وصف الدبلوماسي الفلسطيني السابق ربحي حلوم، الموقف العربي الإسلامي تجاه انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة تجاه المسجد الأقصى، بـ"المؤسف" الذي لا يرقى للمخاطر المحدقة به.
وأشار حلوم في حديث خاص بصحيفة "فلسطين"، إلى أنَّ القاعدة الجماهيرية في الوطن العربي والإسلامي وفقاً للمعطيات الحية لا ترقى لمستوى الحدث.
وقال إنَّ المسجد الأقصى لا يتعرض لمجرد انتهاكات من الاحتلال ومؤسساته، بل يواجه خطر الهدم، مضيفاً "الصهاينة يخططون منذ زمن طويل وهم على وشك أن يقدموا على مرحلة خطيرة باتجاه الهدم".
ولفت إلى أنَّ مرحلة الحفريات أسفل المسجد الأقصى تكاد تكون انتهت، ولم يبقَ سوى المرحلة الأخيرة التي ستكون فيها عملية هدم المسجد، مردفا أن ذلك ورد في مناقشات وجلسات حكومة الاحتلال ومؤسساته المغلقة.
وأضاف: "يبحثون في مجلسهم الوزاري المصغر والكنيست ليل نهار كيف يصلون إلى مرحلة هدم الأقصى، والاستيلاء على ما تحته وما فوقه، وليس ببعيد مشهد السفير الأمريكي لدى الاحتلال ديفيد فريدمان الذي افتتح بالمطرقة أحد الأنفاق تحت الأقصى بيديه واحتفى مع الإسرائيليين بذلك".
في مقابل ذلك، رأى السفير السابق أن المواقف العربية الإسلامية لصد هذا العدوان "غائبة"، باستثناء موقفي الرئيسين الماليزي مهاتير محمد، والتركي رجب طيب أردوغان، اللذين يقومان بكل ما يستطيعان من مسؤولية، ولديهما مواقف مشرفة يحاولان عبرها استصراخ بقية الدول لتأخذ خطوات ملحة في هذا الاتجاه.
وذكر أن الأردن كصاحب وصاية هاشمية على المسجد الأقصى، يصرح باستنكاره للاعتداءات والإجراءات الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى، وقد استدعى السفير الإسرائيلي مؤخراً "الذي يدنس العاصمة عمّان" وأبلغه غضب الأردن على ما يجري من انتهاكات، وممارسات التقسيم المكاني والزماني للمسجد.
وأوضح أن الأردن ونتيجة صغر حجمه وقلة موارده لا يملك من أدوات الفعل إلا مجرد التصريح وإعلان المواقف، غير أن بإمكانه أن يُلمح بإلغاء اتفاقية "وادي عربة" للتسوية ما بينه والاحتلال.
وتابع: "مجرد أن يلمح بإلغاء هذه الاتفاقية السوداء في تاريخ الأردن، ويهدد بهذه الورقة، من الممكن أن يلزم الاحتلال ويفرمل خطواته الهوجاء تجاه المسجد الأقصى، ويوقف مخططاته الرامية لهدمه أو الاستيلاء عليه".
وناشد حلوم المسؤولين الأردنيين لأن يستثمروا جيداً هذه الورقة، سيما وأنَّ الاحتلال يعد الاتفاقية إنجازاً كبيراً تحقق له مصالحه، ويحاول جاهداً الحفاظ عليها.
وبشأن الأنظمة العربية الأخرى، وبما تحمل من رد فعل تجاه المخاطر المحدقة بالأقصى، قال متأسفاً: إن بعض هذه الأنظمة لم يعد صامتا كما رُسمت حالتها على مدار خمسين عاماً من حرق الأقصى، بل إنها انخرطت في حلقة التطبيع مع الاحتلال، وإقامة العلاقات معه.
ونبه حلوم إلى أن هذه الأنظمة باتت تجاهر في العلاقة مع الاحتلال، وتستضيف مسؤوليه ووزراء حكومته دون التفات أو اعتبار لانتهاكاته بحق المسجد الأقصى، والشعب الفلسطيني.
ووصف المنظمات الرسمية كلجنة القدس في المغرب، ومنظمة التعاون الإسلامي، بـ"المومياء"، التي لا يُرى لها أثر أو فعل على الأرض بما يخص المسجد الأقصى أو مدينة القدس المحتلة، متسائلاً "ما الذي فعلته لجنة القدس للأقصى منذ أكثر من أربعة عقود مضت على تأسيسها؟".
وقال إن المؤتمر الإسلامي منذ تأسيسه في بواكير السبعينات من القرن الماضي، مطالبٌ هو الآخر بالإعلان عن إنجاز واحد قدمه في سبيل حماية المقدسات الإسلامية في القدس، في وقت تتعرض للخطر الشديد.
وشدد حلوم على أن الجامعة العربية وفي ظل التغول اليومي على الأقصى، لم يسمع منها المقدسيون سوى الإدانة والشجب، ومحاولة الضحك على الجمهور العربي بمتابعتها للأمر الجلل الحاصل.
وأكد أن المقدسيين فعليا هم من يتصدون بأجسادهم وأرواحهم دفاعاً عن المسجد الأقصى، ووقف الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها، كما كان الحال مع فرض الاحتلال البوابات الإلكترونية قبل أكثر من عام، وفتح مصلى باب الرحمة ومنع إغلاقه مرة أخرى قبل عدة أشهر.