لا تزال محاولات القيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان من خلال الأنشطة والفعاليات السياسية التي ينظمها ولا يزال مستمرة، للإبقاء على نفسه في المشهد السياسي الفلسطيني، لكن مراقبين يرون أن دحلان نفسه يعلم جيدا صعوبة تحقيق هذا الأمر نظراً لوجود موقف وقرار نهائي من قبل رئيس حركة فتح (رئيس السلطة) محمود عباس بإنهاء علاقته التنظيمية بفتح، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بالإمكان إحداث أي اختراق في هذا الموقف.
وقال دحلان أمام أكثر من 500 شاب فلسطيني حضروا من قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وأوروبا، وشاركوا في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الشباب الأول، الذي انعقد في العاصمة المصرية القاهرة مؤخراً واستمر لثلاثة أيام: "إن فلسطين تمتلك الوسائل التي ستمكنها في المستقبل من تسخير المقاومة بكل أشكالها المبدعة لإجبار (إسرائيل) على احترام حقوق الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أهمية دور الشباب الفلسطيني في الشراكة السياسية".
وفي مقدمة مؤتمرات ربطها مراقبون بدحلان، انعقد في 17 أكتوبر/ تشرين أول الماضي مؤتمر حضره 100 شخص، بتنظيم من المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط في منتجع "العين السخنة" في مصر، حول الواقع السياسي للقضية الفلسطينية، تلا ذلك مؤتمر اقتصادي في السابع من نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، حضره رجال أعمال من غزة.
شرائح مختلفة
يقول المحلل السياسي تيسير محيسن: "إن معظم المؤتمرات التي عقدت بتمويل من دحلان بالقاهرة، تناولت قطاعات وشرائح مختلفة من الجمهور الفلسطيني من الإعلاميين والتجار والشباب"، موضحا أن ذلك استهداف له قيمة من ناحية تعزيز وإظهار اهتمامه بهذه الشرائح بشكل جيد، خاصة أنه عندما يفرض مؤتمرا لكل شريحة، يجعل ذلك له قيمة أكبر.
وذهب للإشارة إلى المساعدات التي يقدمها دحلان لشرائح معينة كتوزيع مساعدة مالية لأبناء الشهداء المتميزين بالجامعات الفلسطينية.
وحول الذي يمكن أن يقدمه دحلان بشكل مختلف عن ما قدمه عباس، رأى محيسن أن دحلان يحاول تمييز نفسه بقيم إنسانية، ويتحدث عن أن همه الوحيد هو معالجة ما آلت إليه الأمور للناس بالقطاع، متابعاً: "دحلان يعتقد أن ذلك يمكن أن يلقى قبولا في القطاع ومن خلال ذلك يمكن أن يعبر المشهد السياسي".
إلا أن محيسن ذكر أن دحلان ليس لديه أي توجهات جديدة ومختلفة عن توجهات عباس تجاه كل الملفات، لكنه بين أن الأول لديه طموح عال بالوصول لرئاسة السلطة الفلسطينية، وذلك منذ زمن عرفات، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش قد استقبله بالبيت الأبيض ومدحه، لكن الظروف الحالية أقسى وأقوى من أن تمكنه من تطبيق جزء من طموحاته.
وما زال دحلان، وفق المحلل السياسي، في مكان الحلم، ويعلم أن هناك صعوبات ليست سهلة، موضحا أنه حتى لو حدث فراغ في حركة فتح برحيل عباس فإن القيادة الفتحاوية الأخرى لن تسمح لدحلان أن يستعيد حضوره التنظيمي- وفق المحلل السياسي.
وتابع: "الموضوع، لم يعد أمرا شخصيا بين دحلان وعباس وإن كان الخلاف بينهما بدأ شخصيا"، مبينا أن عباس استغل الأمر واستطاع أن يصنع موقفا تنظيميا بفتح تجاه دحلان وأن يطوع القضاء والسلطة بالتماشي مع موقفه، لكن ما يهم دحلان هو غزة التي لم تمثل بالشكل المطلوب في انتخابات اللجنة المركزية لفتح، وقال: "ما دامت حماس تضع خطا أحمر لعودته لغزة، فإن طموحه يبقى حلما".
انتظار الفرصة
لكن المحلل السياسي عمر عساف يخالف رأي محيسن في هذا الجانب، مبينا أن دحلان ينتظر الفرصة المناسبة والفراغ ليحل محل عباس، مدللا على كلامه أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات حاول أن يجعل قيادة فتح تناهض محمود عباس، إلا أن التجربة أثبتت أن تلك المناهضة كانت ظاهرية، لأن عباس تولى رئاسة السلطة، وهو يقوم الآن بذات الدور ضد دحلان.
وقال عساف لصحيفة "فلسطين": "إن محمد دحلان نظم مؤتمرات مختلفة بترتيب مباشر منه، بهدف أن يبقى عنصرا فاعلا على الحلبة السياسية، خاصة بعد إقصائه من المؤتمر العام السابع لحركة فتح في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، ومساندة عدد من أعضاء التشريعي بكتلة فتح البرلمانية له".
وبين أن هناك مساندة إقليمية لمحمد دحلان من قبل مصر والإمارات، تجعله فاعلا على الساحة السياسية الفلسطينية، مع وجود دور فاعل له في غزة.