أكدت شخصيات مقدسية، أن ممارسات الاحتلال بحق الاطفال الفلسطينيين وخاصة في مدينة القدس المحتلة تعد انتهاكا صارخا لكل المواثيق والاتفاقات الدولية التي شددت على وجوب توفير الحماية لكل الفئات الخاصة في المجتمع الواقع تحت الاحتلال كالأطفال والنساء.
وذكرت الشخصيات أن الاحتلال حينما أمِن العقوبة فإنه أساء التعامل مع الفلسطينيين بكل فئاتهم واعمارهم، مشيرة الى أن الوقت لم يفت بعد للذهاب بكل هذ الجرائم الى المحاكم الدولية من أجل محاكمة قادة الاحتلال.
وكانت سلطات الاحتلال استدعت، أمس، طفلا من بلدة العيسوية في القدس المحتلة، وهو الطفل قيس فراس عبيد (6 أعوام)، للتحقيق، وذلك بحجة "إلقاء الحجارة" باتجاه مركبة تابعة لقوات الاحتلال خلال اقتحامها للبلدة.
وجاء ذلك بعد ساعات على وصولالطفل محمد ربيع عليان البالغ من العمر 4 أعوام ونصف العام، مركز شرطة الاحتلال في القدس، بعد استدعائه للتحقيق، بنفس الحجة، حيث ألغت الاستجواب في وقت لاحق بعد ضغوطات من المواطنين بينما احتجزت والده لعدة ساعات.
من جانبه، أكد مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد فهمي الحمّوري، أن قوات الاحتلال تستهدف بشكل واضح الأطفال في مدينة القدس من خلال الاعتقال والاستدعاء والابعاد وأحيانا القتل بدم بارد.
وذكر لصحيفة "فلسطين"، أن سلطات الاحتلال صعدّت من استهدافها للقدس والمقدسيين خلال السنوات القليلة الماضية، لافتا الى أنه يمكن بسهولة ملاحظة وجود هجمة منظمة بحق الأطفال المقدسيين بشكل خاص، وتصاعد لحملات الاعتقال ذكورا وإناثا.
وشدد الحموري على أن الاحتلال الإسرائيلي لم يترك مجالاً من مجالات الحياة لأبناء الشعب الفلسطيني إلاّ ويتدخل فيه بطريقة قمعية ووحشية غير مكترث بالقانون الدولي وباتفاقات جنيف الرابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري، ودون أية مراعاة للوائح حقوق الإنسان.
وأوضح ان الاحتلال في حال عجزه عن اعتقال أي طفل لأي سبب كان فإنه يلجأ الى سياسة "الحبس المنزلي"، مؤكدا أن هذا الإجراء تعسفي وغير أخلاقي ويخالف قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ولفت الى أن هذه الممارسات تتم وفق مخطط ممنهج، معتبرا انه يشكل عقابا جماعيا للأسرة بمجموع أفرادها، التي تضطر لأن تَبقى في حالة استنفار دائم لحماية ابنها من خطر تبعات تجاوزه للشروط المفروضة عليه في الحبس المنزلي.
وذكر ان عمليات الاعتقال والحبس ترافقها أعمال ترهيب لهؤلاء الأطفال وعائلاتهم، منوها الى أن اعتقال أو إبعاد الأطفال دون سن الثانية عشرة مخالف للقانون الدولي ولاتفاقيات جنيف التي تحظر الابعاد القسري للأشخاص المحميين في المناطق المحتلة.
من ناحيته، قال الخبير في القانون الدولي د.حنا عيسى: إن أذرع الأمن الإسرائيلية تمارس كل أشكال القمع ضد الأطفال المقدسيين بدلاً من توفير الحماية لهم، فقد قتلت وجرحت واعتقلت الآلاف منهم.
وأضاف لصحيفة "فلسطين"، أن قائمة الأفعال العدوانية بحق الاطفال المقدسيين ممتدة وتصل الى حدود التفتيش والإذلال على الحواجز العسكرية وفي الطرقات، وحتى في بيوتهم ومدارسهم، ويخضعون لمنع التجول وتقييد الحريات.
وذكر أن القدس وبخلاف المناطق المحتلة في الضفة فإنه في القدس يتم فرض القانون الاسرائيلي والذي ينص على إعادة تأهيل القاصرين والمعتقلين وبدائل للسجن والاعتقال، لكنه أشار الى أنه منذ عام 2015 جرى تغيير على هذه السياسة أدى الى تشديد معاملة المعتقلين المقدسيين ومنها الاعتقال حتى نهاية الاجراءات والالغاء الفعلي لبدائل اعتقال القاصرين.
وشدد عيسى على أن سلطات الاحتلال تضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف والاتفاقات الدولية التي توجب على أي سلطة احتلال ان توفر الحماية للمدنيين والأطفال مع ضمان أن يتحصلوا على مأوى ومأكل وتعليم لائق.
وأضاف أن الاحتلال يتعمد استهداف الأطفال بواسطة الاعتقال في محاولة لترهيبهم وترهيب أهاليهم، موضحا أن الأطفال المعتقلين يعانون من سوء المعاملة خلال فترات التحقيق عبر الضرب ومنع تواجد الوالدين واستمرار التحقيق لساعات طويلة للجلسة الواحدة دون مراعاة لسنهم.
وأشار الى أن الاحتلال يتعامل مع الأطفال المعاملة ذاتها التي يتلقاها الأسرى الفلسطينيون البالغون، لافتا الى أن سلطات الاحتلال تمارس بحق الأطفال المعتقلين اعتداءات جسيمة تبدأ بتعرضهم للضرب المبرح فور اعتقالهم، ونقلهم في الآليات العسكرية تحت الضرب المستمر والشتائم، وصولًا إلى مراكز التحقيق، حيث يتعرض الأطفال لتعذيب جسدي ونفسي.
وأكد عيسى أن عددا من الأطفال يتعرضون للإبعاد أو الحبس المنزلي بعد إطلاق سراحهم، ما يعني تخلفهم عن الدراسة، مشيرا إلى ما يحمله ذلك من آثار أكاديمية سلبية بعيدة المدى، بالإضافة إلى الأبعاد السيكولوجية الناتجة عن الإقصاء عن المدرسة أو المنزل.