كشف رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، أن التفجيرين اللذين وقعا الأسبوع الماضي في مدينة غزة، هدفا إلى إعادة الفوضى والفلتان الأمني إلى قطاع غزة، مشدداً على أن التحقيقات الجارية تُشير إلى أن ما جرى كان سيتبعه تفجيرات مختلفة في أنحاء متفرقة من القطاع.
جاء ذلك خلال حفل تأبين أقامته وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، اليوم الإثنين، لشهداء الشرطة الثلاثة الذين ارتقوا خلال التفجيرين.
وشارك في الحفل الذي أُقيم في مركز رشاد الشوا الثقافي بمدينة غزة، ممثلون عن الفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية ونواب المجلس التشريعي، وعوائل الشهداء الثلاثة.
وقال هنية: "التفجيرات كانت تهدف لضرب المنظومة الأمنية وإحداث الفوضى في قطاع غزة"، مُشيراً إلى أنها جاءت في توقيت وسياق اقليمي يدلل على أن الاحتلال هو المستفيد الأول منها.
وبيّن أن التفجيرات كانت تسعى لضرب العلاقة الاستراتيجية بين فصائل المقاومة الفلسطينية، التي تعيش مرحلة مهمة في التكافل والتنسيق من النواحي السياسية والعسكرية والأمنية والميدانية.
ونبّه إلى وجود مخطط صهيوني خارجي لضرب المنظومة الأمنية في القطاع، داعياً وزارة الداخلية إلى نشر تفاصيل التفجيرات في الوقت المناسب.
وأكد هنية أن الأجهزة الأمنية تصدت للاحتلال وسددت ضربات قوية للعملاء، وشكّلت الحماية المعنوية للشعب الفلسطيني في القطاع.
وأشار إلى أن التفجيرات سعت إلى ضرب النسيج المجتمعي المتماسك والجبهة الداخلية التي تشكل الدرع الحامي والحاضن للمقاومة، لافتاً إلى أنها تهدف لفرض أولويات جديدة على الفصائل الفلسطينية على حساب الأولوية الأولى في مواجهة الاحتلال.
محصنة فكرياً
وأضاف هنية "أقول بكل ثقة أن مخطط التفجيرات سيفشل كما فشلت كل المخططات السابقة، وغزة عصير على الكسر ومحصنة فكرياً وأمنياً وفصائلياً".
وأوضح أن التفكير الذي يسود الشعب الفلسطيني "وسطي معتدل" يقول لا للتطرف والمغالاة والتشدد والتنطع، ولا لحرف البوصلة عن أهداف وطليعة الصراع على أرض فلسطين، مشدداً "سنعمل في كل القوى والفصائل على تحصين أبنائنا فكرياً".
وأردف بالقول: نحن مطمئنون، وهذه أحداث معزولة لن تخرجنا عن طوعنا، وفرائسنا لا تتعب، وسنقوم بهجمة مرتدة، وننتظر وزارة الداخلية لتقول كلمتها.
واعتبر أن ما جرى خلال التفجيرات "نقطة فاصلة بين مرحلتين في التعامل مع هذا المسار.
وتابع هنية: "من يفعل هذا العمل ليس له أي انتماء تنظيمي أو سياسي، ونحن لم نُربّ أبناءنا على هذا الفعل".
في السياق، شدد هنية على أن الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني لديهما تقدير بأن الموقف الفلسطيني الموحد يشكل العقبة الحقيقية أمام "صفقة القرن"، وغزة شكلت عنصرًا أخلّ بالمخطط الأمريكي الصهيوني.
ونوه إلى أن وجود معركة أمنية تحت الطاولة بيننا وبين الاحتلال، ولا تقل خطورة عن المعركة العسكرية، و"حققنا انتصارات في المعركة الأمنية مع العدو، كما حقق المجاهدون انتصارات عسكرية".
وأكمل "رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المأزوم أمنياً والمتهم بالفساد، غير قادر على حسم المعركة على كل الجبهات بما فيها غزة، لذلك أراد لغزة أن تكون بعيدة عن التأثير في مشهد الانتخابات الاسرائيلية".
واستطرد "دماء شهداء الشرطة حمت غزة وفلسطين من صورة أخطر، وسيناريو أحقر، سنكشفه لشعبنا في الوقت المناسب، حينما تنتهي الأجهزة الأمنية من وضع يدها على كل شيء".
