اعتبر حقوقيون وسياسيون أن القرارين الصادرين مؤخرًا عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والقاضيين بتعديل قانون السلطة القضائية وتشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي، "اعتداء صريحًا على المنظومة الدستورية الفلسطينية".
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها المكتب الإعلامي الحكومي في مدينة غزة، أمس، حول قرارات عباس بتعديل قانون السلطة القضائية وتشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي.
وأكد المشاركون في الورشة، أن القرارين ينسفان القانون الأساسي الفلسطيني، ويساهمان في تكريس الانقسام السياسي.
ودعا هؤلاء رئيس السلطة الفلسطينية إلى إلغاء القرارين، لخطورتهما على السلطة القضائية، وشددوا على ضرورة عدم المس بالقوانين، ووقف هيمنة عباس على النظام السياسي والقضاء الفلسطيني.
كان عباس اتخذ، مؤخراً، قرارًا بتعديل قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002، وتخفيض سن التقاعد أو إنهاء الخدمة لمدة 60 عامًا، وقرارًا آخر رقم (17 لسنة 2019) يقضي بحل مجلس القضاء الأعلى الموجود وتشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي.
بدوره، أكد سمير المناعمة محامي مركز الميزان لحقو الإنسان، أن القرارين يعطيان الحق للرئيس بعزل وتعيين وإحالة القضاة للتقاعد، واعداد مشاريع متعلقة بقانون السلطة القضائية.
وقال المناعمة: إن "ما تم اتخاذه من قبل الرئيس يعد استباحة خطيرة للسلطة القضائية، ومخالفة لقانونها، واعتداء على المنظومة الدستورية، وانزلاقًا خطيرًا بالشرعية الدستورية".
وشدد على ضرورة وجود حراك مجتمعي حقيقي من أجل الدفاع عما تبقى من آخر قلاع النظام الدستوري، والحفاظ على أحكام القانون، داعياً رئيس السلطة إلى إلغاء القرارين.
وتكمن خطورة القرار بإعطاء الرئيس الحق إعادة تشكيل هيئات المحاكم بكافة درجاتها، واعداد مشاريع متعلقة بقانون السلطة القضائية، وهو ما يعد مخالفة لقانون السلطة القضائية الذي يمنع الرئيس من عزل القضاة، والحديث للمناعمة.
وبين أن عباس استند في قراره إلى "اللجنة الوطنية لتطوير قطاع العدالة"، التي ألغت المحكمة العليا قرار تشكيلها من قبل الرئيس.
من جانبه، رأى صلاح عبد العاطي مدير مركز مسارات، أن القرارين الصادرين عن عباس يكرسان الحكم المطلق للرئيس، بحيث تصبح جميع السلطات الثلاث بيده، و"انتقال للحكم الإلهي"، بحيث لا يمتلك أي شخصية حكومية أو وزير طرح أي قرار، وفق تعبيره.
وأكد عبد العاطي، أن عباس يهدف من وراء القرارين إلى الهيمنة على النظامين القضائي والسياسي، لتهيئة الأوضاع بعد رحيله، ولتنفيذه مصالحه، من خلال التحكم التام بجميع السلطات.
وقال عبد العاطي: "عباس أصبح ديكتاتوري ويجب مواجهته، لأن ما حدث يعني أن القضاء لم يعد الحارس للحقوق المدنية، من خلال تقويض استقلال السلطة القضائية".
وأوضح أن القرارين يساهمان في الإساءة لسمعة القضاء الفلسطيني في العالم، ويطعن في مصداقيته، معتبراً أن تعيين رئيس مجلس قضاء أعلى انتقالي مخالف للقانون كون عمره يصل إلى 80 عاماً.
وبين أن القرارين يخالفان التزامات واتفاقيات دولة فلسطين القانونية التي تم توقيعها في مختلف المؤسسات الحقوقية والدولية.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي تيسير محيسن أن اتخاذ عباس قراراً بتشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي، يعني أن رئيس السلطة يمتهن النظام السياسي الفلسطيني، ومحاولة منه لإعطاء شرعية لوجوده الذي يفتقدها.
وقال محيسن: "القرار يهدف إلى زيادة المركزية للتحكم بالنظام السياسي الفلسطيني، ويطعن في استقلالية القضاء، وتعدي على مكونات النظام السياسي الفلسطيني".
وأضاف محيسن: "عباس عمل على تحويل النظام السياسي الفلسطيني إلى دمية بيده يحركها وقت ما يشاء، ووفقاً لتنفيذ مصالحه السياسية الخاصة، ويزيد من هيمنته على النظام السياسي، وهو ما يعزز مزيداً من الانهيار داخل المكون السياسي الفلسطيني".