فلسطين أون لاين

​"صورة العمر".. لن تتكرَّر حكايتها بين "منى" و"بسام"

...
صورة أرشيفية
نابلس-غزة/ طلال النبيه:

"بسام" هو الإنسان الحنون، الذي رحل دون تحقيق لحلمه، وبقيت صورته الأخيرة آخر الذكريات لزوجته "منى"، في مفاجأة تجهز لها أمام فوهات بنادق الاحتلال في سجن "إيشل" الإسرائيلي أثناء زيارة زوجته الأخيرة له في شهر رمضان الماضي.

تجهز الأسير الشهيد بسام السايح للمفاجأة دون أن يبلغ زوجته، كان ذلك قبيل اللقاء الأخير الذي جمعهما.

التقط الزوجان "صورة العمر" التي رسمت أحداثها الابتسامة على محياهما متعاليين على آلام البعد، والأمراض القاتلة التي أنهكت جسد الأسير السايح.

في الصورة الأخيرة، ضم السايح منى إلى صدره وكأنه أراد أن يخاطبها بقول المتنبي: "لو باتَ سهمٌ من الأعداءِ في كَبدي.. ما نالَ مِنَّيَ ما نالتْهُ عيناكِ".

حلم الشهيد السايح بأن تكون "الصورة القادمة لهما خارج الأسر تحت سماء الحرية برفقة زوجته"؛ لكن القدر المكتوب جاء بما لا تهوى الأنفس.. ليعانق حريته شهيداً!

زوجته منى التي ملأ الحزن قلبها لم تقوَ على الحديث لصحيفة "فلسطين" كثيراً، إلا من كلمات تفيض حزنًا على رحيل زوجها، وخوفًا على مصير من بقي خلفه من الأسرى المرضى رفقاء دربه.

وقالت منى في حديث لصحيفة "فلسطين": "عندما يكون الأسير مريضًا ويحتاج إلى علاج، ليس واحداً فقط بل لائحة طويلة من عشرات الأسرى المرضى، ففي هذا الموقف لن يجدي الاستنكار والشجب شيئاً لهم"، داعية المؤسسات الحقوقية لبذل "جهود فاعلة" دفاعاً عن الأسرى وصحتهم.

السايح روت لـصحيفة "فلسطين" اللقاء الأخير بينهما في سجن "إيشل"، بعد حصولها على تصريح زيارة طال انتظاره، تماماً مثلما طال انتظار بسام لجرعات العلاج التي حرمه منها الاحتلال الإسرائيلي.

وتضيف: "حصلت في رمضان من العام الماضي على تصريح زيارة سنحت الفرصة لي أن أسلم عليه، وكانت مفاجأته لي أن نلتقط صورة معًا، وكانت في ذكرى اعتقاله الرابعة"، واصفة اللقاء بالمميز والمفاجئ لها.

وختمت زوجة الشهيد حديثها: "بسام يحب العمل الوطني، ونال الشهادة التي أكرمه الله بها"، مطالبة بالتحرك العاجل لإلقاء نظرة الوداع عليه وتعانق جسده كما عانقت روحه وجسده في لقائمها الأخير.

وطالبت السايح نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين بمتابعة الاحتلال جنائياً في المحاكم الدولية، مؤكدةً أن الاحتلال أعدم بسام إعداماً متعمداً.

وأعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أول أمس، أن الأسير بسام أمين محمد السايح (47 عامًا) استشهد في مستشفى "أساف هروفيه" الإسرائيلي، مؤكدة تعرضه لسياسة القتل الطبي المتعمد والممنهج من قبل إدارة السجون الإسرائيلية.

وأشارت إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت السايح (47 عاما)، وهو مصاب بسرطان العظام منذ عام 2011، وبسرطان الدم منذ عام 2013، بالإضافة إلى تراكم الماء في الرئتين، فضلا عن معاناته من تضخم في الكبد وضعف في عمل عضلات القلب وصلت إلى نسبة 15 في المائة، أدت الى نقصان حاد في وزنه وخلل في عمل أعضائه الحيوية إلى أن فارق الحياة.

وباستشهاد الأسير السايح، يرتفع عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة لـ(221) شهيدا ارتقوا منذ عام 1967.

وتحتجز سلطات الاحتلال نحو 5700 أسير فلسطيني، موزعين على قرابة الـ 23 مركز تحقيق وتوقيف وسجن، بينهم 230 طفلا و48 معتقلة و500 معتقل إداري (معتقلون بلا تهمة) و1800 مريض بينهم 700 بحاجة لتدخل طبي عاجل.