قائمة الموقع

"مواقد الذرة".. رزق موسمي ينعش جيوب فقراء بغزة

2019-07-10T09:32:31+03:00

تجدهم على المفارق الرئيسة بغزة ينتشرون بكثرة يشعلون النيران تحت القدر (وعاء كبير) يغلون فيها المياه، ليصنعوا في الشوارع وجبة الكبار قبل الصغار الشهية التي تتميز برائحة جميلة ومذاق رائع، فهي كحبات اللؤلؤ الأصفر الصغيرة التي يهجُ بريقُها من بعيد وتجذب المارة.

وفي كل يوم خلال فصل الصيف، يضع بائع الذرة محمود إبراهيم مظلته على ناصية شارع البحر، ويوقد النار تحت وعاء الذرة.

ويبدو اللهب المتطاير من تحت الموقد كلون الشفق الخافت من خلف البائع الذي أخذ يقلب "الأكواز" المرصوصة فوق موقد الشواء، وحوله زبائن ينتظرون الحصول عليها.

محمود هو واحد من بين عشرات الشبان الذين يفتح لهم الصيف أبواب العمل في مهنة بيع الذرة، للإنفاق على أسرهم البائسة في هذا الوضع الاقتصادي الصعب، الذي يعيش فيه أهالي قطاع غزة في المدة الأخيرة.

يقول العشريني إبراهيم، وهو يقلب أكواز الذرة الصفراء داخل وعائه ويبتسم: "قلة فرص العمل، ووضعي المادي الصعب يجبرانني على العمل في أي مهنة لتوفير مصروف البيت، فأنتظر بشغف موسم الذرة لبيعها إلى زبائني".

ويضيف لمراسلة "فلسطين": "هذه السنة الرابعة التي أعمل فيها ببيع الذرة على شاطئ البحر، وهو أفضل بكثير من الجلوس في البيوت، فالبيع يُعلم الصبر، والإيمان بقدر الله، والسعي إلى الرزق، ويعرفنا طبيعة وأنواع البشر".

ويلجأ الشاب إبراهيم إلى إشعال موقده بورق الكارتون والأخشاب لتجاوز أزمة نقص غاز الطهي وتجنب التكاليف، مع تواضع ما يجنيه من بيع الذرة، وفق قوله.

ويكمل حديثه: "تستهوي رائحة الذرة المسلوقة والمشوية جميع المارة الذين يبادرون بشرائها لهم ولأطفالهم، خاصة أنها رخيصة الثمن".

وعلى الجانب الآخر يقف المواطن أبو مؤمن الهور البالغ من العمر (32 عامًا)، وهو معيل لـ5 أطفال، وكان منهمكًا في إشعال النيران، وينادي بأعلى صوته: "الذرة المسلوقة يا حبايب الذرة"، في محاولة منه لجذب الأطفال والمارة، موكدًا أن البيع ضعيف ولا يلبي طموحاته واحتياجاته.

الهور كان يعمل في السابق نجارًا، توقف عن العمل منذ ثلاث سنوات لعدم توافر الإمكانات، قال لـ"فلسطين": "منذ أن توقفت عن عملي في النجارة في كل صيف أبيع الذرة، أشتري كل يوم 4 "كراتين" بسعر 10 شواكل، كل علبة فيها ما يقارب 19 كوزًا".

وفيما يتعلق بالمحافظة على الذرة من الغبار وعوادم السيارات قال الهور: "كما أحافظ على أطفالي أحافظ أيضًا على أبناء الناس؛ فصحتهم همي، أحاول قدر الإمكان أن أبقي القدر مغلقة لكي لا تتلوث الذرة بما يجول في الهواء من تلوث"، لافتًا إلى أنه في بعض الأوقات يضع الذرة في "كيس نايلون أبيض"، ليحفظها من الغبار وعوادم السيارات، عندما يشتريها الأطفال لينقلوها إلى البيت.

وتقول أم سالم أبو ملوح: "إن أطفالي يحبون الذرة كثيرًا، ولا يمكن المرور من أمام إحدى العربات إلا ويشترون منها، وأجلب كمية منها لأكلها في المنزل".

وتبين أم سالم أن ما يدفعها إلى شراء كميات زائدة هو أنها أوفر سعرًا عندما تشتريها جاهزة، بدلًا من شراء كمية منها، وسلقها في المنزل، في الوقت الذي تحرص فيه على عدم التبذير في الغاز.

ويبدأ بائعو الذرة عملهم في ساعات الصباح الباكر، وتغيب وجوههم عن مناطق بيعها، مع حدود الساعة الثانية عشرة ليلًا، ليعودوا في اليوم التالي يكررون هذا "الروتين".

اخبار ذات صلة