بعد ستة وعشرين عامًا من توقيع اتفاق أوسلو ظهر تباين وانقسام واضح ما بين المؤيدين لهذا الاتفاق وما بين المعارضين، المؤيدون لهذا الاتفاق يعتبرونه جزءًا من سلسلة نضال فلسطيني ممتد منذ بداية القرن العشرين وأن صور النضال الفلسطيني قد تختلف من زمانٍ لآخر حسب المعطيات الدولية والإقليمية والفلسطينية والتي تحدد مسار الكفاح الفلسطيني.
ويشعر مؤيدو الاتفاق بالفخر من إنجازات الاتفاق على حد وصفهم، فقد أصبح المواطن الفلسطيني يمتلك جواز سفر ومجلسًا تشريعيًّا ومطارًا ووزراء ورئيس سلطة، إضافة إلى عشرات الآلاف من أبناء الأجهزة الأمنية والعاملين في الوظيفة الحكومية والذي يعتبرونه بأنه فتح باب رزق لعشرات الآلاف من العائلات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولعل الإنجاز الأكبر والذي يسوق له مؤيدو الاتفاق هو عودة عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني من الشتات إلى ربوع الوطن، بل اعتبروه مقدمة للعودة الكبرى نحو الديار بإذن الله.
أما في الطرف المقابل فلقد اعتبر معارضة الاتفاق بأنه أسوأ من وعد بلفور، ففي حين أن وعد بلفور كان "ممن لا يملك لمن لا يستحق" وأنه تم بواسطة احتلال غاصب، فإن في اتفاق أوسلو قد تنازل صاحب الأرض طواعية عن ٧٨% من أرضه، وخضع الباقي ٢٢% للتفاوض مع المحتل.
ولعل الأمر الكارثي الثاني من وجهة نظرهم "المعارضون" أن القضايا الجوهرية والمصيرية للشعب الفلسطيني أصبحت محل تفاوض مثل القدس واللاجئين وحق العودة والمستوطنات وغيرها، فبعد أن كانت ثابتًا فلسطينيًا مدعومًا بقرارات أممية تؤكد هذه الثوابت، أصبح الأمر يخضع للتفاوض.
ولعل أمورًا كارثية أخرى من وجهة نظرهم وعي أن عدد المستوطنين تضاعف ٣ أضعاف منذ توقيع الاتفاق، أما الأراضي التي يستولون عليها بصورة يومية فحدث ولا حرج، بل وصل الأمر بأجهزة السلطة أن يكون ضمن مهامها التنسيق الأمني وألا يَمس هؤلاء المستوطنين بأي سوء.
أما عن المطار فهو مدمر منذ عام ٢٠٠١ بواسطة طائرات الاحتلال والتي تقودها حكومات تدمر الاتفاق يوميًا.
أما عن الجواز الفلسطيني والمجلس التشريعي، وإن كان أجاز، ولكن هل يعادل هذا ثمن التنازل الذي تم تقديمه في أوسلو؟
وإن كانت الأمور تُقاس بخواتيمها، فها نحن وبعد ٢٦ عامًا من الاتفاق نجد أن القدس تم إعلانها عاصمة لدولة الكيان، وأن نتنياهو يسعي لضم الأغوار وبعض أراضي الضفة "لدولة الكيان".
أما عن اللاجئين، فبدلًا من حلم العودة للوطن، تشتتوا في البلاد، والكارثة الكبرى بروز هجرة جماعية معاكسة من الوطن بسبب إجراءات وعقوبات اتخذت من قبل قيادة الوطن ضد أبنائه.
ولنعرف قيمة هذا الاتفاق بالنسبة للجانب الآخر، فهي تمثلت بصورة الجندي الذي كان يتبول على حائط مجلس الوزراء في رام الله.
لن يسقط الاتفاق بشعار هنا أو هناك، بل بجهد وطني جامع وضمن خطة وطنية للخروج من مأزق الاتفاق.
سمعت مقولة من أحد كبار السن في الجمعة "74" لمسيرات العودة والتي كانت بعنوان فليشطب أوسلو من تاريخنا عندما قال: (فليشطب أوسلو ومن وقع أوسلو من تاريخنا).