فلسطين أون لاين

​عامان ونيران الألم تشتعل في قلب عائلته

احتجاز الجثمان.. جريمة أخرى بحق الشهيد براء عطا

...
صورة أرشيفية
رام الله-غزة/ نور الدين صالح:

"كل حياتي تفكير متى رح يرجع جثمان براء"، تلك الكلمات التي صدحت من حنجرة فطوم صالح والدة الشهيد براء عطا (19 عامًا) ابن قرية دير أبو مشعل شمال غرب مدينة رام الله، بعدما قتله الاحتلال بدمٍ بارد في مدينة القدس المحتلة.

لم تكتفِ قوات الاحتلال بقتل "براء" فحسب، بل احتجزت جثمانه قبل عامين، لتزيد الألم والوجع لدى عائلته التي حرُمت من إلقاء نظرة الوداع عليه حتى بعد الاستشهاد.

في 16 يونيو/حزيران 2017، صعدت روح براء إلى خالقها بعدما أطلق جيش الاحتلال النار عليه قرب باب العمود في مدينة القدس، في العشر الأواخر من رمضان آنذاك، بزعم تنفيذه عملية طعن برفقة اثنين من أصدقائه.

الاحتلال احتجز جثمان براء الذي كان يبلغ من العمر حينها 19 عامًا، وترك الحيرة والقلق يسيطران على تفاصيل حياة عائلته، التي باتت لا تعلم متى ستلقي نظرة الوداع الأخيرة عليه.

"لا نعلم هل هو في ثلاجات الموتى أم دُفن في مقابر الأرقام!"، تقول الوالدة المكلومة بصوت يعلوه الحزن، في محاولة منها للتعبير عن حجم الوجع الذي يُخيم على تفاصيل حياتها.

خبر الإفراج عن جثمان براء لا يفارق تفكير والدته، وهو ما بدا واضحًا حينما خفت صوتها قليلًا وهي تتحدث لصحيفة "فلسطين": "أنتظر أي لحظة يصلنا خبر الإفراج عن جثمانه".

وتضيف بقلب يعتصره الألم: "الحزن الذي نعيشه في البيت لن يمر على أحد (...) الله أعلم متى يفرج الاحتلال عن جثمان براء".

وأخذت تنقب عن صفات براء التي عُرف فيها بين أهل قريته، حيث كانت يتميز بمحبته من الجميع عدا عن التزامه في الصيام والصلاة الدائم في المسجد. صمتت قليلًا ثم عادت تردد: "لا حول ولا قوَّة إلا بالله، هذا هو نصيبه".

لا متسع للفرح

الانتظار والقلق اللذان يُخيمان على أفراد عائلة عطا، ألقى بظلاله السلبية على كل مناحي الحياة، حيث لم يعُد هناك متسع للفرح بينهم كما تقول الأم: "ما في قلب للانتظار والفرح".

ورغم أن العائلة بصدد إقامة حفل زفاف لشقيق الشهيد الأسبوع القادم، فإن الوالدة تردد: "ليس للفرح مكان في قلبي، لأن تفكيري يقتصر متى سيتم الإفراج عن جثمان براء".

ولم تترك سلطات الاحتلال عائلة عطا بعذاب احتجاز الجثمان فحسب، بل زجّت أشقاء الشهيد الثلاثة في سجونها، وأفرجت مؤخرًا عن اثنين منهم وأبقت محمد الجريح منذ 2003، وفق ما روت والدة براء.

وتؤكد صالح أن عائلتها قدَّمت التماسات عدَّة لدى محاكم الاحتلال عبر محامين، عدا عن المناشدات للمؤسسات والجمعيات المعنية بهذا الشأن "دون جدوى".

وتتساءل بغصَّة: "كيف للاحتلال أن يحتجز جثمان شهيد ويضعه في الثلاجة لأكثر من عامين؟"، ثم تُجيب عن سؤالها بنفسها: "هذا إجرام كبير، فحينما سنتسلَّمه كيف سيكون شكله بعد قضاء هذه المدة وهو في الثلاجة".

وتناشد صالح كل المؤسسات المحلية والدولية المعنية، لضرورة الضغط على سلطات الاحتلال للإفراج عن جثمان نجلها، والشهداء المحتجزين جميعًا، لا سيَّما أن هذه السياسة "تزيد قهر وألم عائلات الشهداء".

وتؤكد أن العائلة لن تتوقف عن مساعيها الرامية للإفراج عن جثمان "براء"، من خلال التواصل مع المحامين والمحاكم.

وهكذا تكون سلطات الاحتلال ارتكبت الجريمة مرتين بحق الشهيد عطا، الأولى عند قتله، والأخرى عند احتجاز جثمانه وحرمان عائلته من دفنه.