"الاحتلال يعتقل فلسطينيا خرج للتو من سجون السلطة الفلسطينية" كان هذا الخبر بالأمس القريب غريبًا، لكنه للأسف بات اليوم مألوفًا، خصوصًا إذا كانت التهمة "ارتباطه بالمقاومة الفلسطينية".
ففي محافظات الضفة الغربية المحتلة أضحت السلطة الفلسطينية التي تنادي بالمقاومة الشعبية دون تبنيها، شريكًا ملازمًا للاحتلال بل نهجًا واحدًا في محاربة كل أشكال المقاومة.
وصباح أمس، اعتقل الاحتلال، ثلاثة أسرى محررين بعد أيام من الإفراج عنهم من سجون أجهزة أمن السلطة، منهم الباحث بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع، مروان استيتية، ومعاوية عفيف حنيني وجميعهم من مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة.
وفي مساء الاثنين الماضي اعتقل الاحتلال الأسير المحرر محمود الخاروف من مدينة الخليل، أثناء تحرره من سجون السلطة متوجهًا لبيته، ومن قبله المعلمة ألاء بشير من قلقيلية بعد يوم واحد من الافراج عنها.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي علاء الريماوي، أن تلك العمليات تدلل على استمرار التنسيق الأمني في الضفة الغربية المحتلة، "وبلغ مساحات لا يمكن الصبر معها على سلوك السلطة الفلسطينية".
وأوضح الريماوي في حديثه لـصحيفة "فلسطين"، أن ما يجري يظهر أن دائرة من التنسيق الأمني وصلت لحد "الاعتقال المتبادل" من نقل معلومات، وتنسيق، ثم اعتقال، بالإضافة إلى المساهمة في ملاحقة المقاومة الفلسطينية.
وأكمل: "لقد أصبح كل ما يقال من قرارات للسلطة الفلسطينية ليست صحيحة ولا تؤخذ على محمل الجد، ولا تطبق، إنما تأتي في سياق الاستعراض الإعلامي وتسكين البنية المجتمعية الداخلية، خاصةً بعد جرائم الاحتلال في حي واد الحمص وعمليات القتل والتصفية، أو عقاب الشعب الفلسطيني بنهب أموال المقاصة".
وأكد على عدم وجود إدارة سياسية قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة أو تنفيذها.
ويرى الريماوي أن الاحتلال اعتقل ياسر منّاع وآلاء بشير وغيرهم، بناءً على اتهامات السلطة لهم بأنهم انتقلوا من مرحلة الرأي إلى العمل الفيزيائي، على أساس الشبهة بأن "لهم علاقة بالمقاومة الفلسطينية أو بحركة حماس أو بفصائل فلسطينية (...) الأمر الذي يؤكد أن الاحتلال والسلطة يعملان بمنهجية موحدة لملاحقة المقاومة الفلسطينية".
وأضاف: "تعد هذه منهجية خطيرة يمكن أن تؤثر على الهوية الفلسطينية للسلطة، بنقلها من مسمى السلطة الوطنية إلى سلطة ترتبط بإفرازات التعاملات مع الاحتلال الصهيوني".
ولمواجهة هذه الظاهرة، أشار الريماوي إلى أهمية تشكيل موقف شعبي يسانده موقف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي اتخذت أكثر من مرة قرارات بوقف التنسيق الأمني، بالإضافة لتجريم سلوك السلطة في هذا الجانب.
الفترة الزمنية أقل
من جهته، يرى الناشط والمختص في الشأن الفلسطيني ياسين عز الدين، أن هذه الظاهرة لم تتغير منذ فترة طويلة، فحسب إحصائية أعدها أسرى حماس في سجون الاحتلال وجدوا أن 80% من المعتقلين السياسيين لدى السلطة يعتقلهم الاحتلال لاحقًا.
وأكد عز الدين في حديث لصحيفة "فلسطين" أن اللافت للنظر في الاعتقالات الأخيرة (آلاء بشير، وياسر مناع وغيرهم) هو قرب الفترة الزمنية بين الإفراج من عند السلطة والاعتقال لدى الاحتلال.
ودلل على ذلك بحالة الأسير محمود الخاروف من مدينة الخليل، الذي اعتقله الاحتلال أثناء توجهه لمنزله عائدًا من سجون السلطة.
وأوضح عز الدين أن الاحتلال يتعامل بسرعة كبيرة مع الملفات التي يعتبرها خطيرة، أما في حال كان غير مقتنع بوجود نشاط مقاوم للشخص فهو لا يعتقله أو قد تستدعيه مخابرات الاحتلال بالحد الأقصى، مثل المحررة سهى جبارة التي اعتقلتها السلطة على تهمة قديمة منذ العام 2011 والاحتلال كان استدعاها في حينه على نفس التهمة لذا لم يعتقلها بعد الإفراج عنها لأنه لا يوجد أي ملف حقيقي.