فلسطين أون لاين

منذ عام 2000 وحتى اليوم

ضرائب الاحتلال تجبر 600 تاجر مقدسي على إغلاق محالهم

...
القدس المحتلة -غزة/ طلال النبيه:

منذ أكثر من 60 عامًا، يعيش الحاج المقدسي أبو أحمد دنديس، في محله التجاري المقابل لباب العامود في القدس المحتلة، متمسكًا ببلاط محله وترابه، رغم ما تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من ضرائب باهظة بحق أهل القدس وتجارها.

وبفعل تلك الضرائب، أجبرت سلطات الاحتلال بشكل مباشر وغير مباشر 600 تاجر مقدسي على إغلاق محالهم منذ عام 2000 وحتى يومنا هذا، ما أثر سلبًا على الهوية المقدسية والوجود الفلسطيني التجاري في البلدة القديمة، التي يوجد فيها نحو 1300 محل تجاري.

ومنذ سنوات تمنع سلطات الاحتلال التاجر أبو أحمد من ممارسة عمله التجاري في تجارة الملابس بشكل حر، أو السفر أو اقتناء رخصة قيادة، بسبب تراكم الضرائب عليه، إذ بلغت نحو 50 ألف شيكل.

ويوضح نجله التاجر أحمد في حديث لـصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استخدام سياسة طاردة للتاجر الفلسطيني في القدس المحتلة، لافتًا إلى أن أبرز الضرائب التي تفرض على التجار هي الأرنونا التي تعوِّق عمل التجار المقدسيين لكبر قيمتها.

و"الأرنونا" هي ضريبة سنوية تفرض على مساحة المحل التجاري بقيمة 350 شيكلًا للمتر الواحد.

ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك، واستعداد التجار لاستقباله، اقتحمت أول من أمس شرطة بلدية الاحتلال محل الحاج أبو أحمد، وفرضت عليه "مخالفات مالية باهظة"، لعرضه ملابس في محله.

ويصل عدد الضرائب على التجار نحو 17 ضريبة، بدءًا في الأرنونا وليس انتهاءً بضرائب الدخل والقيمة المضافة و"التأمين الوطني" والـ17%، ويصل قيمة هذه الضرائب على عدد من التجار إلى مليون شيكل، وفق ما يوضح التاجر أحمد دنديس.

ويقول دنديس الذي لا يبعد محله التجاري عن المسجد الأقصى، سوى دقيقتين مشيًا على الأقدام لصحيفة "فلسطين": "محلنا متمسكون به وببلاطه وترابه، ولا يمكن لنا التفريط فيه رغم كل إجراءات الاحتلال وعنصريته بحق المقدسيين".

ويضيف بتنهيدة خرجت من أعماق قلبه: "الاحتلال يريد تغيير الخريطة الاقتصادية للقدس، وفرض سياسة ممنهجة بشكل يومي، للتضييق علينا ولنترك القدس؛ لكن لو أعطونا كل المال ما بنترك المحل والقدس وترابها".

ويعيش نحو 5000 آلاف تاجر مقدسي في القدس المحتلة، أوضاعًا اقتصادية خانقة بفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وأهمها تشديد القيود على أهالي الضفة الغربية والداخل المحتل ومنعهم من الدخول بشكل دوري للقدس، وفق ما يوضح رئيس الغرفة التجارية في القدس لؤي الحسيني.

ويؤكد الحسيني في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن إقامة الجدار العنصري حول القدس أثر سلبًا على الحياة الاقتصادية هناك، مؤكدًا إغلاق نحو 40% من تجار البلدة القديمة بالقدس لمحالهم التجارية.

وقال: "الاحتلال يفرض ضرائب باهظة على التجار في مواسم عملهم، ما يؤدي لخسائر كبيرة"، لافتًا إلى أنه يمنع التجار من عرض بضائعهم أمام محالهم وأملاكهم.

من جهته، أوضح زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية لـ"فلسطين"، أن هذه الإجراءات الإسرائيلية وإغلاق التجار لمحالهم رفع نسبة الفقر في القدس إلى نحو 80%، لافتًا إلى أن هذه الأوقات هي الأصعب على تجار القدس منذ سنوات.

وبيّن الحموري أن 70% من تجار القدس مديونون لضريبة الأرنونا، قائلًا: "هذه الضريبة إحدى أدوات ترحيل التاجر المقدسي".

ودعا إلى ضرورة تعزيز صمود التاجر المقدسي، باستمرار التصدي فلسطينيًا وعربيًا لهذه الإجراءات، والمخططات الاقتصادية التي لا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن شرعنتها وسنها لطرد المقدسيين من القدس.

وطالب الحموري الدول العربية والإسلامية بضرورة مساعدة المقدسيين على البقاء والصمود في مدينته المقدسة ومواجهة انتهاكات الاحتلال المستمرة.