يستخدم الاحتلال الإسرائيلي في إطار حربه المتواصلة على الشعب الفلسطيني عامة وقطاع غزة خاصة أساليب متعددة من شأنها أن تفت في عضده وتضعف من مقاومته، ومن هذه الأساليب القذرة الحرب النفسية التي ترافق عمليات الاحتلال العسكرية وفي أوقات السلم والهدوء، فقد تزامنت التهديدات الجديدة التي أطلقها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضد قطاع غزة، مع تزايد مؤشرات التصعيد والحرب والضغط، في ظل انغلاق كل أفق أمام حل الأزمات الإنسانية والمعيشية التي يعيشها مليونا فلسطيني في القطاع الساحلي المحاصر منذ 12 سنة.
ورغم تلويح نتنياهو بالحرب، فإن الواقع الحالي يشير إلى أن جزءاً من خطابه التهديدي يعود إلى قضايا داخلية في دولة الاحتلال، بينها إمكانية الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة، تظهر استطلاعات الرأي أن حزب "الليكود" قد يتقدم فيها بشكل كبير على الأحزاب المنافسة، وكذلك رغبة منه في تصعيد الحرب النفسية، والضغط على مختلف الأطراف لإبعاد شبح الحرب المقبلة في ظل الاهتمام الإسرائيلي بجبهات أكثر أهمية من القطاع وورطة السياسة الداخلية أهمها الانتخابات وتشكيل الحكومة وقانون التجنيد ..الخ.
إن الحرب النفسية التي يشنها الاحتلال لم تتوقف عند هذه التهديدات وهذا التصعيد على الحدود بإجراء المناورات العسكرية المتكررة تحاكي اجتياح قطاع غزة، وإنما تشمل ايضا الضغط من الجو والبحر حيث تشهد أجواء قطاع غزة منذ أيام حشداً لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية، التي يبدو من عملها المكثف المزعج لزيادة الضغط النفسي على الفلسطينيين والنيل من صمودهم في وجه الاحتلال والحصار.
لكن ما يخشاه نتنياهو، في غمرة هذا الوضع المأساوي في القطاع، هو أن تبادر المقاومة الفلسطينية بالذهاب نحو عملية عسكرية "نوعية" تفقد جيشه عنصر المبادرة، كما كانت في الحروب الثلاث الماضية التي شُنت على القطاع، وهو ما يعني تمكنها من امتصاص أي ضربات تأتي بعد ذلك بأقل الخسائر في صفوفها وفي تجهيزاتها العسكرية، لذلك يريد من وقت لآخر إرسال رسائل تهديد الهدف منها اللعب على العامل النفسي لا اكثر ولا اقل وهذا ليس جديدا في نهج الاحتلال لكسب مزيد من الوقت لصالحه يساعده في تنفيذ مخططاته كبناء الجدار على حدود القطاع، فقد شكل جيش الاحتلال وحدة خاصة للحرب النفسية للعمل ضد الفلسطينيين وخصوصاً في قطاع غزة الذي يتعرض للعدوان من فترة أخرى، وتتعدد أساليب الحرب النفسية التي يستخدمها العدو الصهيوني ومنها:
– نشر الإشاعات: وخصوصاً التي تبث الخوف في صفوف المواطنين وتزعزع الجبهة الداخلية، مثل نشر إشاعة اقتراب الحرب والتفصيل في ماهيتها وكيف ستكون وما النتائج التي ستخلفها.
– فرض الحصار وإغلاق المعابر: بالإضافة إلى تأثيراته الاقتصادية والمعيشية على حياة المواطنين، فإن الحصار يعتبر أداة من أدوات الحرب النفسية حيث ينفر المواطنين من المقاومة ويضعف صمودهم في مواجهة الاحتلال.
– العملاء: يعتبر العملاء أداة المحتل الفاعلة في تنفيذ الحرب النفسية على أرض الميدان فهم من يقومون بنشر الإشاعات ويخربون النسيج المجتمعي بعمالتهم، ويحطون من معنويات الناس قبل وبعد المواجهة.
– الحرب النفسية الإعلامية: وهي مكملة للحرب العسكرية، حيث يستغل الاحتلال إعلامه المرئي والمسموع والمقروء ويوجهه بما يخدم مصلحته العسكرية، بالإضافة إلى اختراق وسائل إعلام المقاومة وتشويه المقاومة من خلالها، وبث رسائل التهديد والوعيد.
– التهديد والوعيد باستخدام القوة العسكرية المفرطة، والتلويح باستخدام أسلحة غير تقليدية في المواجهة القادمة، مما ينشر الرعب والخوف في صفوف المواطنين.
-إجراء المناورات العسكرية بين السفينة والاخرى التي تحاكي اجتياح قطاع غزة والحشود العسكرية على حدوده وإطلاق الطائرات المسيرة المعروفة باسم "زنانات" للإزعاج وترهيب السكان.
ولمواجهة الحرب النفسية فإني أنصح بالتالي:
– الإيمان بالله والتوكل عليه فالمؤمن إيمانا كاملاً لا يخاف التهديد والوعيد ولا يرهب وليس جبانا رعديدا.
– الحرب النفسية المضادة فكما يعمل الاحتلال على إخافتنا يجب أن نعمل في المقابل على إخافته وإرعابه، وإقناع مجتمعه بضعفه، وبث الشك تجاه جيشه وقيادته.
– التوعية المستمرة لرجال المقاومة والمواطنين بنوايا الاحتلال وأهمية الدفاع عن الوطن.
– عدم مساعدة الاحتلال في حربه النفسية من خلال تناقل الإشاعات التي تضر بأمن المقاومة، والتأكد من المعلومات المنقولة، وتلقي المعلومات من مصدرها الرسمي.
– الوحدة والترابط بين رجال المقاومة والمواطنين العاديين لمواجهة حرب الاحتلال النفسية.