في ظل التحديات التي تعصف بمنظومة القضاء الفلسطينية والتي أفقدت المواطن ثقته بها، ودعمًا لجهود استقلال القضاء، عقد الائتلاف الأهلي لإصلاح القضاء وحمايته، مؤتمرًا شعبيًا في مطلع يوليو الجاري عنوانه "معاً لإصلاح منظومة العدالة وتوحيدها في فلسطين"، حضره مئات الشخصيات القانونية والقضائية والمجتمعية الفاعلة المهتمة بالشأن القضائي.
كانت أبرز مخرجات هذا المؤتمر وفقًا للائتلاف، تهيئة المناخ العام لإصلاح القضاء من خلال الدعوة إلى إجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية، تضمن وجود جسم أصيل مختص بالتشريعات عامة والمتعلقة بالقضاء بشكل خاص، وإقرار التشريعات القادرة على تحقيق إصلاح جذري في السلطة القضائية.
بالإضافة لضرورة توقف السلطة التنفيذية عن أي تدخلات في الشأن القضائي، واحترام القانون في إجراءات تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى وباقي الوظائف القضائية العليا، وكذلك توقف القضاة عن سياسة إعاقة أي محاولات إصلاحية لمنظومته، وإتاحة المجال أمام الجمهور للتعبير عن رأيه في الشأن القضائي، دون تشويه أو تخويف أو تخوين.
كما فوّض المؤتمر فريقا مجتمعيا من المشاركين بمهمة متابعة تنفيذ الرؤية المجتمعية لإصلاح القضاء، آخذا بعين الاعتبار المشاورات المجتمعية الجارية بشأن القضية، ومن ثم إعداد مقترح تفصيلي للإنقاذ.
ويضمن الائتلاف الأهلي في عضويته 28 منظمة أهلية مختصة بالشأن القضائي وحقوق الإنسان.
مشاكل وتحديات
مدير عام مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، عصام العاروري، وأحد أعضاء المؤتمر الشعبي، أكد وجود إجماع لدى كل العاملين في السلك القضائي الفلسطيني على وجود مشكلات جدية في الجهاز، وأن استمرار عمله بوضعه الحالي سيخلف نتائج صعبة.
وبين لصحيفة "فلسطين" أن استمرار الانقسام في الجهاز القضائي ووجود مجلسين مختلفين في الضفة الغربية وقطاع غزة، هو أحد مظاهر تلك المشكلات.
وأشار إلى أن ملاحظات عديدة وضعت خلال نقاشات دارت على فترات مختلفة بشأن فاعلية القضاء الحالي واستقلاليته، كان آخرها تشكيل رئيس السلطة محمود عباس لجنة وطنية لدراسة وضع القضاء.
وذكر العاروري أن اللجنة قدمت تقريرها قبل عام من الآن "لكن لم يحصل أي تغيير ولم يتم العمل بأي من توصياتها، لذلك نحن بحاجة لوجود رؤية مجتمعية حول إصلاح جهاز القضاء لضمان أن يكون فعالا أكثر".
ونوه إلى أن المستوى الرسمي قاطع المؤتمر الشعبي لإصلاح القضاء، فلم يحضر ممثل عن مجلس القضاء ولا النيابة رغم دعوتهم رسميَّا، "فكان تقدير أعضاء المؤتمر بأن المستوى الرسمي يشعر بالريبة من المؤتمر معتقدًا أن هدفه التهجم على القضاء، فكانت الرؤية تشكيل لجنة لعقد لقاءات مع الجهات المختصة لتوضيح الفكرة وفتح حوار مجتمعي".
وأشار العاروري إلى أن أحد القضاة شبه المؤتمر الشعبي بـ"مؤتمر البحرين"، هو أمر يصل إلى حد التخوين، واتهام مبطن لأعضاء مبادرة إصلاح القضاء خارجين عن الصف الوطني ويتآمرون على القضية الفلسطينية.
وقال العاروري: "هذه لغة غير مقبولة ولا تساعد على تحسين الأوضاع التي تمس حياة كل المجتمع".
وزاد: "يجب على القضاء الاستماع لأي انتقادات ما دام هدفها المصلحة العامة، حاليًا نحن بصدد وضع الإجراءات وتحديد المواعيد لعقد لقاءات ثنائية مع كل الجهات ذات العلاقة، وبناء عليها سنضع خطوطًا عريضة لخلق مناخ إيجابي يجري على أساسه الحوار مع المنظومة القضائية".
ووفقًا للعاروري، فإن مطلعين على أحوال القضاء الفلسطيني يقولون: إن الجهاز بتركيبته الحالية غير قادر على إصلاح نفسه من الداخل، الأمر الذي يتطلب تدخلًا مجتمعيًا، فكان الاقتراح بتشكيل فريق وطني محايد ينظر في هذا الأمر.
وشهد السبت الماضي الاجتماع الأول للفريق المجتمعي الذي فوضه المؤتمر الشعبي لإصلاح وتوحيد القضاء بمهمة إعداد مقترح تفصيلي لإنقاذ القضاء ومتابعة تنفيذ توصياته في مقر الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء في مدينة رام الله.
من جهته, يرى رئيس مجموعة الحق والقانون الفلسطيني غاندي ربعي، أن عملية الإصلاح يجب أن تتم بقواعدها الأساسية متمثلة بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، حتى ما تكون كل القرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية قرارات بقانون، في ظل غياب المجلس التشريعي.
وقال ربعي لصحيفة "فلسطين": "يجب التركيز على إعادة شرعية النظام السياسي الفلسطيني ككل، من خلال إجراء انتخابات حرة وديمقراطية، بموجب هذه الانتخابات يتم وضع قوانين معبرة عن إرادة الشعب".