فلسطين أون لاين

طفلك بين "الشقاوة" و"الحركة المفرطة"؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

ربما لا تكاد الأم تفرق بين شقاوة ابنها وفرط حركته، يقفز ويجري ويخرب ويتسلق، لا يجلس مكانه أكثر من خمس دقائق، يعنف ويضرب ويصرخ، ترى كل ذلك وتعتقد أن ابنها شقي بزيادة، ومن حولها أيضًا يعززون ذلك بأن الذكور بطبعهم أشقياء، وحينما يكبر سيعقل.

هذه التسويغات لشقاوة الطفل تؤدي به إلى مستقبل مظلم، لأنه كلما كبر بالعمر تعمقت مشكلة اضطراب فرط الحركة لديه، وستؤثر في تحصيله الدراسي وإدراكه، ويلقى التهكم والسخرية من أقرانه، وسيشعر بأنه منبوذ، وتضعف شخصيته.

قالت الاختصاصية النفسية في مركز خان يونس للصحة النفسية كفاية بركة: "يوصف الطفل بالشقي حينما يكون لديه فضول في التعرف إلى كل شيء بالبيئة والناس المحيطة به، وحينما تزيد الشقاوة عن حدها تكون بفعل الدلع أو لجذب الانتباه".

وأضافت بركة لـ"فلسطين": "في سن ثلاث سنوات يبدأ حب الاستطلاع لدى الطفل، وهذا تصرف طبيعي، وأحيانًا يسعى إلى جلب منفعة، وهذا نتيجة أسلوب تعامل الأم مع طفلها، ومع ذلك يمكن السيطرة عليه، ويكون قادرًا على إنجاز أي مهمة".

ولكن متى يمكن أن نصفه بأنه يعاني اضطراب فرط الحركة، وليس شقاوة أطفال؟ أجابت: "يمكن أن يصاب الطفل الذكر بفرط الحركة فقط أو أن يرافقه تشتت انتباه، عندما يقوم بسلوكيات كثيرة ومزعجة وغير هادفة الجري والقفز بشكل ليس طبيعيًّا، يتلف ويبعثر الأشياء".

ونبهت الاختصاصية النفسية إلى أن من يعاني فرط الحركة دائم الهروب من المنزل حتى لا تلزمه أمه بمجموعة من الأنشطة والمهام، ويعارك الآخرين دون سبب ليفرغ الطاقة التي داخله، ويؤذي الحيوانات، ولا ينسجم مع إخوته، وغير متعاون مع الآخرين، وسلوكه أصغر من سنه.

وذكرت من أعراض فرط الحركة التي تظهر على الطفل: مص الأصابع وعضها، وتمزيق ملابسه، وأنه لا يتعب من أفعاله، وقد يسرق أدوات الآخرين، وكلامه غير واضح، ومشتت الانتباه، ولديه اندفاعية زائدة، عنيد ولا ينتظر دوره، ومن الصعب أن تسيطر عليه الأسرة، ويمل بسرعة، ويصرخ ويبكي ويضحك فجأة.

وأشارت بركة إلى أن فرط الحركة يصحبه ضعف انتباه وعدم تركيز، فلا يدرك العلاقة بين الأشياء، ومن الصعب أن ينجز أي نشاط، فلا ينجز أي شيء هادف في حياته، ومن السهل لأي شخص أن يقوده، ولا يعرف تنظيم المهام في حياته، اندفاعي عشوائي متكرر دون أي هدف.

ولفتت بركة إلى أن فرط الحركة يصيب الذكور أكثر من الإناث، ويدرك الأهل مخاطره في سن المدرسة، لأن من يعاني فرط الحركة يجد صعوبة في تأدية مهامه وواجباته، ولا يجلس في مقعده، ويهرب من الحصص الدراسية.

وعن كيفية علاج اضطراب فرط الحركة أجابت: "الطفل الشقي تستطيع الأسرة أن تعدل وتحسن من سلوكه، أما الطفل الذي يعاني اضطراب فرط الحركة فلا تستطيع السيطرة عليه إلا بعرضه على اختصاصي ومنحه العلاج الدوائي (ريتالين)".

وعزت بركة إصابة الطفل بفرط الحركة إلى مجموعة من الأسباب، وهي: زيادة كهرباء في الدماغ، وسلوكيات مكتسبة من البيئة أو ناتجة عن تعامل الأسرة السلبي مع الطفل، وإهمال الطفل وعدم تعديل سلوكه الخطأ.

وأكدت أن العلاج يكون بالتركيز على العلاج السلوكي بالأنشطة السلوكية لتزيد من انتباه الطفل وتقلل من حركته، واللعب بالمكعبات، وأنشطة فرز الأرز وتلوينه.