قائمة الموقع

​الجندي "منغستو" في غزة.. نموذج لعنصرية (إسرائيل) تجاه جنودها

2019-07-14T10:12:28+03:00
صورة أرشيفية

حين وقع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط أسيرًا في يد المقاومة الفلسطينية بغزة عام ٢٠٠٦م، ألحت حكومات الاحتلال المتعاقبة في طلب تحريره، وأبدت استعدادات متكررة لإجراء عملية تبادل أسرى، ولم تتوان في دفع الثمن المطلوب، في حين مضت سنوات عدة على أسر المقاومة الجندي أبراهام منغستو، ذي الأصول الإثيوبية، دون أي مطالبة إسرائيلية به.

ويرجع ذلك لأن شاليط يعود لأصول فرنسية، في حين أن منغستو من أصول إثيوبية ومن طائفة الفلاشا، وهي ملحقة باليهود ولا يعترف بيهوديتها بعض الحاخامات من ذوي النفوذ في المجتمع الإسرائيلي العنصري.

وأسرت المقاومة بغزة منغستو عام 2014م، وسمحت الرقابة الإسرائيلية في تموز (يوليو) 2015م بنشر نبأ اختفائه بعد تسلله من السياج الفاصل شمالي قطاع غزة.

ويرى مختصون هذا الإهمال المتعمد من حكومة الاحتلال طبيعيًّا داخل مجتمع عنصري، مكوّن من خليط جنسيات متباينة اللغة والتراث والأخلاق، ومن الطبيعي أن تسعى مكوناته إلى السيطرة على "الدولة" بكل الطرق المشروعة كالانتخابات وغير المشروعة كالمؤامرات.

الباحث في الشؤون العسكرية رامي أبو زبيدة أوضح أن ثمة تباينًا واضحًا في تعامل الاحتلال مع شريحة الإثيوبيين في المجتمع الإسرائيلي وغيرها.

وقال أبو زبيدة لصحيفة "فلسطين": "إن حجم الضخ الإعلامي والهوس الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي بمجرد جرح جندي من (الأشكناز) أو (السفرديم) أو اختطافه، كبير جدًّا، إذ تقلب الدنيا رأسًا على عقب، ويرتعد المجتمع خوفًا عليهم، في حين اختفى منغستو وغيره من الطبقات الأخرى فلم نلحظ أي اهتمام من حكوماتهم".

وبيّن أن الاحتلال حاول منذ البداية إخفاء قصة منغستو، حين توجّه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مباشرة لذوي الجندي الإثيوبي، طالبًا منهم الامتناع عن الحديث في قضية اختطاف ابنهم في وسائل الإعلام.

وأكمل: "هذه دلالة واضحة على عنصرية (إسرائيل) وتفرقتها في التعامل بين الإثيوبيين وغيرهم في المجتمع الإسرائيلي"، مضيفًا: "حتى في عمليات التفاوض كما أعلنت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس إن الاحتلال لم يطرح في أي مرة قضية منغستو، وفي ذلك دلالة على عدم اكتراث (إسرائيل) لهذه النوعية من البشر داخل مجتمعها، وأنها تستخدمهم مجرد أدوات في مواجهة العرب، ولا وزن ولا قيمة لهم داخل مجتمعهم".

ولفت أبو زبيدة إلى أن جيش الاحتلال يفرّق بين الطوائف في الرتب والمناصب العسكرية المنوطة بالجنود، إذ إنه لم يلحظ من قبل وصول إثيوبي إلى مناصب متقدمة في الجيش خصوصًا، وفي كيان الاحتلال عمومًا.

وأضاف: "لأن هذه الطبقة لا تأثير لها في الرأي العام الإسرائيلي، يحاول الاحتلال أن تكون خسائره البشرية منها، فيضعها في مقدمة الصفوف في المواجهات؛ فهي لا تؤثر في الجبهة الداخلية، ولن تطيح بالقيادة السياسية أو الحكومات المتواترة".

دلائل العنصرية

من جهته أكد المختص في الشأن الإسرائيلي عليان الهندي أن (إسرائيل) تميّز في تعاملها مع جنودها الأسرى، فهي عملت بكل قوة على استعادة الجندي "حنان تننباوم" من حزب الله اللبناني عام 2004م، و"شاليط" من كتائب القسام عام 2011م، لكنها لم تكلف نفسها التفاوض أو الحديث عن الجندي الإثيوبي منغستو.

وقال الهندي لـ"فلسطين": "إن الاحتلال يتعامل بكل حساسية فيما يتعلق بالجنود الأسرى، ويفضّل قتلهم على أسرهم؛ بدليل وجود قانون "حنبعل" العسكري الذي يقضي بقتل الخاطف والمخطوف".

وأوضح أن (إسرائيل) سعت بقوة إلى استعادة "تننباوم" من حزب الله؛ لأنه مهم لها، لكونه صاحب منصب في الجيش، وكانت ترى أنه لم يؤسر في معركة، وهي تدرك أنهم تجار مخدرات، وكذلك عملت بقوة على استعادة "شاليط" لأنه ذو أصول فرنسية.

وتابع: "(إسرائيل) تعد الإثيوبيين أشخاصًا متخلفين وبحاجة لمدة طويلة جدًّا من أجل تهيئتهم، وبحاجة لثقافة وتعليم حتى يصبحوا بشرًا، وهذا لحظ حين أتى اليهود الروس الأراضي المحتلة، إذ كان التعامل معهم مختلف تمامًا مقارنةً بالإثيوبيين الذين لم يُمنحوا حتى فرصة التعليم مساواةً ببقية الطوائف، ما يجعلهم دائمًا في ذيل القافلة داخل الجيش".

ولفت الهندي إلى أن منغستو ليس الجندي الوحيد لدى المقاومة الفلسطينية الذي لم تطالب به (إسرائيل)، فهناك قصاص الأثر في جيش الاحتلال هاشم بدوي السيد اليهودي من أصول عربية، وهو شاهد أيضًا على عنصرية الاحتلال والتفرقة بين جنوده.

ويرى أن الاحتلال مستعد للتفاوض على كل الجنود الأسرى لدى المقاومة، لكنه سيدفع الثمن مقابل الجنديين الإثيوبي والعربي أقل مما سيدفعه مقابل غيرهما من الجنود البيض، وفق قوله.

اخبار ذات صلة