50 عامًا على ذكرى حريق المسجد الأقصى المبارك، مضت، وما زالت الجريمة الإسرائيلية بمختلف مستوياتها ومسمياتها مستمرة بحق أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
ولم تعد جريمة حرق الأقصى على يد المستوطن دينيس مايكل روهان في 21 آب/ أغسطس 1969م، الجريمة الوحيدة بحق الأقصى، فما زالت الجريمة مستمرة بتقسيماتها وأبعادها، بدءًا من حفر الأنفاق أسفل المسجد ومحيطه، والبناء الاستيطاني حوله، والاقتحامات الإسرائيلية الممنهجة والمتصاعدة، ومحاولات تقسيمه زمانًا ومكانًا.
وتنذر جرائم الاحتلال والجماعات الاستيطانية المتكررة بحق القدس ومسجدها، بتصاعد الهبات الجماهيرية؛ لوقف مسلسل الجرائم بحق الأقصى ومعالمه الدينية، وفق مختصين.
تواطؤ دولي
ويقول رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ناجح بكيرات: منذ حريق الأقصى تصاعدت الانتهاكات الإسرائيلية وتنوعت كالحفر أسفل أساسات المسجد، ومنع ترميم جدرانه، واقتحامه بشكل مستمر وإقامة الطقوس التلمودية في باحاته.
ويضيف بكيرات لصحيفة "فلسطين": "بعد حرق المسجد رفعت سلطات الاحتلال حالة التأهب، متوقعةً ردًّا عربيًّا يوازي حجم الجريمة التي ارتكبت بحق القبلة الأولى، لكن بعد مضي 48 ساعة، أدرك الاحتلال أن الرد العربي لن يخرج عن حدود الإدانة والاستنكار، وهو ما كان فعلًا".
ويرى أن الصمت العربي إزاء حرق المسجد الأقصى دفع سلطات الاحتلال لممارسة جرائمها وتنفيذ مخططاتها العنصرية في المكان، في حين اقتصر الأمر على الهبات الشعبية التي ينفذها المقدسيون دفاعًا عن القدس والمسجد.
ويتوقع بكيرات اندلاع هبة جماهيرية جديدة، ووقوع سلسلة عمليات فدائية؛ دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى؛ نظرًا لغياب الجهد الرسمي عن الواجهة.
ووفقًا لجماعات "الهيكل" المزعوم" فإن شهر أغسطس/ آب يشهد أعيادًا يهودية في ذكرى "هدم الهيكل"، وفق معتقداتهم الزائفة.
ويضيف: "الاعتداءات على القدس والأقصى لن تدوم بفعل صمود الشعب الفلسطيني وبسالة المقدسيين في الدفاع عنه".
ويستدرك الباحث المقدسي: "صحيح أن الاحتلال تمكن في الأعوام الماضية من تحويل القدس والمدينة المقدسة إلى ثكنة عسكرية، وخلال دقائق تجد آلاف المستوطنين يغلقون المدينة بشكل تام ويعزلونها عن العالم، لكن المقدسيين لهم بالمرصاد".
ويؤكد بكيرات أن الجرائم الإسرائيلية المستمرة بحق القدس والأقصى؛ تأتي في ظل تواطؤ عالمي وعربي تمهيدا لتطبيق خطة التسوية الأمريكية "صفقة القرن".
صمود المقدسيين
ويرى الكاتب والمحلل سياسي نهاد أبو غوش، أن جرائم الاحتلال في القدس والأقصى تزايدت منذ احتلال الأرض الفلسطينية، والصمت العربي على جريمة حرقه.
ويشير أبو غوش، لصحيفة "فلسطين" إلى أن المقدسيين بعد أن وجدوا أنفسهم وحدهم في ميدان الدفاع عنه، نظموا الاعتصامات والهبات الجماهيرية التي دفعت الاحتلال للتراجع عن جرائمه.
ويقول: "المقدسيون باتوا على علم بمحاولات الاحتلال ومخططاتها بحق القدس والأقصى"، مؤكدًا أن المستوطنين وبدعم إسرائيلي رسمي انتهزوا لحظة ضعف المقدسيين لتنفيذ مخططاتهم في المكان المقدس.
ويضيف: "الاعتداءات والاقتحامات المتكررة بحق القدس، وحدت شعبنا الذي أفشل تنفيذ مخططات الاحتلال"، مشددًا على ضرورة مراكمة الجهود واستثمار الهبات الجماهيرية في القدس ودعم صمود المقدسيين لوقف الجرائم الإسرائيلية.
والحريق الذي اندلع في الأقصى آنذاك شب في الجناح الشرقي للجامع القبْلي الموجود في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى، والتهمت النيران كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدد الحريق قبة الجامع الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة اللامعة.
ويقتحم المستوطنون المسجد الأقصى يوميًا عدا يومي الجمعة والسبت من باب المغاربة الذي يستولي الاحتلال على مفاتيحه منذ احتلال ما تبقى من القدس عام 1967 على فترتين الأولى صباحية والثانية بعد الظهر.
ويشارك في الاقتحامات وزراء ونواب كنيست بعد سماح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مطلع يوليو/تموز 2018م، لأعضاء الكنيست باقتحام المسجد الأقصى، وهو قرار قوبل بتنديد ورفض فلسطيني واسع.