وختم حديثه، بتوجيه تحية من غزة إلى المقاومة اللبنانية ولحزب الله الذي فرض معادلة الردع المتبادل والذي خرج من حالة السكون التي يريدها البعض.
التحقيقات مستمرة
بدوره، أكد وكيل وزارة الداخلية والأمن الوطني اللواء توفيق أبو نعيم، أن التحقيقات في التفجيرات لا زالت مستمرة، "وسنصل إلى نهايتها ثم نشرها".
وشدد أبو نعيم خلال كلمته، على أن "الأجهزة الأمنية لن تسمح لأحد أن يعبث بأمن القطاع بأي طريقة كانت"، قائلاً: "نحن اليوم أمام حادثة غريبة مستهجنة، لا نقبل لها تفسيراً، وليس لها وجود بيننا في ظل الثمن الذي ندفعه يومياً من الحصار والجوع والقتل".
وبيّن أن ظاهرة الانحراف الفكري أشد وأخطر من الاحتلال الإسرائيلي، مضيفاً "عانينا كثيراً من هذه الظاهرة، وآن الأوان لأن تنتهي".
وتابع "نقول لمن لديه أجندة للعبث بأمن القطاع، لدينا أجهزة أمنية متربصة لكل من تسول له نفسه، وقادرة على الوصول للمجرمين".
وشدد على أن "الاحتلال هو العدو الوحيد للشعب الفلسطيني، لذلك لن نسمح بتشتيت البوصلة عن ذلك"، داعياً الكل الفلسطيني للتكاتف لبناء مرحلة جديدة.
وأشاد أبو نعيم، بالتعاون الكبير من الكل الفلسطيني واستنكار الفصائل الوطنية لهذه الجريمة، مؤكداً على ضرورة التعاون من مع الفصائل والمؤسسات وكل أفراد المجتمع من أجل اقتلاع ظاهرة الانحراف الفكري".
وأردف "اعتادت وزارة الداخلية على أن تُقدم الشهداء في سبيل الحفاظ على أمن واستقرار وحياة المواطنين، ودفعت أثماناً غالية من قادتها وضباطها وجنودها".
من ناحيته، أكد قائد الشرطة الفلسطينية العميد محمود صلاح، أن أجهزة الشرطة ستبقى الدرع الحامي والحصين لأبناء الشعب الفلسطيني.
وشدد صلاح خلال كلمته "سنضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه السير في درب المارقين الذين يتربصون لشعبنا ومقاومتنا".
وأكد أن هذه الأحداث المشبوهة لا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي وغزة ستبقى عصية على الكسر، مطالباً الأهالي في القطاع، بأن يأخذوا بيد أبنائهم إلى بر الأمان وعدم تركهم مع المارقين.
وقال صلاح: "آلمنا ما تعرض له أبناؤنا من عدوان حاول من خلاله المتربصون بقطاعنا خلط الأوراق لإحداث فوضى أمنية، وضرب الجبهة الداخلية من خلال أعمال إجرامية ارتقى على إثرها شهداء الشرطة الأبطال".
وأضاف : "ما لم يستطع الاحتلال تحقيقه بالحصار والحرب، لن يستطيع أحد تحقيقه بهذه التفجيرات الإجرامية المشبوهة".
القصاص
من جهته، طالب والد الشهيد علاء الغرابلي في كلمة باسم ذوي شهداء الشرطة، الأجهزة الأمنية بالاستمرار في التحقيق لكشف هذه المجموعة، الخارجة عن الصف الوطني، والقصاص، وإنزال أقصى درجات العقوبة بحق المجرمين.
واستنكر الغرابلي، هذه الجريمة البشعة، متسائلاً "هل يكافأ من يعمل ليل نهار لحماية شعبه وأبناء وطنه، بالاستهداف والقتل؟".
وقال: "نشد على أيدي أجهزتنا الأمنية، في العمل لحماية أمننا، ونطالبهم بالقصاص لدماء أبنائنا الشهداء".
وفي ختام حفل التأبين كرّم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وقيادة وزارة الداخلية ذوي شهداء وجرحى الشرطة في العملية الإجرامية.