"Sweets Bon Bon" هو اسم مشروعها، ففي مطبخ منزلها الصغير تتفنن "تهاني مدوخ" بإعداد قوالب الكيك ذات الأشكال والألوان اللافتة، وبأحجام مختلفة، سواء زينتها بعجينة السكر أو بمواد أخرى.
في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تجد أشكالا غريبة من إعدادها، كقالب على شكل علبة مواد تجميل، ومجسم لقبة الصخرة، ولسرير أطفال، وعروس، وقوالب كيك على هيئة شخصيات كرتونية مشهورة، أو بشكل سيارات.
تهاني مدوخ (44 عاما) وُلدت في الجزائر وعاشت فيها، منذ صغرها أحبت العمل بالبيت وصناعة الحلويات، ونمت تلك المهارة مع الأيام، فكانت تعد الحلوى بوصفات مختلفة، قدمت إلى قطاع غزة عام 1997 مع زوجها الذي يعمل مدرسا، وهي أمٌ لابنتين.
البداية
الخطوة الأولى عملية تجهيز القالب بخبز الكيك، ثم صناعة عجينة السكر، وطلاؤها بألوان متنوعة، ثم تكون المرحلة الأخيرة وهي التغليف وإضافة المجسمات والأشكال المتنوعة.
في البداية، بدأت مدوخ بإعداد الأكلات الشعبية في المغرب العربي، وتحدثت لنا عن الدافع، قائلة: "شوقي للجزائر دفعني لإعداد هذه الأكلات، ومن شجعني أكثر هم أناس من غزة عاشوا هناك، وحينما علموا أنني أعد تلك الأكلات كانوا يطلبون مني الاستمرار في ذلك".
وهكذا بدأت مدوخ بتطوير نفسها، ثم اتجهت لتنمية مهاراتها في صنع قوالب الكيك، وعن ذلك أضافت لـ"فلسطين": "اتجهت إلى إعداد الكيك عام 2008، كنت أفعل ذلك بنظام القطع العادية، وبعد عدة أشهر أصبحت أعدها بأشكال مختلفة، ثم تمكنت من إتقان عجينة السكر تماما".
وتابعت: "أعطي حرية لمن يطلب مني إعداد قالب الكيك، بأن يختار أي شكل يريده، وأقوم بإعداده مهما بلغت درجة صعوبته، حتى لو اضطررت لتخصيص قالب خاص لهذا الشكل"، تبدي ثقتها بنفسها، مواصلة: "أستعمل الموادّ الخام ذات المواصفات عالية المستوى، لأني لا أعدّ الكيك بهدف التجارة، بل لأنها هواية وأريد المحافظة عليها".
ويبلغ ثمن كيلو عجينة السكر، والكلام لمدوخ، 40 شيكلا، والقالب الواحد يلزمه أكثر من كيلو، خاصة إذا كان مكونا من عدة طوابق، ومن هنا قد يبدو السعر مرتفعا، ولكن "أسعارنا قليلة جدا بالنسبة لأسعار الدول الأخرى"، وفقا لضيفتنا.
ما السر وراء الدقة في العمل؟ أجابت: "أرسم التصميم قبل البدء بالعمل، ثم أحضر عجينة السكر وألوّنها وفق ما يتطلبه القالب، وفي بعض الأحيان أعد طبق الكيك من خلال رسومات موجودة على الإنترنت".
لا تخفي أن أحد محال الكيك الكبيرة في قطاع غزة، طلب منها أن تعد له طبق "قبة الصخرة" بمناسبة افتتاح أحد أفرعه الجديدة.
وتذكر أنها كانت في البداية تتعامل مع متاجر بيع الكيك المشهورة، ولكن نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، توقفت عن هذا الأمر لأن هذه القوالب تحتاج إلى درجة معينة من الحرارة.
وقالت: "عرضت علي بعض المتاجر أن أعد لها أطباق الكيك، لكني أرفض الأمر، لأن هذا العمل يحتاج إلى مجهود كبير يستنزف صحتي، وطلبت مني الكثير من النساء تقديم دورات في هذا المجال، ولكن المكان غير متوفر".
إغلاق المتجر
وبنبرة صوت بدت عليها الثقة بالنفس، أضافت: "أهم شيء في نجاحي هو الموهبة، لأنها تولدت معي منذ الصغر، كانت أمنيتي أن يكون لدي متجر خاص، ولكن حتى الآن الظروف لم تسمح بذلك".
بيد أنها ذهبت للإشارة إلى أنها افتتحت متجرًا لإعداد قوالب الكيك لمدة عام، ولكن اضطرت لإغلاقه نتيجة ارتفاع ثمن إيجار المحل في حي الرمال بمدينة غزة، وعدم قدرة العمال على إتقان العمل كما تقوم به هي.
ما زالت تتحدث عن تلك المحطة، قائلة: "المتجر يجب أن تتوفر فيه جميع الأصناف على مدار اليوم، كنت أعدّ بنفسي 15 صنفا، لكني انتبهت إلى إهمالي لبيتي بسبب العمل، إذ كنت أخرج من الساعة السابعة صباحا حتى المساء، وكان هذا أحد أسباب الإغلاق".
وأثناء حديثها لنا، استحضرت موقفا فكاهيا لا يفر من ذاكرتها، فذات مرة جاءتها إحدى السيدات ضاحكة: "بدي أعمل قالب كيك، ولكن مش عارفة إذا بتعمليه أو لا"، فأجابت مدوخ: " بالتأكيد.. اطلبي أي شيء وراح أعمله"، لكن طلب السيدة كان غريبا: "بدي قالب كيك على شكل صرصور"، فردّت صانعة الكيك: "حرام عليك بدها تحتفل بيوم ميلادها أم تتقيأ!"..
لكن كان طلب تلك السيدة مجرد "مقلب" فكاهي مع ابنة أخيها، لتُفاجأ تأتي في صالة حفل يوم الميلاد بقالب على شكل حشرة "صرصور" بدلا أن تجد قالب كيك بشكل جميل، ولكن بعد الصدمة تستبدل تلك السيدة "الصرصور" بقالب كيك كبير من عدة طوابق، أيضا أعدته مدوخ لها.
ومما يلفت الانتباه في صفحتها، صورة مجسم لطبيب مع ربطة عنق وأدواته الطبية، لكنها لم تكن مجسما بل كانت من إعداد أناملها، أهدتها لطبيب أجرى لها عملية جراحية ناجحة، في ذكرى ميلاده.
وبفخر بعملها، أكّدت مدوخ: "أغلب من أعددت قوالب الكيك لهم، عاودوا الاتصال بي ليخبروني أن القوالب التي صنعتها أدخلت البهجة على احتفالاتهم، والسر وراء ذلك أني أعمل بهدوء، وعن موهبة وتأنٍ، وليس بشكل تجاري".
ما هي الصعوبات التي واجهتك؟ أجابت بأنها كانت في البداية تسافر إلى الجزائر لتحضر الأغراض اللازمة في عملها والتي لا تتوفر في القطاع، ولكن نتيجة إغلاق المعابر أصبحت تتكيف مع المواد الموجودة، ومن أبرز التحديات أمامها الإيجارات المرتفعة لأسعار المحال التجارية.