنتظر مرة أخرى من سيملك القدرة على إدارة شانها السياسي ويستطيع تشكيل حكومة تملك القدرة على نيل ثقة واحد وستين عضو في الكنيست وتنهي مرحلة لا تبدو أنها ستنتهي بسرعة لحالة التيه السياسي الذي تعانيه منذ وضوح فشل طبقتها السياسية في أن تحدد إلى أين يمكن أن تسير باتجاه سلام مفقود أو حرب مستحيلة.

منذ إنشائها كان لـ(إسرائيل) مجموعة من القيادات السياسية شكلت جزء كبيرا من وجها السياسي في العالم، بعد أكثر من 70 سنة على قيامها تعيش غياب للقيادة السياسية الفاعلة والمؤثرة التي كانت تشكل حالة سياسية في العالم والتي تعاني (إسرائيل) اليوم غيابها في مجتمع يحاول إعادة صياغة مفرداته السياسية بما يتناسب وواقعه الفاقد للقدرة على الفعل وفي مرحلة تتصاعد فيها حالة التخبط بين مختلف قيادات الأحزاب السياسية التي صارت في الشكل والمضمون تعبر عن غياب الزعماء واندثار الفكرة.

(إسرائيل) اليوم وعلى أبواب انتخابات جديدة تعاني من أزمة نهاية مرحلة سياسية والعجز عن بداية مرحلة سياسية أخرى، وتجد نفسها أمام حالة من العجز السياسي والفشل في صياغتها علاقات فسيفساء المجتمع الإسرائيلي مع محيطه العربي وفي مستوى علاقاتها الدولية وهنالك حالة من العزلة فرضتها (إسرائيل) على نفسها مع اغلب دول العالم والتي كثير منها تتعاطف معها لكنها تحولت لدولة منبوذ ترفض العيش في أمن وسلام مع دول المنطقة.

(إسرائيل) لا تجد القوة لإعادة فرض نفسها كلاعب رئيس في المنطقة وهنالك حالة من العجز العسكري والأمني الإسرائيلي عن الدخول في حروب والجيش الإسرائيلي لا يستطيع ولا يملك القوة الدخول في حروب طويلة لان عمق (إسرائيل) الاستراتيجي أصبح مهددا بشكل خطير جراء تطور القدرات العسكرية للكثير من الأطراف في المنطقة وقدرتها على إيذاء (إسرائيل) بمستوى يحد من قدرتها على نقل المعركة لأرض الاعداء.

(إسرائيل) التي تعاني من غياب زعيم سياسي يوحد بعض القوى السياسية بغض النظر عن توجهاتها مع اندثار ما سمي بالحركات اليسارية وتصاعد يمين الوسط واليمين المتطرف يعكس انها اليوم دولة لا تملك شخصية قادرة على جمع شتاتها الفكري والحزبي لصياغة فكرة تشكل محور يسيرها في للمرحلة القادمة.

وهذا يعكس حقيقة أن (إسرائيل) اليوم تواجه أزمة قيادة حقيقية تواجه أزمة مشروع يضمن بقائها في ظل الأوضاع الغير متوازنة في منطقة الشرق الأوسط المشكلة اليوم ليس في تهديد (إسرائيل) المشكلة أن (إسرائيل) عاجزة عن الفعل أي شيء لا باتجاه الحرب ولا باتجاه السلام وهذا يعكس فشلا ذريعا في قدرتها على التواصل مع محيطها ومع العالم ويبقى لها محاور وحيد في الولايات المتحدة التي تتبنى مواقفها دون ان تهدد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

نتنياهو في محاولات صناعة وهم البطولة والعجز عن الفعل تعهد بانه سيعزم على إقرار السيادة الإسرائيلية على غور الأردن والمنطقة الشمالية من البحر الميت، وأن هذا الإجراء سيطبق "على الفور" في حال فوزه بالانتخابات، والجميع يعرف أن عجزه عن اتخاذ أي قرار باتجاه السلم أو الحرب او باتجاه تغيير واقع الحال الذي وجد منذ تنصل (إسرائيل) من التزاماتها بعد تراجعها عن احترام تعهداتها في اتفاق أوسلو يجعل من (إسرائيل) اليوم وغدا دولة تسيرها طبقة سياسية لا تملك من عمل سوى ادارة الشأن اليومي بعيدًا عن قدرة الفعل السياسي بأي اتجاه.

هذا التراجع والتقوقع يفقد (إسرائيل) قدرة المبادرة على الفعل السياسي الداخلي او الاقليمي أو الخارجي وحالة اللا حرب واللا سلم التي خدمت مصالحها لفترة طويلة ومكنتها من صناعة جبهة داخلية تقوم على أساس أنها مهددة بالفناء انقلبت عليها فليس هنالك تهديد جدي او فعلي حقيقي أو طرح برغبة أي طرف بالحرب او بالقضاء على إسرائيل وليس في (إسرائيل) من يستطيع اقناع الرأي العام فيها أن هنالك من سيهاجمها ذات صباح ليهدد وجودها.

زمن التيه بدأ منذ زمن في (إسرائيل) ولا يبدو انه سينتهي قريبا لكن نتائجه السلبية تنعكس عليها أكثر بكثير من كل الأطراف التي يمكن أن ترتد عليها هذه المواقف والعجز عن اتخاذ أي قرار مهما كان صعبًا يجهل من شكل الحكم السياسي تائهًا يبحث عن استعراض غبي يثبت وجوده.