فلسطين أون لاين

في عائلة منعها الفقر من علاج أبنائها..

أطفالٌ يعانون ضمورًا دماغيًا .. ونورُ عيونهم تحت التهديد

...
غزة - نسمة حمتو

عينان غائرتان من طول السهر، وقلبٌ مُحترق يتشوق للاطمئنان على الأطفال، باتت تعُد الليالي والأيام متأمّلة أن تسمع خبراً يسرُ خاطرها عن أبنائها الثلاثة، وفي كل مرة تعود فيها من المشفى تتجدد آلامها فتهرب منها إلى نومٍ يشبه الغيبوبة، حتى تفيق على صوت أطفالها يطلبون الطعام فتنظرُ إلى ابتسامتهم البريئة وتحتسبُ الأجر عند الله ..

ضمور في المخ

لم تُكن "م.ع" تَعرف بأن زواجها من ابن عمها يعني الدخول في دوّامة مشاكل ستعاني منها طيلة حياتها، ولم تتخيل أن وضعها المادي السيئ سيجعلها تعود من المستشفى، بعد كل زيارة، دون الحصول على نتيجة مؤكّدة عن حالة أبنائها الثلاثة.

بدأت قصتها مع المعاناة عندما أنجبت ابنها البكر ذا السبعة أعوام، فأخبرها الأطباء أنه يعاني من ضمور في المخ، ونقص في الأكسجين، وأنه مهدد بفقدان بصره في أي لحظة، ومنذ ذلك اليوم وهي تتنقل بين الأطباء الذين يؤكد كلٌ منهم التشخيص الذي قدّمه الآخرون، ويجمعون أيضا على حاجة الطفل لجلسات العلاج الطبيعي، ولكن الوضع المالي السيئ يحول دون خضوع الطفل لهذه الجلسات، وما فاقم صعوبة حالته أن نظره في تراجع يوما بعد يوم، وهو حاليا مهدد بفقدانه بشكل كامل.

كانت "م.ع" تعتقد بأنها مشكلة بسيطة وستمر بسلام، ولكنها بعد أن أنجبت ابنها الثاني، اكتشفت أنه يعاني كذلك من نوبات صرع وضمور في المخ وضعف في عينيه، والآن أصبح عمره خمس سنوات وبدأت تظهر عليه نفس الأعراض التي يعاني منها شقيقه الأكبر.

تقول "م.ع" وعيناها لا تتوقفان عن ذرف الدموع على حال صغارها: "في شهور الحمل كنت أزور الطبيبة باستمرار، وفي كل مرة تخبرني أن الجنين سليم، ورغم ذلك عندما يكبر الطفل تظهر عليه الأعراض، وهذا ما عانيته بالضبط مع ابني الثالث، ولكنني حتى الآن لم أستطع تشخيص حالته عند الطبيب".

وتضيف: "للأسف، معاملة الأطباء لي سيئة للغاية، فكل طبيب أتوجه إليه يتحدث لي عن مشكلة جديدة، وعندما ذهبت آخر مرة قال لي الطبيب بملء الفيه (ابنك لا يرى)، ولم يحاول حتى مساعدتي في إيجاد حل لباقي أبنائي".

تشخيص الحالة

وتتابع قولها وهي تحاول تهدئة ابنها الصغير: "قبل أيام، ذهبت للطبيبة وطلبت مني إجراء صورة رنين مغناطيسي لابني الثالث الذي بدأت تظهر عليه الأعراض ذاتها، ولكنني للأسف لا أملك الأموال لعملها، فتكلفتها تبلغ 450 شيكلا، فيما زوجي لا يعمل".

وتوضح: "زوجي عاطل عن العمل، وإن وجد عملًا فلا يستطيع من خلاله إلا توفير الطعام، حاجة أولادي للطعام تزيد بسبب وضعهم الصحي، فإن تأخرت عن توفيره يذهب ابني الكبير إلى الكاز أو حتى مياه الصرف الصحي ويشرب منها".

وتبيّن: "مصيبتي تضاعفت إلى ثلاث مصائب، لا أعرف كيف أعالج فلذات كبدي قبل أن يفقدوا البصر بشكل كامل، بعض الأطباء أخبروني أن علاجهم في الخارج، وأنه يمكن إنقاذهم قبل فوات الأوان، ولكن كيف أفعل ذلك وأنا لا أملك شيكلًا واحدًا في بيتي".

وتشير إلى أن: "الأطفال بحاجة لجلسات علاج طبيعي بشكل دائم، لكنهم حتى الآن لم يحصلوا على أي جلسة بسبب الوضع الذي نعيشه، صحيح أننا نحصل على مخصصات الشئون الاجتماعية، لكنها لا تكفي سوى لدفع إيجار المنزل"، لافتة إلى أن الأطفال يحتاجون أيضا للمهدئات، إلا أنه ليس بمقدورها توفيرها لهم باستمرار، بالإضافة إلى أن الابن الأكبر يحتاج لعلاج النطق.

وتقول: "أحد أبنائي يحتاج نظارة طبية تبلغ قيمتها 300 شيكل، وبالطبع لم أتمكن من توفيرها له، وكل ما أخاف منه أن يأتي يوم أجد فيه ابني أمامي لا يرى ولا أستطيع مساعدته بشيء".

شلل دماغي

أخبر الأطباء الأم أن عدم متابعة حالة الأطفال ربما يزيد الضمور الدماغي الذي يعانون منه، وقد يكونون عرضة للإصابة بالشلل الدماغي بشكل كامل ، وهي لا تستطيع أن تحرك ساكناً في ظل الأزمة المادية التي تعاني منها.

وتوضح: "أبسط مقومات الحياة تغيب عن المنزل، فالطعام والشراب والأدوية لا يمكننا توفيرها، ناهيك عن عدم وجود غسالة أو ثلاجة أو غيرها مما يعين على تسيير الأمور اليومية، وعندما أحصل على مساعدة من أحد لا أستطيع شراء شيء للبيت، فدائماً أرى أن أبنائي أولى بالمال".

أهم ما تحتاجه هذه الأسرة كفالة شهرية بسيطة تستطيع من خلالها توفير العلاج والطعام لأبنائها بدلًا من الحالة الصحية السيئة التي يعانونها.. فهل تجد العائلة من يساعدها في الخروج من هذه الأزمة..؟.