المسلك الصحيح للحفاظ على العلاقات هو إصلاح ذات البين، لقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟"، قالوا: "بلى، يا رسول الله"، قال: "إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة"، ومن أسوأ مظاهر إفساد ذات البين المساس بحياة الأزواج وهدم البيوت، لذلك قال (عليه الصلاة والسلام): "من أفسد امرأةً على زوجها فليس منا"، وهذا ما نتحدث عنه في التقرير التالي:
من أعظم الغايات
قال الداعية مصطفى أبو توهة لـ"فلسطين": "إن من أعظم مقاصد وغايات الدين التي شرعها تعضيد وتقوية اللحمة بين الناس جميعًا، أيًّا ما كانت طوائفهم ومللهم ونحلهم، فقال (تعالى): "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا"، ومن هنا نفهم أن العلاقات البشرية يمكن تأطيرها في ثلاث دوائر، وكل دائرة لا تنفي ما قبلها".
وبين أن هذه الدوائر هي: دائرة الأخوة الإنسانية، ثم دائرة الأخوة في الوطن والمكان، وأخيرًا الأخوة الإيمانية، متابعًا: "آيات الوحي الكريم دائمًا تدعو إلى الوصل لا القطع، كما قال الله (تعالى): (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل)".
وواصل أبو توهة: "من أعظم الجنايات إشاعة وبث روح العداء والشحناء بين المؤمنين، التي هي كبيرة من الكبائر، وهي الكبيرة التي أشار إليها النبي حين حذر من هو أفضل منا وأقربنا إلى الله (عز وجل) الصحب الكرام حين قال: (إياكم والشحناء فإنها الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكنها تحلق الدين)".
وأشار إلى أن الشحناء شعور في القلب، يؤدي إلى التدابر والتهاجر، فإن أي كلام أو فعل أو ممارسة هي جناية على دين المرء نفسه لأنها خيانة لأمر الله.
وقال أبو توهة: "من أخطر الدوائر التي يمكن أن توجه إليها سهام القطيعة المسمومة هي دائرة الحياة الزوجية، ذلك لأنها اللبنة الأولى والنواة التي يُبنى عليها المجتمع الكبير، فكل مجتمع متكون من أسرة، والأسرة عمادها وقوامها الرجل والمرأة، ولكي تدوم هذه الأسرة جعل الله (تبارك وتعالى) بينهما المودة والرحمة، فالمودة هي قمة الحب، وحماية لهذا الود أحاطه الله بالرحمة، ذلك لأن أحد الطرفين ربما يضعف لسبب أو لآخر فلا يؤدي ما عليه من ود، فكان لزامًا على الطرف الآخر أن يقابل هذا الضعف بالرحمة، كما في قوله (عز وجل): (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا)".
وأضاف: "لذلك لم نجد جُرمًا ولا إثمًا أعظم من أن يهز أحدنا الشجرة من أقوى غصونها لتكون بعد ذلك في مهب الرياح، وهذا ما يفعله جهلة المسلمين حينما يشيعون مشاعر البغض والكره لتكون العلاقة سلبية ومفرغة ومهزوزة بين الزوجين، ومن فهمنا لحديث نبينا بمنطوقه ومفهومه نعلم أن هذه الفعلة الكاذبة الخاطئة هي أسمى ما يتمناه الشيطان وإخوانه، لذا إن الذين يفرقون بين المرء وزوجه هم إخوة الشياطين، بقصد أو عن غير قصد".
ولفت إلى أن العلاقة بين الأزواج خط أحمر، ودائرة مغلقة، وعلاقة خاصة، لا ينبغي الاقتراب منها إلا بالتي هي أحسن.
وقال أبو توهة: "المسلم دائمًا مُطالب بأن يكون وقافًا عند كلامه، وذلك برهانه قول الله (تعالى): (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وقوله: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ)، وعلى هذا هو ملزم بأن يتصف بصفات المؤمنين الفارين من الجحيم، هذه الصفة التي قال عنها الله (تعالى): (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ)".