جدل واسع أحاط بإجراءات وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان الأخيرة التي أثارت احتجاجات اللاجئين الفلسطينيين الضيوف في لبنان، وسلطت الضوء على حقوقهم في العمل، في وقت يقول رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني د. حسن منيمنة، إن لجنته تؤدي "دور الوسيط لإحقاق الحق" بين الوزير والقوى والفصائل الفلسطينية في لبنان.
حاورت صحيفة "فلسطين" الوزير اللبناني السابق منيمنة، الذي قال: إنه لا يعتقد أن أحدًا يعارض تطبيق القانون، لكن كأي قانون يصدر يكون على إثره عدد من المراسيم التنظيمية لتضع آليات تنفيذه، مبينًا أن ذلك لم يحدث منذ صدور قانون تنظيم عمالة الأجانب في لبنان في 2010.
وكانت وزارة العمل اللبنانية بدأت خطتها لـ"مكافحة العمالة الأجنبيَّة غير الشرعيَّة"، التي أعلنتها في السادس من يونيو/ حزيران الماضي، وحددت الوزارة مهلة شهر لتصويب أوضاع المؤسسات التي لديها من وصفتهم بـ"العمال غير الشرعيين"، أو "المخالفين قانونيًّا"، وبعيد انتهائها عمدت إلى حملة نتج عنها إقفال 11 مؤسسة، يعمل فيها لاجئون فلسطينيون ونازحون سوريون ولبنانيون أيضًا.
وذكر منيمنة، أن لجنته اتفقت في 2015 مع القوى السياسية اللبنانية على وضع رؤية موحدة تمثل كل القوى السياسية اللبنانية تجاه قضايا اللاجئين الفلسطينيين مع توصية خاصة بما يتعلق بعملهم في لبنان، أكدت ضرورة تطبيق القانون لجهة حصول العامل الفلسطيني على إجازة عمل، لكن مع التأكيد على خصوصية العامل الفلسطيني والوضع الخاص الذي يعيشه كلاجئ، وليس كأجنبي.
وأشار إلى أن المطلوب لذلك كان إصدار نصوص واضحة صادرة عن مجلس الوزراء "كي نبتعد عن الآراء الفردية للوزراء المتعاقبين عادة على هذا الموضع، ووصلنا إلى تلك التوصية التي هي عمليًّا الحل الآن لهذه المسألة".
ونبه إلى أساس عمل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني المتمثل بكونها حلقة ارتباط مركزية بين اللاجئين الفلسطينيين والمؤسسات الرسمية والدولية، وتقديم النصح حول السياسات العامة الواجب تبنِّيها من الحكومة اللبنانية، مرتكزة بذلك على المصالح الوطنية للشعب اللبناني وحقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعيش الكريم لحين عودتهم إلى ديارهم.
وأوضح منيمنة أنه عبر تلك المراسيم، تحدد آليات بموجبها يحصل العامل الفلسطيني على إجازة العمل؛ لافتًا إلى أنه بالإمكان وضع شروط ومواصفات ومتطلبات سهلة للإجازة، يستطيع أن يلبيها العامل الفلسطيني، ومن ثم تتيح له الحصول السهل والمستدام على هذه الإجازة.
تجنب التعقيدات
وأكد منيمنة أنه، عمليًّا، معظم القوى اللبنانية السياسية متوافقة على ضرورة طرح مرسوم تنظيمي للقانون برضا وقناعة الفلسطينيين كي تحل هذه المشكلة خوفًا من مزيد من تعقيداتها.
وقال الوزير اللبناني السابق: تقريبًا، عبر المفاوضات الدائرة بين مختلف الأطراف توصلنا إلى حل كثير من النقاط، في حين بقيت نقطة أو اثنتان عالقتين تخضعان للنقاش والحوار، ونأمل أن تُحل كل الأمور العالقة قريبًا بوضع آلية لتطبيق القانون ومراعاة وضع الفلسطيني وخصوصيته في لبنان.
وذكر أنه لو افترضنا عدم حل لهذه المشكلة، وكانت هناك شروط تحول دون حصول اللاجئ الفلسطيني على حقوقه، بمعنى أن يصبح عاطلًا عن العمل، فإن ما يترتب عليه وأسرته وما ينتج من ردود أفعال لاحقا، ربما كل ذلك "يخدم المخطط الخارجي" المتمثل بـ"صفقة القرن" أو أي مشروع سياسي.
وعن تأكيدات مراقبين حرمان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من حقوق أساسية مدنية واجتماعية واقتصادية، قال رئيس لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني: نعمل على حل ذلك ضمن مساعي عمل اللجنة، وتفكيك هذه المسائل واحدة تلو الأخرى، والآن نريد الانتهاء من موضوع العمالة لننتقل لاحقًا للمسائل الأخرى.
وأشار إلى وضع "غير سليم" بالتعاطي مع الملف الفلسطيني، وهذا ما تعمل عليه لجنة الحوار منذ 2015 "بهدوء" وبطريقة متدرجة علها تصل لنتائج تلبي فعليًّا نظرة لبنان التاريخية والعميقة ودوره في احتضان المضطهدين دائمًا تحت أي سبب من الأسباب.
وقال: هناك مسائل لها علاقة بالحقوق المدنية والإنسانية للاجئ الفلسطيني يجب البدء بمعالجتها بعد الانتهاء من موضوع العمالة.
هجرة خارجية
وبشأن قول رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري: إن موضوع القرار بشأن العمال الفلسطينيين انتهى، أوضح منيمنة أن برِّي كان يقصد أن هذا الموضوع سينتهي بإيجاد حل ووضع مسار مقبول للحصول على الإجازة بطريقة سهلة.
وأعرب عن أمله في التمكن من الوصول لنتيجة يتوافق عليها الجميع مع وزير العمل اللبناني على تلك الآلية أو المرسوم التنظيمي للقانون الذي هو مدخل للحل.
وأشار إلى عدم وجود توافق لبناني لبناني على النظرة لقضايا اللاجئين الفلسطينيين، وهذا أحد العوائق التي تحول دون تمكينهم من ممارسة حياتهم العامة بشكل طبيعي وتوفير حقوقهم الإنسانية الكاملة، وتزداد المسألة صعوبة مع تراجع إمكانات وكالة "الأونروا" بسبب الضغوط الأمريكية عليها ضمن مشروع "صفقة القرن".
وبشأن عمل "الأونروا" في لبنان، قال منيمنة: إن هذه الوكالة كانت بالإجمال تؤدي دورها ولو بإمكانات أقل مما يجب، لكن في السنوات الأخيرة مع اشتداد الأزمة المالية وخاصة بعد وقف واشنطن مساهمتها في ميزانيتها تزداد الأمور صعوبة، داعيًا المجتمع الدولي والدول العربية والأوروبية إلى دعم برامج الوكالة الأممية.
وفي حين يتعلق باضطرار لاجئين فلسطينيين إلى الهجرة غير النظامية من لبنان، أوضح منيمنة، أنه بسبب التدهور الاقتصادي في المنطقة فإن عملية الهجرة قائمة وموجودة أيضًا عند اللبنانيين.
وأضاف أن نسبة هجرة الشباب اللبنانيين مرتفعة بحثًا عن فرص عمل، وأن هذه الهجرة موجودة أيضًا عند اللاجئين الفلسطينيين نتيجة الوضع المتردي اقتصاديًّا وحياتيًّا، وهناك شبكات تسهل هذا الأمر، منبهًا إلى أن الهجرة في ازدياد في العامين الماضيين، وهذا "واقع مؤسف".