لم تمضِ أيام على إعلان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وقف العمل بالاتفاقيات الموقَّعة مع الجانب الإسرائيلي، حتى عادت الاجتماعات تعقد بين المسؤولين من الطرفين، وتواصل تبادل المعلومات الأمنية.
والتقى وزير المالية في حكومة رام الله شكري بشارة، في 6 أغسطس/ آب الجاري، مع مسؤولين في وزارة المالية الإسرائيلية، للتباحث حول عدة قضايا مالية شائكة، وفق ما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية "مكان".
وذكرت وسائل إعلام عبرية، الأسبوع الماضي، أن أجهزة أمن السلطة قدمت معلومات دقيقة، عن مكان وجود منفذي عملية قتل جندي إسرائيلي قرب تجمع "غوش عتصيون" جنوبي بيت لحم، ما دفع جيش الاحتلال إلى اقتحام منطقة بيت كاحل في الخليل واعتقال المنفذين.
وفي 25 يوليو/ تموز الماضي، أعلن عباس عن وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي ووضع آليات لتنفيذ ذلك.
استهلاك محلي
ورأى المحلل السياسي خالد عمايرة، أن حديث رئيس السلطة عن وقف العمل في الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، يعد مادة للاستهلاك المحلي والإعلامي فقط، دون وجود وقائع حقيقية على الأرض تؤكد تنفيذ السلطة لقرارها.
وقال عمايرة، لصحيفة "فلسطين": إن "السلطة ومنذ اليوم الأول لقرار عباس الذي خرج به عبر وسائل الإعلام وتغنت به الوسائل الإعلامية التابعة للسلطة وحركة فتح، تراجعت بهدوء عن هذا القرار".
وأضاف: "السلطة لم تتراجع أصلاً عن أهم ملفات الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال وأبرزها التنسيق الأمني، إذ لم يقف ولو لحظة واحدة، وهو ما تتفاخر به السلطة من رأس هرمها إلى قياداتها العسكرية".
وتابع: "التنسيق الأمني يجري على قدم وساق، بل وتعزز في الفترة الأخيرة، وتوج بتسهيل اعتقال منفذي عملية غوش عتصيون مؤخراً".
وأشار الباحث السياسي إلى أن هدف عباس من قراره الإعلامي وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة، امتصاص غضب الشارع الفلسطيني، بعد هدم سلطات الاحتلال عشرات الشقق السكنية في وادي الحمص شرقي القدس المحتلة.
وبين أن نظام الحكم في السلطة بيد رجل واحد فقط، وهو لديه حكم مطلق، ويبسط سيطرته على السلطات الثلاث، ولا يسمح لأحد بمعارضة قرارته، أو انتقاده، إذ يستخدم قطع الرواتب كسيف على رقاب المنتقدين.
وكان المجلس المركزي لمنظمة التحرير قد قرر في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2018 "إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينيتين كافة تجاه اتفاقياتها مع سلطة الاحتلال".
السلطة ستنهار
من جانبه، رأى المحل السياسي محمود حلمي أن السلطة في رام الله لا تستطيع وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال ولو ليوم واحد، لكونها ستنهار في اليوم التالي ولن تقف على قدميها.
ويقول حلمي لصحيفة "فلسطين": إن "السلطة تعلم جيداً أن قوتها تكمن في التنسيق الأمني ومواصلة تبادل المعلومات مع الاحتلال، لذا من المستحيل أن يقدم عباس على وقف تلك الاتفاقيات".
وأشار إلى أن الشارع الفلسطيني بغالبيته ونخبه يعلمون أن السلطة لم تصدق في وقف الاتفاقيات مع الاحتلال، لكونها ترى قادة السلطة يغادرون الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر الحواجز والمعابر الإسرائيلية.
وأضاف أن السلطة لو أرادت بالفعل وقف الاتفاقيات لعملت على إصدار قرار بوقف جميع الاجتماعات السرية مع المسؤولين الإسرائيليين، سواء فيما يتعلق بالأمن، أو الاقتصاد.