عدّ مختصان في الشأن العسكري تكرار "سيطرة" كتائب القسام أكثر من مرة على حوامات عسكرية إسرائيلية تطورًا في ساحة المواجهة، ويأتي كنتاج لعمل كبير ينفذ منذ، وأنه برغم الهوة الكبيرة في الإمكانيات ومسار العمل في هذا المجال إلا سعي المقاومة لامتلاك تلك الأدوات يمثل تهديدًا استراتيجيًّا لسلطات لاحتلال جنودها في الميدان.
وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، "السيطرة على حوامة" تتبع جيش الاحتلال جنوب قطاع غزة.
وقالت الكتائب في بيان لها، أمس: إن الحوامة دخلت أجواء القطاع في مهمة خاصة وتحمل كاميرات حرارية ونهارية وجهازًا معدًا لتنفيذ المهمة، مؤكدة أنه "تم التعرف على نوايا العدو وإحباطها".
وأقر جيش الاحتلال بسقوط الحوامة وأصدر تعليمات للتحقيق في الحادثة، التي لم تكن الأولى من نوعها، حيث أسقطت المقاومة العديد من الحوامات والطائرات المُسيرة للاحتلال في أجواء القطاع.
وعادة ما يلجأ جيش الاحتلال لاستخدام الطائرات في مهام الاستطلاع والتصوير بالمناطق الحدودية على وجه الخصوص.
ساحة جديدة للمواجهة
وقال المحلل المختص في الشأن العسكري اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي: إن ساحة المواجهة الجديدة بين المقاومة والاحتلال قد تشهد حوادث مشابهة خلال الفترة القادمة بعدما كانت المواجهة مكتومة إلى حد ما، مشيرًا إلى أن المراقب للواقع يلحظ تقدم المقاومة في هذا المجال من المواجهات.
وذكر في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن المقاومة تحاول بشكل مستمر تطوير أدائها في كل الجوانب العسكرية، سواء من خلال تطوير العنصر البشري كما حدث مع وحدات الضفادع البشرية، أو محاولة الدخول إلى مجالات الحرب التكنولوجية كالطائرات المسيرة أو الحرب الالكترونية السايبرية.
ولفت الشرقاوي إلى أن إعلان المقاومة السيطرة على الطائرة وليس إسقاطها ربما يشير إلى أن المقاومة باتت تمتلك طريقة ما للسيطرة على تلك المُسَيَّرات، موضحا أن هذا الأمر يقض بلا شك مضاجع الاحتلال ويأخذهم إلى ساحة مواجهة إضافية مع المقاومة.
وبيَّن أن الطائرات المسيرة ستكون عنوانًا بارزًا في عمليات الكر والفر بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال خلال الفترة القادمة، أو حتى بين الاحتلال ومنظمة حزب الله اللبنانية، وذلك على ضوء إسقاط طائرة على الأراضي اللبنانية قبل أيام.
وأوضح أن استخدام المقاومة للطائرات المسيرة أو تمكنها من السيطرة على طائرات الاحتلال، إنما يشير إلى أن نقل المعركة إلى أرض الاحتلال أصبح أمرا ممكنا دون تكلفة بشرية كما كان يحدث في سلاح الأنفاق، لافتًا إلى نجاح المقاومة في استهداف مركبة احتلالية على حدود غزة عبر طائرة مسيرة قبل أيام.
واستدرك بالقول إنه بالرغم من أن الهوة ما تزال بعيدة بين ما يملكه الاحتلال من قدرات كبيرة في الطائرات المسيرة، إلا أن جهد المقاومة وأدمغة المنخرطين فيها لن تعجز عن إيجاد وابتكار وسائل مناسبة لردع الاحتلال.
وشدد الشرقاوي على أن عملية التطوير التي تجريها المقاومة على هذا الجانب المهم من الوسائل القتالية يجب أن يحظى بمنظومة أمنية تساعد توفر السرية المطلوبة من أجل الحفاظ على هذه المكتسبات.
عمل كبير
من جهته، أكد المحلل السياسي محمد حمادة، أن الحدث الذي أعلنت عنه القسام هو نتاج عمل كبير ينفذ به منذ سنوات، لافتا إلى أن المقاومة تؤكد في كل مناسبة أن هذا العمل لا يمكن أن يتوقف أو يتراجع نظرا لأهميته العسكرية والأمنية.
ولفت في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن الاحتلال بات يرى في الطائرات المسيرة تهديدًا استراتيجيا، وأن عدوان العام 2014 شهد استخدام المقاومة للأنفاق بشكل واسع، وهو ما عده الاحتلال حينها ورقة قوة بيد المقاومة، بينما ينضم حاليا سلاح الطائرات المسيرة إلى قائمة الأسلحة الاستراتيجية التي تشكل تهديدا جديا على الاحتلال.
وشدد على أن الاحتلال يعلم تماما أن ما تعلن عنه المقاومة في هذا الوقت من قدراتها في مجال الطائرات المسيرة ليس أقصى ما تمتلكه، وأن أي مواجهة قادمة ستفصح عن المستوى الحقيقي للمقاومة في هذا السياق.
وذكر أن أي أفق جديد تتمكن المقاومة من فتحه في المواجهة مع الاحتلال هو نقطة قوة تراكم به رصيدها، منوها إلى أن المقاومة تستطيع استخدام الطائرات المسيرة في تطبيق استراتيجيتي الهجوم وجمع المعلومات الاستخباراتية الأمنية.
وقال: إن تنوع استخدام هذا السلاح يرجع إلى تقديرات المقاومة في كيفية الاستفادة منه، فقد يكون هجوميا عبر باستهداف جنود الاحتلال في أمان تواجدهم، وقد يكون لجمع المعلومات كما حدث في أكثر من مرة أعلن الاحتلال فيها إسقاط طائرات مسيرة حلقت فوق الأراضي المحتلة.
وأوضح أن الشعب الفلسطيني على مدى سنوات نضاله ضد الاحتلال كان قادرا على اجتراح الوسائل والأساليب التي تمكنه من إساءة وجه الاحتلال، وأن الطائرات المسيرة لن تكون آخر المطاف في ابتكارات عقول المقاومة.