قائمة الموقع

​"هيلانة" صديقة الأفاعي

2019-07-27T09:17:36+03:00
صديقة ومروضة الأفاعي هيلانة علي من مخيم جباليا شمال قطاع غزة (تصوير/ سامح ثري)

عندما كانت هيلانة الحاج علي في عمر العشرة أعوام فوجئت بثعبان طويل يزحف مسرعًا على درج بيتها الكائن في بلدة جباليا، شمالي قطاع غزة، فصرخت عاليًا بعدما دق قلبها بعنف مسموع كطبول الإعدام، وكادت الدماء تجف في عروقها من شدة الخوف.

تذكر هيلانة جيدًا ذلك اليوم الذي تجمع فيه الأهل والجيران لملاحقة الأفعى قبل أن ينقضوا عليها ويقتلوها، في حين كانت هي ترتعش خوفًا في حضن أمها.

لكنها لم تعتقد للحظة واحدة أنها ستصبح بعد سنوات طويلة صائدة أفاعٍ ومروّضة لها.

لقد دفعتها الحادثة إلى الولوج إلى عالم الأفاعي رغم ما يخفيه هذا النوع من الزواحف من مخاطر قد تكلف الإنسان حياته إن اقترب منها، أو أخطأ في التعامل معها، حتى وإن كان صائدًا أو مروضًا لها.

وبقدر ما كانت هيلانة تخشى الأفاعي وهي صغيرة، تبدو الآن وهي في عمر الـ33 عامًا، أكثر حبًا وتعلقًا بهذه المخلوقات التي تتنوع أصنافها وألوانها، حتى أنه لا يكاد يمر يوم دون أن تتفقد الأفعى البقلاوية "صديقتها" كما تصفها، التي دفعت ثمنها قرابة 100 دولار لاقتنائها قبل بضعة أشهر.

"رغم أن الأفعى كانت قريبة مني فإنها لم تلمسني أو تضرني بشيء" تقول هيلانة مستعيدة ذكريات مضى عليها 23 عامًا: "يومها والدتي قالت لي إنها تحبك؛ وهذا ما دفعني إلى التعرف إلى الأفاعي وأنواعها".

بمرور الأيام اكتسبت هيلانة معلومات واسعة عن عالم الأفاعي، وأصبحت تعرف الأنواع السامة منها وغير السامة ومعتدلة السم، مستفيدة من الوثائقيات التي تبثها الفضائيات، وما تتيحه شبكة الإنترنت من معلومات.

وذات مرة في أثناء وجودها في أرض للعائلة، شمالاً، اشتبهت بشيء كان يطل برأسه من جحر في الأرض، وأثار هذا فضول هيلانة، لتقترب وتكتشف أنه ثعبان "عربيد" ذو لون أسود.

للوهلة الأولى تذكرت ما كانت تسمعه عن هذا النوع من الأفاعي، بأنها تلف نفسها على الضحية وتخنقها حتى تكسر عظمها.

إلا أن هيلانة تقول إن كل هذه إشاعات، فهو غير سام، وهادئ تمامًا.

وبالفعل انقضّت على العربيد وأمسكت به، وكان أول ثعبان تمسكه في حياتها.

وتقول هيلانة في أثناء لقائها مع مراسل "فلسطين"، وهي تمسك عددًا من الأفاعي –بينها أفعى فلسطين وأفعى فئران وعدد من العرابيد– إن في فلسطين 24 نوعًا من الأفاعي، بينها 5 أفاعٍ سامة أشهرها أفعى فلسطين.

وكانت قد وضعت لاصقا على فم أفعى فلسطين، النوع السام الوحيد الموجود في قطاع غزة، من بين عدد كبير من الأفاعي، خشية سمها الذي قد يؤدي إلى وفاة إنسان بالغ إن حقنت سمها في جسده، ولم يجد المصل خلال ساعات قليلة.

وأصدر عربيد كانت تمسك به هيلانة فحيحًا عاليًا قبل أن ينقض على أصابع يدها ويغرس أسنانه فيها ما أدى إلى سيلان بعض الدماء، في حين كانت هي تداعبه بلطف، وتحكي لمن حولها: "لا تخافوا، إنه هادئ ولا يوجد فيه سم".

وكثيرًا ما أمسكت هيلانة بأحجام مختلفة من ثعبان العربيد، لكنها لم تحتفظ بها طويلاً، لما لها من فائدة للطبيعة والبيئة.

لكن عند التعامل مع أفعى فلسطين السامة فإنها تتخذ أقصى درجات الحيطة والحذر عند الإمساك بها، إذ تستخدم "قشاطة" تضعها في البداية على رأسها بقوة، قبل أن تقترب منها وتحكم قبضتها عليها.

وتقول هيلانة إنها تريد أن تصل إلى كل بيت في قطاع غزة (365 كيلومترا مربعا، ويقطنه أكثر من مليوني نسمة) لتوعية المواطنين بالأفاعي السامة، وغير السامة ومعتدلة السم أيضًا، وطرق التعامل معها، خشية الإصابات القاتلة، ولتفادي قتل المفيدة منها.

وتريد أيضًا نقل ما اكتسبته من خبرة لفئات جديدة من المجتمع، ولهذا بدأت بإنشاء صفحات لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر فئة من المجتمع.

اخبار ذات صلة