قائمة الموقع

روحانيات الحج استشعرها في بيتك إن حرمت أداءها في مكة

2019-07-25T09:58:19+03:00
صورة أرشيفية

حلم أداء فريضة الحج يراود نفس كل مسلم يؤمن بالله (تعالى)، وإذا لم يستطع أن يكون بين الحجيج يطوف حول الكعبة ويؤدي مناسك الحج؛ فإنه قلبه وعيونه تبقى معلقة بشاشات التلفاز التي تنقل هذه الفريضة على مدار الساعة لمن يحب أن يتابعها.

الأستاذ المساعد في الحديث وعلومه في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الأقصى د. محمد عوض ذكر أن كثيرًا من المسلمين توّاقون لأداء فريضة الحج، وتنخلع قلوبهم، لما تطالعهم على شاشات التلفاز مشاهد الكعبة المعظمة، والحجيج يطوفون حولها صباح مساء.

وقال في حديث لـ"فلسطين": "إن هؤلاء إن فاتتهم الفريضة في الميدان فإنهم يحرصون على ألا تفوتهم قلبًا ووجدانًا، فهي دورة تنشيطية للجهاز الروحي، الذي لولاه لهلك الجسم وذوى، ولم ينتفع صاحبه بسعادة ولا راحة داخلية".

وأضاف عوض: "من مظاهر هذه الروحانية أنه إذا ما أحرم الحجيج أحرمت قلوبهم، وسيجوها ليمنعوا الحرام من الاقتراب منها، وحصنوا أنفسهم بربهم من شياطين الجن والإنس، فإذا ما طالعهم بياضُها رأوا أن صفاء أرواحهم كفيل بأن يجعلهم متخففين من أدران الدنيا ومشاكسات أهلها".

وبين أن الإحرام حرمٌ وسورٌ ومناعة نفسية تجبر الشيطان على تعفير نفسه بالتراب ولطم جانبيه في حسرة مؤكدة، ليقبل المسلمون في بيوتهم طوّافين بقلوبهم ساعين إلى الله بأرواحهم، ليلتقي وجدانهم مع الحجيج في مناسكهم، ويستشعرون أنها صلاة تجعلهم أقرب ما يكونون من ربهم (سبحانه وتعالى).

وشدد د. عوض على أن المسلم يجب أن يستشعر أن مشهد الحجاج الذي كثّروا فيه "بياض" المسلمين إنما يدعوهم إلى تذكر أول منازل الآخرة، حيث الانخلاع من الدنيا والإقبال على الله كما لو كانوا مواليد أمس، يطوفون راضين واثقين، لا طبقية ولا تفرقة، ولا تفضيل ببياض ولا تأخير بسواد، كلٌّ واحد، والله ربنا المتوجه إليه واحد.

وأكمل: "أما إذا ما سعوا بين الصفا والمروة؛ كانت الصفا مجلبة صفاء ومدعاة لهناء ونقاء داخلي وتواصل، حيث يتلاقى أثير الساعين مع بركات هاجر المبادرة التي لم تعرف الاستسلام، التي علمتنا أن وضع الهدف والسعي الجاد من أجله وعدم القبول بواقع يمكن تغييره هي من أهم وسائل تحقيق ما نصبو إليه ونسعى إلى نواله".

وأفاد عوض أن فريضة الحج -وخاصة ارتقاء جبل عرفات- تعلم المسلمين أن ينظروا إلى الأمور بشمولية، وأن يحوطوها من جميع جوانبها، لاسيما العالم المتعولم الحداثي، الذي جعل العالم قرية صغيرة، إلا أن التواصل الحقيقي فيه بلغ أشده ولم يصل إلى رشده.

وتابع: "وإن عرفات معرفة؛ فلا يمكن الوصول إلى الذرى ولا معانقة العلا ولا تحقيق الريادة الحضارية، إلا إذا تسلحنا بالعلم والمعرفة، وذلّلنا الصعاب أمام كل من لديه القدرة الفاعلة على أن يكون عامل بناء حقيقيًّا في هذا السياق".

وأكد عوض أن كل ما سبق ليس بمغن عن رجم شيطان النفس الذي يأمر بالتسويف والإرجاء والتأخير، ويحض على الكسل ويدعو إلى الخمول والانتكاس، ويزين الفراش كرسي سيادة، ويخيل حيات الإغواء بركات تسعى، والشاهد هنا أن المرء ما أدرك أعداءه استعد لهم واستُفز، وجهز أدوات القتال، ولن يرضى بالدون، ولا التراجع، حتى ينجز مراد الله، وهو مقنع نفسه، راض عن أدائه.

وأوضح أن من مظاهر هذه الروحانية أن ذبح الهدايا والأضاحي يعلم المسلم أن ينحر هواه، وأن يتخلص من أحكامه المسبقة، ويتنظف من السلوك النفعي البحت في التعامل مع الآخرين، وأن يذبح معيقات الطريق التي تحول دون وصوله إلى رب العالمين.

وشدد عوض على أن النفير المختلف بين مختلف أركان الحجيج مشهد مصغر تدريبي على اللجوء إلى الله (تعالى) دون سواه، في الدنيا أو الحشر الآخر، وهو علامة على أن التكتل الجماعي لا يمكن للشيطان وأتباعه أن يخترقوا هذا المجال المغلق والمحصن.

ونبه إلى أن الله (تعالى) لا يضيع أجر من أحسن عملًا، ولا يترك من أقبل عليه وتوجه إليه بصدق ويقين، لاسيما أن الدعاء كلمة سر جعلها الله أسمى علاقات الوصال معه، لاسيما أنه جعل غير موجود حتى على المستوى اللغوي واسطة بينه وبين عباده الصادقين؛ فقال: "ادعوني أستجب لكم"، وهو الحاث الحاض أولياءه أن يتوجهوا إليه قانتين، فقال: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون".

اخبار ذات صلة