تأتي الرياح على الاحتلال الإسرائيلي بما لا يشتهي قادته السياسيين والعسكريين والأمنيين الذين تلقوا صفعة قوية على يد المقاومة الفلسطينية، في عملية أمنية استخباراتية معقدة، شرقي خانيونس حينما تسللت قوة إسرائيلية خاصة إلى القطاع في 11 نوفمبر/ تشرين ثاني من العام الماضي.
العملية التي نجحت كتائب القسام في إفشالها، أطلقت عليها المقاومة "حد السيف"، والتي لا زالت تفاصيلها تتكشف يومًا بعد آخر، إذ أقر الاحتلال أمس بتقرير رسمي فشلها في تحقيق أهدافها بعد تحقيقات داخلية.
وفي التقرير الذي أدلى ببعض من تفاصيله قائد أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي، أكد أن تحليل تسلسل الأحداث أظهر وجود عدة أخطاء وثغرات أدت لانكشاف القوة من بينها: أخطاء عملياتية وأخطاء خلال الاستعدادات، مشيرًا إلى أن مهمة القوة لم تُنفذ.
في هذا السياق يرى محلل الشؤون الإسرائيلية د. عدنان أبو عامر، أن نشر نتائج التحقيق دليل على الفشل المدوي لقوة "ساييرت متكال" الإسرائيلية.
وقال أبو عامر: "المعطيات تشير أننا أمام استقالات لاحقة بجهاز الاستخبارات بسبب الإخفاقات التي دكت المنظومة الأمنية الإسرائيلية التي تخترق الوطن العربي شمالاً وجنوباً، لكنها تعثرت بغزة، ومرغ أنفها في ترابها!".
أما الباحث في الشؤون العسكرية، رامي أبو زبيدة، فقال: "حد السيف انتهت مع المقاومة على غير ما تشتهي (إسرائيل) وترجوه، وعلى غير حساباتها، وعلى الرغم من أن مشهد التغير والتبديل والاستقالات يعتبر عنصر إيجابي في استخلاص العبر وتطوير الأداء لدى الجيوش والوحدات العسكرية".
وأضاف أبو زبيدة: "باستيعاب الجيش الإسرائيلي لعديد الاستنتاجات لحروب ومعارك سابقة وخاصة دروس الأرض نلحظ وجود العديد من الثغرات والفجوات في عملية التعلم والاستجواب واستخلاص الدروس وتطبيقها".
ولفت إلى أن هذه الفجوات ليست موجودةً على المُستوى الاستراتيجيِّ فقط، ولكن أيضًا في العمليّات التَّكتيكيَّة الميدانية.
وأردف بالقول: "فوجئَ الجيشُ الإسرائيليُّ مرارًا وتكرارًا خلال مواجهته فصائل المقاومة، وكانت المفاجأةُ بسبب الفرق بين المعرفة والفهم، وصعوبة استيعاب أهمِّيَّة التَّهديد، وعدم استعداده لذلك، ونلحظ بعد كل عمل عسكري يخوضه الجيش الصهيوني يعلق العسكريون بالجيش "لقد تم دراسة العملية واستخلاص الدروس المستفادة منها ونعمل الآن على تنفيذها".
ورأى أبو زبيدة أن هناك فجوة كبيرة لدى الاحتلال الإسرائيلي بين الاعتراف بالتهديد وفهمه واستيعابه أثناء القتال، قائلًا: "فهناك فجوةٌ بين النَّظرة السّائدة والواقع في ميدان القتال، وهناك منافسةٌ بالتَّعلُّم واستخلاص الدروس المستفادة، وتقدير الموقف، وأخذ العبر بين جيش الاحتلال وقوى المقاومة".
مفاجأة الاحتلال
وأشار إلى أن عملية "حد السيف" أثبتت قدرة المقاومة على مفاجأة العدو ويقظتها واستعدادها وأنها في حالة دفاع عن النفس وتؤدي واجبها برد العدوان عن شعبنا، ولديها الشجاعة والجرأة على الرد وتثبيت المعادلات التي رسختها بالميدان.
وأكد قدرة المقاومة على تحطيم رغبة العدو الاستمرار بالعدوان على الشعب الفلسطيني وقدرتها على تحقيق المفاجأة والمحافظة على زمام المبادرة.
وعن اعتراف كوخافي بأن حماس نجحت في السيطرة على وثائق عسكرية ومعدات وأجهزة للقوة الخاصة الإسرائيلية، قال أبو زبيدة: "هذا الاعتراف يثبت مصداقية قيادة المقاومة وهنا نذكر ما تحدث به رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في مهرجان انطلاقة حماس 31 أن "هناك ذخر أمني وفني كبير ومهم بين أيدي مهندسي كتائب القسام".