قال متحدثون وسياسيون إن خطوات السلطة في رام الله التي بدأت توضع بشأن التنصل من الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي ما زالت تعطي مؤشرات "سلبية"، في ظل السياسة الأمريكية الرامية عبر "صفقة القرن" إلى شطب حق العودة وعدّ القدس عاصمة لكيان الاحتلال.
وأضاف هؤلاء خلال الندوة الشهرية التي نظمتها صحيفة "فلسطين" بمقرها في مدينة غزة، أمس، بعنوان "قرارات عباس بين التلويح والتنفيذ"، "أن عدم تنفيذ قرارات التحلل من الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال سببه تغول رئيس السلطة محمود عباس على منظمة التحرير وحركة فتح والسلطة، وغياب الرقابة على عملها وقراراتها.
وكان رئيس السلطة محمود عباس أعلن في 25 يوليو/ تموز الماضي وقف العمل بكل الاتفاقيات الموقعة مع (إسرائيل)، ووضع آليات لتنفيذ ذلك.
ووقعت منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي اتفاق أوسلو عام 1993، وتبعته اتفاقيات عدة نظمت العلاقة بين الجانبين في الشؤون السياسية والمدنية والأمنية والاقتصادية.
آليات التطبيق
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، طلال أبو ظريفة: إن "الخطوات التي بدأت تُوضع بشأن وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال ما زالت تعطي مؤشرات سلبية حتى الآن".
وأكد أبو ظريفة في كلمته أن الجبهة الديمقراطية ستتقاطع مع كل الفصائل داخل منظمة التحرير وخارجها على قاعدة تغليب ما هو وطني، لتنفيذ قرارات التنصل من الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال.
وشدد على ضرورة تطبيق القرارات التي لا تحتاج لآليات لتطبيقها، كتعليق الاعتراف بالاحتلال، ووقف التنسيق الأمني، ومقاطعة البضائع الإسرائيلية، وفرض السيادة القانونية للسلطة الفلسطينية على الضفة الغربية.
وعد أن مدى جدية القرارات والأخذ بها يقاس بتطبيق هذه الخطوات أو غيرها "مما لا يحتاج لآليات أو لجان دراسة، وإذا ما أحيلت كل هذه القضايا دون تمييز وبالجملة إلى لجان دراسة مرة أخرى، فمعنى ذلك أننا لسنا أمام أي جديد، وأن سياسة المراوحة في المكان والمماطلة وتعطيل القرارات هي السياسة السائدة حتى الآن".
وأشار إلى ضرورة تنفيذ قرارات المجلس الوطني التي أوقف تنفيذها، والتي من شأنها أن تعيد حالة الاشتباك الميداني مع السياسة الأمريكية، ومنها تنسيب دولة فلسطين إلى الوكالات الدولية ذات الاختصاص، كالدولية للطيران وحقوق الملكية الفكرية.
وأكد أن القضية الفلسطينية تمر بأخطر مراحلها في ظل السياسة الأمريكية التي تتبعها على الأرض، وانحيازها الواضح للاحتلال الإسرائيلي، ومحاولة شطب حق العودة، وعدّ القدس عاصمة لكيان الاحتلال، وكذلك عدّ الأراضي الفلسطينية أراضي متنازعًا عليها.
وقال أبو ظريفة: "إن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تدرك أن مفاوضات التسوية التي أجرتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي طوال الـ25 عامًا غير مجدية، وبالتالي تحاول فرض حلول وفق صفقة القرن"، لافتًا إلى أن الحل الإقليمي هو الذي يشكل الأساس عند واشنطن، وليس الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن ثم التطبيع مع الاحتلال، وعدم إقامة دولة فلسطينية".
لجان هشة
بدوره رأى الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب أن تغول الرئيس عباس على منظمة التحرير وحركة فتح والسلطة، وغياب الرقابة على عملها أديا لعدم تنفيذ قرارات وقف التعامل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال.
وأوضح حبيب في كلمته أن اللجان الرقابية في منظمة التحرير هشة ولا تستطيع القيام بأي دور رقابي، لأن اختيارها يتم على أُسس تمنح الولاء للقيادة الموجودة.
وبين أن قرار وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال جاء لمقارعة استمرار الإدارة الأمريكية في المضي قدمًا بتطبيق "صفقة القرن"، ولاحتواء أي رد فعل فلسطيني على مجزرة الهدم في حي وادي الحمص في القدس المحتلة.
وأشار إلى أن المجلس التشريعي عاجز عن الرقابة على عمل السلطة وتنفيذ قراراتها، بسبب عدم الفصل الحقيقي بين السلطات، نظرًا لتغول الرئاسة والسلطة التنفيذية على "التشريعية والقضائية" وتفردهما بالقرار.
وشدد حبيب على ضرورة التدقيق في صيغة وبيئة قرار وقف التعامل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، مشيرًا إلى أن "بعض القرارات كانت تشير في بعض المرات لوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة، وأخرى كانت تدعو لإنهاء العمل بها أو تجزئة العمل بالاتفاقيات".
إضعاف السلطة
من جهته رأى الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني أن قرار عباس التحلل من الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال يميل باتجاه التلويح وليس التنفيذ.
وقال الدجني في كلمته: "إن كثرة التلويح بالتحلل من الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال يهدف إلى إضعاف السلطة ومنظمة التحرير، لافتًا إلى أن تنفيذه يعني الاصطدام مع "جماعة المصالح".
وأضاف: "أن حالة الانفصال والواقع الجيد التي تشهدها الأراضي الفلسطينية أدت لظهور قوة "جماعات المصالح" التي تمارس الضغط على الرئيس عباس، من أجل إفشال أي قرار بوقف تنفيذ الاتفاقيات الموقعة".
وبين الدجني أن سلطات الاحتلال باتت قادرة على إدارة الضفة الغربية دون أي اعتبار لقرارات السلطة الفلسطينية"، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية والاحتلال يدركان سلوك السلطة ومدى فاعلية القرارات السياسية التي تتخذها.
وذكر أن هناك العديد من القرارات بشأن وقف كل الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال اتخذت ووُظِّفت في سياق التهديد وليس التنفيذ".
وأشار إلى أن وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال يعني إنهاء السلطة وسيطرة الاحتلال على الضفة الغربية والتغول على أراضيها.