فلسطين أون لاين

"قطار السعادة الشبابي" يمرُّ بـ"بيوت ونفوس" في نابلس ورام الله

...
صورة أرشيفية
رام الله–غزة/ حازم الحلو:

في عصر يوم ربيعي من أيامأيامأ عام 2017، كان الحديث بين الفتاة سارة القيسي (17 عامًا) يدور مع والدتها في منزلهم الواقع في بلدة بيتونيا غرب رام الله، حول العائلات التي لا تجد مالًا لشراء الملابس لأبنائها، وحينها وفي لحظة صدق وفرح هتفت سارة بأمها: "لماذا لا نبدأ حملة لتوفير الملابس المستعملة أو الجديدة إن استطعنا لتلك العائلات، وبذلك نكون قد أدخلنا السعادة إلى قلوبهم دون أن يتكلفوا شيئًا؟".

وكانت هذه هي إرهاصات إنشاء مجموعة قطار السعادة التطوعية، فبدأ العمل بسيطًا عبر جمع الملابس المستعملة من الأقرباء والأصدقاء، وغسلها وكيها وترتيبها بشكل مقبول، ومن ثم التبرع بها للعائلات الفقيرة والمستورة.

وبصوت ممزوج بفخر لا تخطئه الأذن، أتى صوت الفتاة القيسي عبر الهاتف مع صحيفة "فلسطين"، وهي تسرد كيف أن هذ الفكرة التي بدأتها مع والدتها قد أصبحت مبادرة شبابية تطوعية تخدم فئات كثيرة من المجتمع ممن هم في حاجة ماسة إلى ملابس ومساعدات.

ومع ازدياد نشاط المجموعة التطوعية، كانت أعداد الراغبين في المساعدة والتطوع تكبر شيئًا فشيئًا، فمن فتاة وأمها لا ثالث لهما، زادت الأعداد إلى 10 ثم 20 ثم 30، والآن يربو عدد المتطوعين في المجموعة بحسب القيسي على نحو 84 متطوعًا من النوعين.

ولم يكن اختيار اسم قطار السعادة مبكرًا، بل تبلور الاسم وولد في مرحلة لاحقة مع بداية شهر رمضان الماضي، حينما أطلقت القيسي مع صديقاتها الـ22 فتاة، واللواتي تقل أعمار غالبيتهن عن 18 عامًا، ولا يتجاوز عمر أكبرهن 21 عامًا، اسم "قطار السعادة" على المبادرة التطوعية.

وبشأن فلسفة اختيار الاسم، تشير إلى أنها وببساطة تود التعبير عن جوهر العمل الخيري الذي تمارسه مع رفاقها، إذ يعبر اسم القطار عن السير الدائم والحثيث نحو الهدف، مع التنقل بين محطات كثيرة تتنوع بحسب تنوع النشاط التطوعي.

وترى أن الجزء الثاني من الاسم "السعادة" إنما هو اختيار مبني على قناعة بأن السعادة شعور مقتسم بين المانح والآخذ، إذ إن المانح والمتطوع يشعران بالسعادة الغامرة التي لا تقل بحال من الأحوال عن سعادة المستفيد من هذا العمل التطوعي الخيري.

وحول أهمية العمل من أجل الغير والذي يطلق عليه مصطلح التطوع، تذكر الفتاة القيسي أن هذا الأسلوب من العمل يهدف في الأساس إلى صنع الخير على مدار العام، بهدف إسعاد الناس بشكل عام والمحتاجين بشكل خاص، ورسم البسمة على وجوه المستفيدين منه.

وبشأن ما يعترض له المتطوعون في قطار السعادة من معوقات، تفيد القيسي بأن غياب الدعم المالي وقلة ما في يد المتطوعين هو العامل الأول الذي يقف في وجه تقديم الخدمة التطوعية، بل إن كثيرا من الأنشطة كان تمويلها من جيوب أعضاء الفريق، إذ إن الجهد البشري المجاني –على أهميته- لا يكفي وحده لمساعدة عائلة لا تجد طعاما، أو شراء أدوية لمريض لا يستطيع دفع ثمنها، فالمال هو عصب العمل التطوعي.

كما أن فريق المتطوعين يتطلع إلى ترسيخ مفهوم التطوع في كل أركان المجتمع، وضمان تشجيع المتطوعين.

وتتمنى الفتاة القيسي أن تحقق طموحها بأن تظل أولا مستمرة في خدمة المجتمع، ثم أن يتم تعميم تجربة قطار السعادة على بقية مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلة وقطاع غزة، والوصول إلى أكبر قدر من الناس.

بواعث السعادة

وللتعرف على أنشطة قطار السعادة بشيء من التفصيل، وجهنا دفة الحديث من الفتاة القيسي تلقاء الشاب محمد الخياط الذي يتطوع في المبادرة نفسها، في منصب منسق الفريق في محافظة نابلس، وهو أيضا شاب في مقتبل العمر يؤمن بأن خدمة المجتمع ولو بالمجان هي أمر يبعث على الفخر والرضا وينشر في النفس بواعث السعادة.

ويقول الخياط في حديثه مع صحيفة "فلسطين"، إن أنشطة الفريق ليست مقتصرة على توفير الملابس والملتزمات للأسر الفقيرة، بل تعدته إلى ترتيب أنشطة أخرى متنوعة لخدمة فئات مختلفة مثل الأطفال والطلاب وغيرها.

ومن أهم الأنشطة التي نفذها الفريق هو إقامة مبادرة "سوق الأزبكية" في نابلس، مطلع العام الحالي بالشراكة مع وزارة الثقافة ومنتدى المنارة للثقافة والإبداع، حيث سمي النشاط بهذا الاسم نسبة لسوق الكتب ذائع الصيت في جمهورية مصر العربية، إذ بيعت الكتب بسعر رمزي، وما جمعته المجموعة ذهب لسداد أقساط لطلاب جامعيين بحاجة للمال.

ويذكر الخياط، أيضًا أن مجموعة قطار السعادة، أطلقت في نابلس أيضًا مبادرة سوق العيد الخيري على مدار أيام ثلاثة بهدف مساعدة الأسر لشراء حاجيات العيد بأرخص الأسعار تماشيًا مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة حاليًا.

ويقول: إن هذه الأنشطة وغيرها هي غيض من فيض الأعمال التي تقوم بها المجموعة وتخطط لها في المستقبل، والحلم بأن يكون للمبادرة مقرات في كل المحافظات الفلسطينية، ليمر قطار السعادة على بيوت فلسطينية أخرى فينثر شيئًا من فرح على نفوس تكابد المعاناة، وتنتظر من يمسح عليها فيعيد للنفوس اخضرارها ورونقها.